Logo dark


الحلقة الثالثة . كشف الحقائق لمفاوضات السلام اليمنية..السفير عبد الإله حجر

( سفير سابق وعضو الوفد الوطني إلى المفاوضات في جنيف والكويت , )

تنفيذاً لما كنت قد وعدت به في مقالتي الأولى، التي ركزت فيها على دحض الدعاوى والأكاذيب حول المخفيين قسرياً.. وعدت بكشف الحقائق حول جولات مفاوضات السلام اليمنية، وبعد أن كنت قد سجلت في مقالتي الثانية: خفايا دهاليز الجولة الأولى للمفاوضات في جنيف..؛

 يأتي هذا المقال الثالث ليوضح أهم ما حدث في الجولة الثانية والتي عقدت بالتحديد في منشأة أولمبية خاصة في قرية ماكولين الواقعة في مدينة بييل السويسرية في 15 ديسمبر 2015.

تميزت هذه الجولة بعدة أمور أهمها الإعلان عن هدنة أعلنها هادي - الرئيس المستقيل والمنتهي أيضاً ولايته - لمدة سبعة أيام بدأت قبل ساعة من عقد الجلسة الأولى والتي اجتمع فيها ولأول مرة الوفدان اليمنيان المتفاوضان على طاولة التفاوض وجهاً لوجه؛ بوجود ممثلي الأمم المتحدة، وكانت قد تغيرت تشكيلة الوفدين عن تلك التي كانت في جولة جنيف بتحديد عدد ثمانية أعضاء لكل وفد وأربعة مستشارين، ولغرض التوثيق موضحا ًأدناه أسماء كلا الوفدين؛

أولا - أعضاء الوفد الوطني القادم من صنعاء:

عارف الزوكا، محمد عبدالسلام، ياسر العواضي، مهدي المشاط، د. أبوبكر القربي، حميد عاصم، فائقة السيد، سليم المغلس .

المستشارون :

يحي دويد، ناصر باقزقوز، خالد الديني، عبد الإله حجر.

 ثانياً أعضاء الوفد اليمني القادم من الرياض :

عبدالملك المخلافي، عبدالعزيز جباري، محمد السعدي، أحمد بن دغر، خالد باجنيد، ياسين مكاوي، محمد العامري، عزالدين الأصبحي.

المستشارون :

 شائع محسن، نهال العولقي، عبدالله العليمي، معين عبد الملك .

ألقى المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد كلمة افتتاحية ركز فيها على تكثيف الجهود للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم وشامل والخروج بإطار عام لاتفاق شامل يحقق هدف إنهاء النزاع المسلح وإعادة البلاد إلى مسار سياسي سلمي منظم وفقاً لقرار 2216 وقرارات أخرى ذات صلة، كما حث الطرفين على توفير الخدمات الأساسية الملحة للشعب اليمني، وطالب باتخاذ تدابير بناء الثقة بإطلاق سراح المسجونين .

وتحدث عبد الملك المخلافي رئيس الوفد اليمني القادم من الرياض قائلاً إنهم أتوا إلى المفاوضات من أجل السلام ولتجنب الوضع المأساوي في اليمن، وأنهم سيعملون بكل جد لنجاح المشاورات معتبراً أن هذه فرصة مناسبة لإنقاذ الشعب من الحصار من صعده إلى المهرة بما فيها تعز، وإطلاق سراح المعتقلين الصبيحي وآخرين .

 وتحدث كل من عارف الزوكا ومحمد عبد السلام عن الوفد اليمني القادم من صنعاء معبرين عن الالتزام الكامل بوقف إطلاق النار حيث لا يوجد أطراف أجنبية تقاتل مع الجيش واللجان الشعبية.. وأكدا الرغبة في وقف إطلاق نار شامل وعدم الاستقواء بالخارج.. مركزين على أهمية العودة إلى الحوار السياسي من حيث انتهى.. ومواجهة سيطرة العناصر الإرهابية على مدن يمنية، وإزالة معوقات وصول المساعدات الإنسانية إلى اليمن، بالإضافة إلى وقف الإعلام التحريضي .

