Logo dark


حوار السباع في جحيم العدوان

( مُفكر ومحلل استراتيجي وسياسي – رئيس تحضيرية الاشتراكي اليمني (ضد العدوان) , )

 لماذا هذا الجشع الحارق الدموي الذي يظهره العدوان وقيادته وهو يقترب من مشارف الحديدة كل شيء مباح فعله لا قيم ولا أخلاقيات حروب ولا قواعد دينية إسلامية ضابطة ملزمة، ولا قواعد وتقاليد عربية قبلية وقومية أخلاقية ولا حقوق إنسانية دولية وقانون دولي إنساني، أم أن ذئاب الحرمين قد رفعت عنهم الأقلام وجفت الصحف الثورية الوطنية اليسارية والقومية من أسلاف مناضلين عام كبار في تاريخنا الوطني، وخرست ألسنة دكاترة وبروفيسورات الحقوق والأدب والفلسفة ودعاة القيم الأخلاقية والدينية، ودعاة الثقافة والحضارة والحوار والدبلوماسية والداعين طويلاً لكل ما هو جميل وأنيق، ويدعون إلى تنظيف اليساريات والقوميات التقليدية من الأفكار القديمة الثورية وإزالة عهود الأيديولوجيات الوطنية والتحررية، فالعالم اليوم أضحى  قرية مشتركة معولمة وانتهت الحواجز الإقليمية بين الأمم والقرى.

ضباع الفكر والسياسة

 أرواحٌ لا تسمع استغاثات وجراح اليمنيين؛ لأنهم أحرار!

 أصوات المستغيثين والمحروقين والجرحى من أطفالنا وأهلينا وشعبنا الذين تدكهم وتحسهم وتهرسهم صواريخ العدوان التي بلغت ملايين في أعدادها خلال الأعوام الماضية.

ألم تصل إليهم تلك الاستغاثات والصرخات والمناظر والوقائع البشعة؟

إنهم لا ينكرون ذلك، بل هم يؤكدون في مواقفهم وأقوالهم - بتفاخر وقح - سماع كل ما يجري، ويرون كل ما يحصل من كوارث ومآسٍ وعدوان، لأنهم مشاركون فيه بشكل مباشر او غير مباشر، فهم مستشارون، وقادة ومتحزبون، ومخربون وجواسيس ومقدمون في مجالس العدوان وسفاراته، ومخابراته وكياناته الوظيفية الأمامية والمتقدمة على السواء.

هؤلاء الذين أباحوا محرماتنا وأفتوا بانتهاك كل مقدستنا وشرعنوا جرائم العدوان التي جرمتها منظمات وحكومات العدوان نفسه.

دعاة الموت عدواناً وعشقاً

 هذا الأفاك الذي يغضب لا لانتهاك الحرمات في بلاده من حرائر وشباب وكوادر، ولا يغيظه أي فعل للعدوان؛ فهو برئ سلفاً وهو ضروري تاريخياً وهو تلاقٍ جدلي بين قوى تاريخية تدافع عن الأمن القومي العربي والأممي، وعن قيم الحرية والديمقراطية والعدالة، وحقوق الإنسان، قوى الانفتاح والتمذهب والتعصب واللبرالية والتعايش مع الآخر والقبول بسيطرته وهيمنته الدولية واحتلاله الأوطان كأمر واقع موضوعي، فلماذا مقاومته بالعنف لماذا رفع الشعارات المتطرفة الداعية لكراهيته؟ لماذا الدعوات إلى رفع السلاح في وجهه؟ لماذا المقاومة العنيفة له، فالمقاومة عمل غير حضاري في نظرهم.

