Logo dark


عقد العدوان "الفوق تحتية" المزدوجة

( مُفكر ومحلل استراتيجي وسياسي – رئيس تحضيرية الاشتراكي اليمني (ضد العدوان) , )

عقدة العدوان على الساحل الغربي – والحديدة 22-1 مساء 12نوفبر الماضي كان العدو أمام الحديدة وفي الساحل وكيلو 16 وقرب المطار والخمسين قد وصل إلى طريق مسدود على كل محاور التقدم العدواني كانت القيادة الأمريكية للمنطقة العسكرية الوسطى التي تقود العدوان من الساحل الغربي وتدير معارك الحديدة قد توصلت إلى النتيجة بعد تجربتها الميدانية المباشرة التي كابدتها خلال الأشهر الماضية منذ انطلاق الهجوم الاختراقي الأخير باتجاه الحديدة بعد أن استخدمت كل القدرات التي كانت بحوزتها ثم أمهلت مرتزقتها على الأرض مدة ثلاثين ومن ثم شهرين إلى نهاية العام 2018م   ليكونوا قد دخلوا الحديدة أو تراجعوا عنها إلى مناطق آمنة.

وأعلنوا التزامهم بالهدنة وفتح الطريق أمام تحركات المندوب الأممي للمشاورات السياسية ليتمكنوا من الخروج الأمن من النفق المظلم الذي وقعوا فيه، وخلال شهر سبتمبر وأكتوبر تعين عليهم أن يرموا بكل ثقلهم الباقي للخروج من المأزق ومن المستنقعات التي تورطوا فيها خلال محاولاتهم المجنونة التوغل في العمق.

كان قد تم الايقاع بالعدو وقواته في العديد من المفاصل المحورية على الطريق الممتدة حوالي 200 كيلومتراً بين المخا الدريهمي، فالقيادة الأمريكية السعودية للعدوان فقدت مبادرة الهجوم وأضحت تواجه حصاراً متعدداً؛ قطع خطوط الإمدادات العسكرية البرية الرئيسية على طول خط الإمداد من المخا إلى الحديدة عبر طريق الخوخة - التحيتا - الجاح - الدريهمي – النخيلة. وضع القيادة العليا للعدوان واولوياتها وعقدها الراهنة

تريد القيادة العليا للعدوان الأمريكي السعودي إعادة التكيف مع مستجدات وتطورات البيت الأمريكي - السعودي الداخلي التي تحد من حرية حركة الإدارة الأمريكية في قيادتها للعدوان والتدخل في البلدان الأخرى نتيجة الحالة الانتخابية التي تستمر من الآن إلى عامين قادمين بدأت  بانتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلسي النواب والشيوخ للكونجرس الأمريكي وأهم التبدلات السياسية التطورات على البنية الأمريكية العليا هي:

  1. فقدان الأغلبية الجمهورية السابقة في مجلس النواب الأمريكي وسيطرة الديمقراطيين على  أغلبية مقاعده البالغة أكثر من 300 مقعد، وهي قوة معارضة للإدارة الأمريكية ولتدخلاتها المباشرة في الحرب العدوانية على اليمن، واستمرار بيع الأسلحة لها وتتهم الرئيس ترامب بالارتهان للمخابرات الروسية التي ساندته في حملته الانتخابية مما يعرض الأمن القومي الأمريكي للخطر وهي تهم مازال المحقق الخاص مولر يواصل جمع الأدلة والاستدلالات حولها.

والتي تمس الرئيس ترامب نفسه ومساعديه، وقد قطع مولر شوطاً كبيراً على هذا النسق وسوف يقدم نتائج تحقيقاته إلى الكونجرس قريباً، مما يضع الرئيس ترامب تحت طائلة المحاكمة والمسائلة القانونية وقد تصل الأمور إلى حد العزل قبل نهيه مدته الرئاسية.  