وعقب الجلسة الافتتاحية اقترح المبعوث الأممي أن تتضمن المباحثات ثلاثة عناصر لبناء ثقة، وهي إطلاق سراح المعتقلين، وإيصال المساعدات وتقوية الاقتصاد، ووقف كل أشكال التحريض ووقف إطلاق النار.

وعلق الوفد الوطني القادم من صنعاء على ذلك بأن جدول الأعمال يجب أن يكون البند الأول فيه: الوقف الدائم والشامل لإطلاق النار. وفي ظل ذلك يمكن تبادل المعلومات حول قوائم المعتقلين من الجانبين واتخاذ خطوات عملية لإطلاق سراحهم .

وبناءً على ما تقدم؛ وبموافقة الطرفين تقرر تشكيل لجنة عسكرية من 2خبراء عسكريين من كل طرف إلى جانب خبير من الأمم المتحدة بغرض تعزيز وقف إطلاق النار للوصول إلى وقف دائم وشامل.

عقب ذلك خصصت الجلسة التالية لمناقشة الوضع الإنساني في اليمن وقدم الخبير الدولي عامر الداودي العامل في مكتب الأمين العام المساعد للأمم المتحدة في نيويورك تقريراً وصف فيه الحالة الإنسانية بأنها شديدة الصعوبة حيث أن الملايين في حالة خوف وعناء لتوفير القوت اليومي حيث لا تتوفر المواد الأساسية وانهارت الخدمات ودمرت البنية التحتية وانهار القطاع الصحي بشكل تام وأدى القصف العشوائي إلى قتل وجرح وتهجير الآلاف وتوقفت الحركة التجارية بسبب عدم السماح للسفن بدخول الموانئ البحرية، وعدم تمكن التجار من الاستيراد.. وشكى من صعوبة دخول ووصول المساعدات لجميع أنحاء اليمن وخاصة مدينة تعز مشيراً إلى وجود جماعات إرهابية تعطل وصول المساعدات، وطالب الداودي باتخاذ عدة إجراءات عاجلة تتلخص في :

1- تسهيل تدفق المواد الإنسانية وبحيادية إلى جميع مناطق اليمن وإزالة كل العراقيل وتسهيل العمل الإنساني .

2- حرية حركة المواطنين اليمنيين والسماح للمهجرين الذين بلغ عددهم 2.7 مليون بالعودة إلى قراهم ومساكنهم.

3- السماح بوصول كافة المواد التجارية لليمن وإعادة الحياة للقطاع التجاري وتيسير عملية الاستيراد.

4- دعم صندوق الرعاية الاجتماعية وحشد الأموال لمساعدة 7 مليون يمني لشراء احتياجاتهم الماسة.

5- إعادة إحياء القطاع الصحي وتسهيل دخول المواد الطبية إلى كل المناطق وتنفيذ حملة شاملة لتطعيم 5 مليون طفل.

6- حماية المدارس والبنية الأساسية للقطاع الصحي وإعادة تأهيلها، وتوفير أماكن اخرى للنازحين المتواجدين في المدارس .

واقترح الداودي تشكيل لجنة مصغرة للخروج ببيان (نوايا إنساني) لتنفيذ تلك الإجراءات المقترحة.

وتحدث عبد الملك المخلافي بإسهاب ممل وغير مترابط؛ عن معاناة تعز وطالب بإجراء فعّال لدخول الاحتياجات إليها .

وأجاب عليه عارف الزوكا بأنه يجب رفع أي خطر داخلي أو خارجي ورفع الحصار البري والبحري والجوي عن اليمن بأكمله؛ وايقاف الامتهان للمواطن اليمني في مدينة بيشة السعودية.

وأوضح سليم المغلس بأن هناك حصار شاملاً على اليمن بأكمله؛ وأن تعز تتكون من 23مديرية تتوسع القاعدة في ثلاث منها وهي التي تعاني من صعوبة وصول مواد الإغاثة الإنسانية.