منذ بداية العدوان مرغ شبابنا الأحرار الوطنيون أنوف تلك القوى في التراب وهم مازالوا بيننا يدعون إلى الحياد حتى تبين الخيط من الخيط، والحق من الضلال، وهاهم في وعلى مخلفات العدوان يحيون ويأكلون ويتمتعون، ويملؤون بطونهم، مثل هؤلاء كثر بيننا مازالوا - طوال أربع سنوات من العدوان - يأكلون على الضفتين، وخطوطهم مفتوحة مع الجانب الآخر على جبهة العدوان عبر قنوات الحوار والتواصل الاجتماعي، إنهم في الحقيقة ضباع آدمية، وإن ذكروا الحقوق فهي فقط للأغنياء ولا مكان فيها للشعوب والفقراء، ودرويشهم الهمام لا يعنيه إن ذبح فقراء اليمن أو أفني الملايين الشعب، فليست تلك أمته أو شعبه، فعجوز الحرب الاستعمارية الشمطاء (بريطانيا) هي من أرضعته لبانها من وقت مبكر جداً منذ كان صغيراً،

 هو لا يغتاظ أبداً من إفناء ملايين اليمنيين الذين سحقهم العدوان جوعاً وناراً وقتلاً وحرماناً وحصاراً وأمراضاً وقهراً، وإنما يعد ذلك من موجبات تأديب الملايين الذين تجرأوا على أسيادهم وأولياء نعمتهم من ملوك وأمراء وشيوخ اللجنة الخاصة الذين نشرت أسماء عملائها وزبائنها فلم يغضب ولم يثور لكرامته وشرفه المكلوم أو أن ينفي ولو مكابرة، لأنه يعرف الحقيقة المنشورة، بل إنه يعلم أنه لم تنشر كل الكشوفات وما نشر إن هو إلا غيض من فيض.

 كل ذلك لم يغضبه  ولن يتجاسر على الغضب، ولكنه يغتاظ ويعترض كلما صدرت كلمة من هنا أو هناك حول الحل السياسي والحوار والمفاوضات وتخفيف استهداف المدنيين حول الهدن الإنسانية.

 اشراقات جمعة العريان

 المشكلة اليمنية في نظره ليست في العدوان ولا في الحرب كحرب، وإنما في تطاول الرعوي الفلاح والقبيلي الشاقي الكادح على رفع السلاح في وجه جلاديه وأوصيائه ولصوصه، وعلى هيبة شيوخه، فكيف يسير بعد ذلك كتلة اللحم المتهرئ في الأسواق دون أن يرف للفلاحين والقبيليين والكادحين وأبنائهم جفن، وقد كفوا عن أن يخافوا ويرتعدوا لأن ذلك من موجبات الطاعة والمستويات واحترام القانون الطبقي والناموس المقدس عند تلك النقطة نفهم لماذا العدوان والحرب ولماذا جلبوا لنا الأجنبي بهراواته الغليظة؟ لتأديبنا باسم الشرعية والتوافق السياسي والتفاهمات الدولية وتقسيمنا لرعاتنا من "الضواري العشر" والمخرجات وفضلات الحوار، والقضية الجنوبية والشمالية والغربية والشرقية والخليجية والدولية لم يتركوا أي صنف وطرف إلا واستذكروا قضاياه إلا الشعب اليمني.

 وعندما تجرأ هذا القبيلي اليمني الشجاع الحر على رفض الوصاية والتبعية والإقطاع والاستعمار والاستبداد والتفريط وغضبت السفارة الانجلوسكسونية غضب وغضب لغضبها ألف سيف، ولم يهدإ غضبهم بعد ولا يدرون لم غضبوا؟ ولا فيم غضبوا؟ إنه الغضب الريعي المقدس، غضب من يملك لا من يستحق، إنهم كبار الملاك اللصوص في اليمن، تلك هي القضية في الأساس أرادوا إذلالنا فأبينا أن نقر الذل فينا في وثيقة العار الشهيرة، أرادوا استعبادنا قروناً جديدة فثرنا ورفضتنا العودة تحت النير القديم، وواصل شعبنا الفقير المقهور خمسين عاماً عجافاً من الكفاح الشعبي الوطني من الجبهات القومية إلى اليسار الشعبي الثوري الوحدوي إلى الأنصار القرآنيين وهي مسيرة واحدة ممتدة في الزمن اليماني منذ آلاف الأعوام، المجد للأحرار لا للطواغيت وعبيدهم، للأحرار المنبعثين من رحم الأرض من أرضها من جبالها وتلالها وصخورها وترابها وعبقها، وكهوفها ومغاراتها وملاذاتها في النوائب والأخطار والملمات.