  1.  فقدان ترامب للدعم القديم من أغلبية نواب وشيوخ حزبه الجمهوري الذين دعموه في وصوله إلى الرئاسة وغطوا سياساته الخارجية العدوانية وغضوا الطرف عن مخالفاته للقوانين الأمريكية فيما يتعلق بتزويد السعودية بالأسلحة المحرمة دولياً لاستخدامها ضد المدنيين في اليمن وهو ما نتج عنه آلاف الضحايا أغلبهم من الأطفال والنساء والشيوخ.
  2. تراجع النفوذ الأمريكي وهزيمته في العديد من المناطق كنتيجة لسياسات ترامب وبداية سحب القوات الأمريكية من سوريا بعد هزائم القوى الإرهابية المدعومة أمريكياً ضد الدولة السورية الوطنية.  
  3. جريمة اغتيال الصحفي المغدور خاشقجي في قنصلية سفارة السعودية في إستانبول وبروز دور ترامب المتواطئ مع بن سلمان، ومحاولة التغطية على جرائمه في اليمن، ويعتبر الكونجرس أن ترامب وسياسته المتواطئة مع الجريمة تشكل انتهاكاً صارخاً للدستور والقوانيين الأمريكية والدولية.
  4. إقرار مجلس الشيوخ مشروعات قرارات في طريقها للتحول إلى تشريعات كاملة ملزمة للإدارة الأمريكية أهمها: إقرار إدانة بن سلمان في جريمة قتل خاشقجي وإقرار محاكمته دولياً وإدانة تعاون ترامب معه.
  5. إدانة الحرب الأمريكية في اليمن، وإعتبارها خارج القانون الأمريكي المتعلق بسلطات الحرب الذي يقيد صلاحية إعلانها أو المشاركة فيها ويحصرها في أيدي الكونجرس وحده وهوما يخالف سياسات وأفعال ترامب وإدارته.
  6. انقسام المؤسسات الأمريكية الحاكمة لأول مرة حول السياسات الخارجية للحكومة وحول الإدارة، ومدى ولائها للقيم الأمريكية ومصالح الأمن القومي الأمريكي، واستمرار مسلسل طرد ترامب لموظفيه؛ حيث بلغت نسبة المطرودين المعارضين لسياساته أكثر من ثلث الموظفين إلى الآن وهي قابلة للاتساع وتكشف مدى الحرب الداخلية البنيوية التي تتعرض لها الحكومة الأمريكية بقيادة ترامب، وهو ما يوسع جبهة المعارضة لسياساته بل تحول الكثير منهم إلى شهود في تحقيقات القاضي مولر.

وقد طالت حمله التصفية العديد من كبار القادة والساسة مثل وزير الخارجية تيلرسون ورئيس الأمن القومي السيد كومي والمحامي الخاص بالرئيس ترامب ووزير الدفاع والحربية الجنرال جورج ماتيس وممثلة أمريكا في الأمم المتحدة السيدة نيكي هيلي ووزيرة الاتصالات بالبيت الأبيض ورئيس أركان حرب البيت الأبيض.

 وكلها تحتوي على شخصيات سياسية استراتيجية هامة تضاف إلى سلسلة قوام المعارضة.

  * حروب الإدارة والكونجرس في اليمن والمنطقة.

جبهة الصراع السياسي الأمريكي - الأمريكي الإدارة والكابيتول.

 تتواصل الآن الحروب السياسية البنيوية داخل المؤسسات الأمريكية الحاكمة حتى الانتخابات القادمة بعد عامين وهناك جماع أمريكي على تصفيه الحساب مع ترائب وإدارته وفريقه.

 وقد بلغت حدا من الشدة لم تبلغها من قبل أي مواجهة بين الكونجرس والرؤساء السابقين المتهمين بالخروج عن القوانين الأمريكية وهو ما يكشف حجم ووتيرة التناقضات التي  تعصف بالبيت الأبيض وسادته، كما تشير إلى تضاؤل فرص إعادة انتخاب ترامب لدورة رئاسية ثانية كان يتطلع إليها بلهف وشوق هو وأتباعه في الرياض وتل أبيب بعد انفضاض الأغلبية البرلمانية عن تأييده والتفافها حول شخصيات جديدة أكثر حظاً وكياسة سياسية، وزيادة حظ نجاح الشخصيات المنتمية للديمقراطية الأمريكية والمعارضة لترامب وتطرفه السياسي وتهوره وجنونه، مما يعني أن الجناح العسكري السياسي المتطرف في المؤسسات الأمريكية الحالية تتراجع قوته ونفوذه في صنع القرار السياسي الأمريكي إذ تتصادم توجهاته مع الرأي العام الأمريكي الذي يرى على أمريكا أن تركز على قضايا أمريكا الداخلية أولاً في مجال الصحة والبطالة والعجز الأمريكي والديون الهائلة للخارج والداخل، وتقليص النفقات العسكرية لصالح أولويات أخرى اجتماعية كالفقر والمخدرات والهجرة اللاشرعية والجريمة المتنامية، والإرهاب والتشدد والتطرف والتعصب، ووقف دعم الأنظمة المستبدة الشمولية في الشرق الأوسط والجزيرة العربية والنأي بالنفس عن السياسات الإسرائيلية المتطرفة لليمين الصهيوني الحاكم والكف عن السياسات المتطرفة والتصريحات المجنونة والتقيد بالوعود الانتخابية وتطبيق قانون جاستا.