وطالب ياسر العواضي بتعزيز وقف إطلاق النار وفتح الموانئ لتسهيل دخول المساعدات والبضائع التجارية إلى المجتمع اليمني دون تمييز.

وانتقد محمد عبدالسلام تقرير الداودي معتبراً إياه غير محايد، موضحاً أن القرار 2216 لا يجيز الحصار على اليمن، ولا يجيز تفتيش الطائرات في بيشة وتساءل كيف يتحدثون عن حصار تعز في الوقت الذي تصل إليها الأسلحة والعربات العسكرية الإماراتية؟ ثم إنه لا أحد يتحدث عن نسف مدينة صعدة بالصواريخ، وقصف الأعراس والمجمعات السكنية في كل أنحاء اليمن. وقال إذا أردتم وقف المعاناة الإنسانية فيجب وقف الحرب ورفع الحصار.

وفي ضوء ذلك؛ تشكلت لجنة مشتركة مصغرة لمناقشة القضايا الإنسانية والخروج ببيان نوايا إنساني.

وكان أعضاؤها: عز الدين الأصبحي وفائقة السيد ومعين عبد الملك وعبدالإله حجر وبمشاركة الأمم المتحدة عامر الداودي، وراندا سليم، ويوهانز منسق العمليات الإنسانية في اليمن .

وتقدمت الأمم المتحدة بمشروع بيان انساني يحوي النقاط الرئيسية التي أوجزها عامر الداودي في تقريره في الجلسة العامة وتمت مناقشته باستفاضة خلال ثلاثة اجتماعات. انسحب عزالدين الأصبحي من إثنين منها احتجاجاً. دون أن يقدم أي عذر.. ومصراً بأنه يعتقد أن البيان المقترح سياسياً وليس إنسانياً.. وتمسكه على أن يقتصر البيان على رفع القيود على دخول المواد والسلع الأساسية لتعز وإطلاق سراح المعتقلين الخمسة وأولهم الصبيحي.

في حين طالب كل من فائقة السيد وعبد الإله حجر إضافة ثلاثة بنود إلى البيان المقترح من الأمم المتحدة وهي: الإلتزام بوقف أعمال التهجير القسري من بعض المحافظات، ورفع القيود والإجراءات التي فرضها التحالف على الركاب المسافرين على الخطوط الجوية التجارية، وعدم استهداف الشاحنات المحملة بالنفط والمواد الغذائية بالغارات الجوية. كما طالبا أن يكون البند الأول رفع الحصار عن كل محافظات اليمن بما في ذلك محافظة تعز بدلاً عن البند المقترح برفع الحصار عن تعز .

وقد تكفل فريق الأمم المتحدة بإعداد البيان في صورته النهائية بعد الأخذ في الاعتبار مقترحات الطرفين لعرضه في الجلسة العامة للبت فيه. (أوردت في مقالي الأول الاثنى عشر بنداً التي تضمنها البيان)

 وللأسف لم يكتب لهذا البيان الإنساني الصدور نظراً لحدوث إنقطاع الجلسات بسبب التصعيد العسكري من قبل التحالف الذي تقوده السعودية .

في اليوم الثاني للمشاورات أشاد المبعوث الأممي بالمبادرة التي اتخذها الوفد الوطني القادم من صنعاء؛ بتسهيل دخول عدد كبير من شاحنات الأمم المتحدة المحملة بالمواد الغذائية إلى تعز، وظل عبدالملك المخلافي على موقفه بتكرار نكرانه وصول أي شاحنات حتى اليوم الثالث.. عندما صرح يوهانز المنسق المقيم للشؤون الإنسانية أن مكتبه في اليمن أكد وصول المواد الغذائية وحدد أماكن دخولها وتخزينها وعلل سبب عدم توزيعها بتدخل الجماعات المسلحة. وطالب المجتمعون من اللجنة المصغرة استكمال أعمالها.

وفي تغير لافت للنظر وبما يشبه القفز على ما كان قد تم التوافق حوله؛ تقدم المبعوث وبعض من فريقه في الجلسة العامة بشرح خارطة طريق لتنظيم وتسهيل الانتقال من العمليات العسكرية إلى المسار السياسي السلمي وتعتمد على خطوات لبناء الثقة تبدأ بالانسحاب وتسليم الأسلحة والإفراج عن المعتقلين وتسليم مؤسسات الدولة واستعادة المسار السياسي .