تلك هي القضية والمظلومية  والنزاع والحرب، لكن ولأ، هؤلاء الأسياد كانوا قد أترفوا وفسقوا وأفسدوا ونسوا شرف القتال لأنفسهم وبأنفسهم، وإنهارت مقاومتهم أمام جيوش الجياع فقد استنصروا ملوك وأمراء الإقطاع الإقليمي والعالمي ولكل أرض إقطاعها وللكون إقطاعه العام الأعلى فقد انتفض العالم الاقطاعي كله برمته وقد نشروا آلامهم وقواتهم وخيلهم ومرتزقتهم لأمر بسيط وواضح لنا نهايته وبدايته؛ وهو إعادة العفريت العملاق إلى القمقم، فهل استطاع النظام القديم أن يرجع في أي بلاد في العالم منذ قرون، منذ اليزيدية إلى العباسية إلى التركية إلى الفرنسية ت إلى الروسية إلى الصينية إلى البريطانية  فالأمريكية والمسيرة مستمرة، هو قانون الله الدياليكتيكي سنته الثابتة في الأقوام والقرون والأمم الغلبة للمظلومين المستضعفين لأهل الأرض لكادحيها وأحرارها.

 أم أن عقول اليسار قد غلت وعليها أقفالها؟ أم ران على قلوبهم يا ترى المال السلطاني والدولار الطاغوتي الفتان، فلم تعد ترى إلا ما يرى لها أذيال النعمة وأربابها. إن الأجنبي جاء لأجندته الخاصة التي سبقت ميلاد هادي واليدومي وياسين!

 "إنها طروادة والسيطرة عليها وعلى ثرواتها وتدميرها وليس استعادة زوجتك الجميلة هو ما جاء بي إلى الحرب – يا أخي الملك –" ملك أثينا مخاطباً أخاه ملك إسبرطة الغاضب لهروب زوجته الجميلة هيلينا مع أمير طروادة الصغير- باريس - كان ملك أثينا التوسغي الامبريالي - أجاممنون - يحلم طويلاً بالسيطرة على أرض طروادة الشرقية الحرة واسترقاق شعبها الحر بالقوة بعد أن استعصت عليه بالمناورات السياسية.

هذا التمثيل مقاربة تشبه الحال بين العدوان والشرعية

 كما يشبه الحال - تهريب الملك لويس السادس عشر في الثورة الفرنسية إلى الحدود ليأتي على رأس الغزاة الأجانب الألمان والنمساويين باسم إعادة الشرعية إلى مقعد الملك الذي خلعه عنه شعبه.

كما يشبه الحال في الثورة العرابية هروب الملك الخديوي الإقطاعي التركي، أو الفرعون الذي ثار عليه الشعب المصري بأغلبيته الفلاحية وجيشه هرب ليستقبل الانجليز ويأتي بهم على رأس جيوشهم إلى القاهرة لإعادة الشرعية كما قالوا، ولكن في الحقيقة التاريخية أن الطرفين كانا واعيين لما يريدانه ويفعلانه وأي مصالح عليا يحققانها مشتركة كان الأجنبي يطمع في احتال القطر المستهدف؛ فقد كان الملك الجالس على العرش ألعوبة بأيدي الأجنبي وأداة لنفوذه مقابل حماية العرش من مخاطر الداخل والخارج ومقابل ذلك يدفع حصص من الثروة والسيادة العامة ويتم مراقبة وحماية النفوذ الأجنبي عبر الزواج والنساء والمناورات والطبقة المالكة للثروة العامة واعتبار الملك المحلي مديناً للملك الحامي بإرسال جيشه إلى جانبه عند الطلب.

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المركز

مواضيع متعلقة