 وعلى مستوى اليمن والمنطقة:

 تواجه قيادة العدوان أياماً عصيبة من الآن وصاعداً وهي تعرض للمزيد من الهجمات والقيود التي تشل إرادتها وتغل أيديها؛ فقد كان الثنائي  ترامب - بن سلمان يتمتعان بالسلطة المطلقة خلال الأعوام السابقة أما الآن فقد وصلا إلى النفق المظلم في عدوانهما وحربهما الخاسرة المستمرة أربعة أعوام وتشرف على الخامسة وهي تجتر أسباب الفشل والانكسار رغم تلك القدرات والامكانات الهائلة التي استنزفت في ميادينها، وأدت الهزائم المذلة إلى انتشار روح البحث عن مخرج من مآزق العدوان وفشله وما يترتب عليه من مسؤوليات قانونية لابد للخاسر من تحملها مادياً ومعنوياً وسياسياً واستراتيجياً وهي ما تجعل نكسات العدوان تتضاعف كلما تأخر الوقت واستمرت النكسات.

 الشلل الاستراتيجي للقيادة العدوانية الأمريكية السعودية

تعاني القيادة العدوانية الراهنة حالة من الشلل الاستراتيجي تستمر وتتزايد وتتضاعف صورها وأشكالها مع كل هزيمة وانكسار جديدين في الميادين فلا يوجد أي وزير حربية أمريكي قادر على مسايرة نزعات بن سلمان وتحقيق طموحاته وأهدافه المجنونة وعجزه الفعلي الميداني وابتذال جيشه ورخاوة قادته وجهلهم بالحرب الحديثة.

ولا توجد وكالة استخباراتية أمريكية قادرة على ترجمة هذيانات بن سلمان وتتعامى عن كل ممارساته الوحشية في الداخل والخارج، وهي جرائم طالت كل من لا يوافق سياساته وممارساته الفاشية، التي طالت الكثير من الأمراء ذوي العلاقات الوثيقة بالأمريكان.

يرى الكونجرس الحالي أن ترامب قد باع المصالح الأمريكية الغربية البعيدة لبن سلمان ونوازعه مقابل الكثير من الأموال والرشى الشخصية التي وصلت إلى عدد من المشرعين والمسؤولين، ويرى أغلبية المشرعين الأمريكيين أن المصالح القومية الأمريكية وأمنها لا تتفق وبقاء بن سلمان وترامب وحروبهما المتهورة المخفقة الفاشلة في اليمن وغيرها ولذلك يقدمون رؤية جديدة مختلفة عما هو سائد الأن في عهد ترامب، أبرز وجوهها هي:

أنها تؤمن بأهمية دور السعودية التابعة في تحقيق مصالح استراتيجية لأمريكا وأمن اسرائي؛ لكنها لا تتحقق كاملة مع وجود بن سلمان ترامب، وحرصاً على بقاء المصالح الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة فلابد من إزاحة المجنون المتهور عن حكم الكيان السعودي لصالح أمراء أكثر حصافة وطاعة يحترمون القيم الأمريكية ويتجنبون اللعب في الباحات الداخلية والخارجية للمنظومات الأمريكية، ويكفون عن التصرف وكأنهم حكومات مستقلة حقيقية عندما لا تلبى طلباتهم المتهورة فيذهبون شرقاً أو جنوباً (نحو روسيا أو الصين أو غيرهما) بحثاً عن أسواق بديلة للسلاح والأنظمة المضادة للصواريخ والطيران؛ لأن السلاح الأمريكي مرهون بالارتباط الاستراتيجي، ولأن تلك الكيانات وجدت من جانب الغرب لتحمي تبعيتها له وتصونها مقابل حمايتها وكل محاولة لتجاهل جوهرها فلن يمر بدون حساب صارم من قبل المنظومات الأمريكية المعنية ويتضمن هذا تدابير عديدة منها الانقلاب والإزاحة والاغتيال وإرسال قوات التأديب الخاصة وتحريك القوات الأمريكية التي تحتل البلاد وفقاً لسيناريوهات مجربة ومحكمة، وفي تاريخ العلاقة البينية يحضرنا  أهم حادثين هما إزاحة الملك سعود وانقلاب الحرس الوطني عليه مطلع الستينات، واغتيال الملك فيصل في منتصف السبعينات بعد تعديهما الخطوط الحمراء للعلاقة مع الأمريكي، فالأول بسبب سلوكه  السياسي المتهور مع عبد الناصر وفشل وافتضاح مؤامرة اغتياله التي سببت المزيد من التأييد العربي لعبد الناصر وسياساته المعادية للغرب وفشله في المواجهة مع الثورة اليمنية، والثاني بسبب نسيانه مقامه مع الأمريكي عنما لوح باستخدام سلاح البترول في معركة العرب ضد الكيان الصهيوني ورفع أسعاره وشراء كارتل شركات أرامكو الأمريكية النفطية مخالفاً التوجه الأمريكي، كما تحضرنا أيضاً أحداث أخرى منها الانقلاب على عملائها السابقين في البيرو وتشيلي وبنما وفيتنام الجنوبية وكوريا الجنوبية وفي الفليبين وفي البحرين وقطر وعمان وتركيا إيران الشاه وفي عشرات الدول والكيانات السياسية.