وأجاب محمد عبدالسلام عن الوفد الوطني القادم من صنعاء بأن الأولوية في الخطوات المتعلقة ببناء الثقة تتركز في تثبيت وقف إطلاق النار ورفع الحصار عن الشعب اليمني وأشار إلى أن مسألة تسليم السلاح من قبل أنصار الله بحسب الإجراءات المنصوص عليها في قرار مجلس الأمن 2216 يجب أن تتم في ظل حكومة وطنية من الطرفين تشرف على كل الخطوات وبما لا يمكن القاعدة وداعش من التوسع في اليمن وغير ذلك يعني تمكين الإرهابيين من ذبح المقاتلين من اللجان الشعبية والجيش، أما مسألة المعتقلين فيجب أن تتم في إطار تبادل المعلومات عن الأسرى من كلا الجانبين ثم يكون الإفراج التدريجي في ظل وقف كامل وشامل لإطلاق النار، وطالب الطرف الآخر عدم تسليم أسرى اللجان الشعبية والجيش لدى التحالف إلى القاعدة كما حدث في الأيام الماضية والذين قتلوا وذبحوا بطريقة بشعة، وأعلن محمد عبد السلام عن مبادرة لإطلاق سراح 70٪ من الأسرى المحتجزين في اليمن.

وفي اليوم الثالث للمفاوضات وفي محاولة من المبعوث صرف الأنظار عما تقدم به الوفد الوطني القادم من صنعاء من مقترحات عملية.. تولى هو وخبير الأمم المتحدة أديب نعمة (وبأسلوب تدريبي أقرب إلى دورة تنمية الموارد البشرية، وهو تخصص المبعوث) تولياً شرح خارطة تتضمن الإطار العام للانتقال من العمليات العسكرية إلى المسار السياسي والتي تعتمد على تشكيل لجان أمنية تشرف على تسليم الأسلحة والانسحاب واستعادة مؤسسات الدولة، وانتهى اليوم بشكل كامل، دون مداخلات وفي أجواء باردة لم يكن أحد يعلم أنها تحضير لتصعيد عسكري كبير من قبل دول التحالف صباح يوم الجمعة 18ديسمبر؛ تمثل في زحف بري في حرض والجوف وقصف بري وبحري في مأرب واللحية، وقد بادر المبعوث بدعوة الوفد الوطني فقط لاجتماع صباح اليوم الرابع وحاول تهدئة الأوضاع وحث الوفد لاستئناف المفاوضات معرباً عن استنكاره والأمين العام للأمم المتحدة الخرق والانتهاكات. واعتبرها كارثية وتمثل عدوان وحرب واقترح اجتماع لرئيسي الوفدين ونائبيهما لإيجاد مخرج مشرف وإنقاذ المحادثات من الفشل، في حين عبر أعضاء الوفد عن أن التصرف السعودي ليس خرق لوقف إطلاق النار بل هو حرب شاملة تم الإعداد لها منذ أشهر وأن ذلك يمثل انقلاباً على الأمم المتحدة، وأن الحوار مع الطرف الآخر غير مجدً لأن قرار وقف إطلاق النار ليس بأيديهم .

وكرر المبعوث انزعاجه والأمين العام من الخروقات الخطيرة وأنه تم التواصل مع كل من السعودية والإمارات ووافقوا على وقف إطلاق النار، وبعد محاولات حثيثة اجتمع الوفدان وأقرا تشكيل لجنة عسكرية للتهدئة والتنسيق تتكون من 3ضباط من الطرفين مع ضابط من الأمم المتحدة تكون مهمتها مراقبة وتثبيت وقف إطلاق النار خلال 2-3 أشهر ويكون مقرها في إحدى الدول العربية. وشدد الوفد الوطني على ضرورة صدور قرار من مجلس الأمن بوقف إطلاق النار.

وكان اليوم الخامس هو اليوم الأخير على المباحثات، حيث اقترح المبعوث في جلسة عامة تأجيل الاجتماع إلى 14 يناير 2016 وأشار إلى أن جولة محادثات السلام حققت تقدماً ملحوظاً رغم الأزمة الكبيرة الناجمة عن الاستمرار في الحرب (لم يذكر السعودية).

 مشيراً إلى أن التقاء طرفي النزاع على طاولة واحدة يمثل إنجازاً تم من خلاله الاتفاق على خطوات عملية لتخفيف المعاناة الإنسانية للشعب اليمني قاطبة (عملياً لم يتم إصدار بيان النوايا الإنسانية بسبب اعتراض وفد الرياض)، وإقرار تدابير لتبادل المعلومات حول السجناء والأسرى تمهيداً للإفراج عنهم عند تثبيت إطلاق النار، كما تم إنشاء لجنة عسكرية للتهدئة والتنسيق لتحقيق وقف دائم وشامل لإطلاق النار.

وبدا واضحاً من خلال بيان المبعوث أنه أنقذ موقفه من حيث فشله والأمم المتحدة في تنفيذ الهدنة المتفق عليها وأنه أنقذ الوفد اليمني القادم من الرياض من فضيحتين.. أولهما عدم موافقته على البيان الإنساني، والثاني عدم توفر القدرة لديه على إيقاف إطلاق النار فضلاً عن تلبية مقترح تبادل 70٪ من الأسرى من الطرفين .

وبالنسبة للسعودية فأنها تمكنت من اتخاذ إجراءات عسكرية مفاجئة حققت فيها مكاسب عسكرية تحت غطاء هدنة المفاوضات دون إدانة صريحة من الأمم المتحدة .

وتمثل الجانب الإيجابي في كلمة المبعوث الختامية وكذلك إحاطته إلى مجلس الأمن الدولي في 23 ديسمبر أنه أشار إلى الفراغ الأمني الذي أدى إلى توسع خطير للجماعات المتطرفة في أبين وشبوة والبيضاء وحضرموت وعدن .

وطالب البيان الصحفي الصادر عن مجلس الأمن الدولي الصادر في 23 ديسمبر استئناف المفاوضات وتثبيت وقف إطلاق النار وتخفيف حدة المعاناة الإنسانية للشعب اليمني، وأكد على وحدة واستقلال وسلامة أراضي اليمن.

هذا وتجدر الإشارة إلى أن تشكيلة الوفد اليمني القادم من الرياض أثارت الانتباه من حيث مناصبهم حيث ثلاثة منهم نواب رئيس الوزراء وخمسة وزراء ومستشار الرئيس، وقد تعاملت الحكومة السويسرية مع كلا الوفدين بصورة متكافئة ووفرت مقراً وسكناً محصناً أمنياً ولا يسمح بدخول أحد سوى الأعضاء والمصرح لهم، وتميز السكن والطعام بالبساطة المتناهية وبعيداً عن الرفاهة والفخامة.. مما وفر أفضل الأجواء للتشاور، وأبدت الحكومة السويسرية استعدادها الكامل لاستمرار المفاوضات رغم قرب احتفالات الكريسميس ولكن الوفد اليمني القادم من الرياض ومن خلفه السعودية والسفير الأمريكي أصروا على إنهاء المشاورات وساعدهم في ذلك المبعوث (بسبب الإخفاق في الإلتزام بوقف إطلاق النار وبروز الأزمة الإنسانية التي تسبب فيها عدوان التحالف وحصاره)

وللتدليل على سوء النية لدى دول التحالف وما يسمى بالحكومة الشرعية التي رافقت انعقاد المشاورات نشرت (ميدل ايست آي) مقالاً بعنوان "خلف كواليس محادثات السلام اليمنية في سويسرا 27 ديسمبر 2015 " ذكرت فيه :

"إحدى العلامات الرئيسية التي تشير إلى خضوع الحكومة اليمنية، للضغوط الدولية المتزايدة، تتمثل بموافقتهم على عدة مطالب للحوثيين قبل مباشرة محادثات بيال، وأبرزها، ما أصر عليه الحوثيون خلال المفاوضات السابقة في مسقط - عمان، حول رفضهم لحضور أي محادثات سلام أخرى ما لم توافق الحكومة اليمنية على وقف إطلاق النار أولًا، حيث أعلن هادي عن وقف لإطلاق النار لمدة سبعة أيام، وتعهد بوقف كامل للعمليات الحربية .