أولوية إعادة ترتيب البيت السعودي       

وقد فوجئت الأجهزة الأمريكية الاستراتيجية العليا من قدرات اليمنيين على تجاوز جميع الممنوعات والمستحيلات الالكترونية والأمنية التي كان تحمي النظم الأمنية العسكرية والحدودية السعودية والإماراتية والأمن العسكري للقوات واتصالاتها وشفراته، وكسر التفوق العسكري الاستراتيجي للسلاح الأمريكي وخرق مجالات المناورة وهوامشها وتحييدها وتعطيل قدرات الكشف الاستراتيجي للأسلحة والرادارات وعجزها في التصدي للصواريخ اليمنية مختلفة الأنواع والمديات.

وقد أدت تلك الاختلالات على بنية جدار العدوان ودفاعاته وقوته وأمنه إلى إسقاط نظريات الأمن الاستراتيجية الأمريكية التي كانت مرهوبة الجانب مهابة في نظر الأعداء والمنافسين والمتمردين أما اليوم فقد أضحت البنية الأمريكية بلا هيبة من أحد بعد أن أثبتت تحديات الانتصارات اليمنية والعربية الأخرى لكل المهتمين بالاستراتيجية وبالصراعات المضادة لامبريالية الولايات المتحدة وحلفائها في العالم أن أمريكا غدت حقاً وفعلاً: "فيلاً من خشب" لا أكثر يمكن لكل حركة وطنية تحررية أن تذله وتنزل به أشد الهزائم المادية والمعنوية وتعلن بذلك عن أذون زوال السيطرة الأمريكية على المنطقة والعالم وعن خسارة مغامراتها.

كما تؤذن بخسارة عصر الهيمنة الأمريكية وظهور عصر جديد في العالم أهم ملامحه سيادة حركة التحرر الوطني الاستقلالية وانكماش الامبراطوريات الهيمنة الغربية والأمريكية وشيخوختها وعجزها وتآكلها وتحللها الاجتماعي والخلقي وتفسخها وتفجر أزماتها الداخلية الكبرى بدأ بالاقتصاد وانتهاء بالأقليات والطبقات المهمشة المقهورة التي تزيد أعدادها عن نسبة الستين والسبعين في المائة من السكان ويصل الدين لأمريكا إلى خمسين تريليون دولاراً مقسمة إلى  ديون خارجية وإلى داخليه كما تتجاوز البطالة أكثر من خمس عشر مليوناً من العمال العاطلين ويصل أعداد البؤساء والمشردين إلى أكثر من خمسين مليون أمريكي أما المدمنين على المخدرات فهم أكثر من ستين مليوناً من الأمريكيين، وتنتقل الأمراض الاجتماعية إلى الجيش والأمن والإدارة الأمريكية والمخابرات والكونجرس والأحزاب والإعلام والشبيبة وبنية وجهاز التعليم والثقافة، كل هذه الانتكاسات المحيطة بالإمبراطورية الأمريكية لها انعكاساتها المباشرة على مجريات العدوان والحرب الوطنية التحررية الجارية وتفاقمها وانتصاراتها المحتمة.                

 

 

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المركز

مواضيع متعلقة