"بالتزامن مع اطراد الآمال بتحقيق تقدم - بحده الأدنى - بالمفاوضات، تم توجيه ضربة قاسية لمسار المحادثات من خلال الأحداث التي جرت في وقت لاحق من تلك الليلة في اليمن حيث قامت القوات الحكومية اليمنية، التي تم تدريبها على يد قوات التحالف التي تقودها السعودية على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، بشن هجوم مفاجئ على المنطقة الشمالية، بالقرب من منطقة الجوف، واستولت على مساحات شاسعة من الأراضي، ومع ورود هذه الأخبار إلى بيال، شوهد أعضاء الحكومة اليمنية يحتفلون في بهو فندق في مدينة بييال."

"بعد ساعات من وقوع الهجوم، نشر مراسل الجزيرة في مأرب منشوراً على الفيسبوك مدعياً بأن توقيت الهجوم العسكري كان متعمداً بوضوح، ويهدف إلى تعزيز موقف الحكومة التفاوضي، ومنذ ذلك الحين تهافتت التأكيدات التي تؤكد صحة هذا التفسير من عدة مصادر أخرى في مأرب."

" في صباح اليوم التالي، لم يحضر الوفد الذي يمثل الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح (المؤتمر الشعبي العام) إلى المحادثات، حيث قضوا ساعات في نقاشات حادة ومتوترة مع مبعوث الأمم المتحدة، ملقين عليه اللوم بخداعهم بصفقة وقف إطلاق النار."

"وفي الوقت عينه، كان الصحفيون الموالون للحكومة والمحللون مشغولين بإجراء مقابلات متكررة مع وسائل الإعلام العربية، بما في ذلك قناة الجزيرة، قناة العربية، والقنوات السعودية المحلية، بطبيعة الحال، يبدو أن جميع التصريحات كانت تقتبس من ذات السيناريو الموالي للحكومة وتؤكد على ذات نقاط الحوار حول قيام الحوثيين بخلق "العقبات" ورفضهم لحضور المحادثات وهلم جرا، حتى إن قناة العربية ذهبت إلى نشر سبق صحفي يشير إلى قيام أحد أعضاء الوفد الحوثي بالاعتداء جسديًا على مبعوث الأمم المتحدة"

"وفي مؤتمر صحفي عقد في اليوم التالي، أعلن مبعوث الأمم المتحدة أن الطرفين اتفقا على تطبيق مجموعة من تدابير بناء الثقة، بما في ذلك آلية للإفراج عن الأسرى، والتي ستشمل إطلاق سراح جميع المعتقلين والسجناء مرة واحدة بمجرد التوصل إلى وقف إطلاق النار الدائم وبعد ساعات من إعلان مبعوث الأمم المتحدة عقد عبد الملك المخلافي، نائب رئيس الوزراء اليمني ورئيس وفد الحكومة، مؤتمرًا صحفياً خاصاً، ورداً على سؤال حول بيان المبعوث الخاص للأمم المتحدة، أجاب: "وقع مبعوث الأمم المتحدة بخطأ، ولقد وعد بتعديله"، محطماً من خلال هذا التصريح أي أمل بإحراز أي تقدم ملموس، واستطرد المخلافي موضحاً بأن الرئيس هادي وافق على تجديد وقف إطلاق النار لمدة سبعة أيام، وهو بيان لا يعبر عن مصداقية؛ بافتراض امتلاكه للقرار.. وذلك بالنظر إلى درجة عدم الفعالية التي شهدها إتفاق وقف إطلاق النار السابق الذي امتد لسبعة أيام أيضاً"..

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المركز

مواضيع متعلقة