Logo dark


هل اتضحت نيات واشنطن الخبيثة؟!

( أكاديمي ومحلل سياسي سوري , waddahessa@gmail.com )

الخداع، هو من صلب السياسة الأمريكية، ويبدو أنها لن تحيد عنه لأنها ترى فيه وسيلتها للوصول إلى أهدافها المشبوهة والمفضوحة في تدخلاتها بشؤون الدول الداخلية، فتراها تعتمده في تصريحاتها لضمان بقائها مدة أطول بالرغم من أن تواجدها غير قانوني على أراضي الغير، وتختلق الذرائع والحجج لكي "تشرعنه" بما يضمن لها الاستثمار أكثر ما يمكن في الإرهاب على حساب دماء الشعوب وثرواتهم وبناهم التحتية.
وتظهر آخر المسرحيات الأمريكية الهزلية في التصريحات التي أطلقها أحد مسؤوليها بشأن انسحابها من سورية، لا يبدو أن تلك التصريحات ستكون الأخيرة بهذا الشأن، وخاصة أنها في كل مرة تستحضر مسوغات لما تريد، لكن ماذا بخصوص التواجد الأمريكي ؟.
الجنرال جوزيف فوتيل المشرف على القوات الأمريكية في المنطقة صرح في جلسة للجنة القوات المسلحة في مجلس النواب (بأنه لا يواجه أي ضغط لسحب القوات من سورية في أي موعد محدد، وأن ما يقود مسار انسحاب قواته هو مهمتها المتمثلة بـ"هزيمة" جماعة "داعش")، كما قال في وقت سابق خلال جلسة استماع في الكونغرس (إن مقاتلي داعش الذين يخرجون من الباغوز ما يزالون متطرفين، وإن انتهاء المعركة ضد التنظيم مايزال بعيداً)، متذرعاً بأن (من يخرج من الباغوز لم يعلن ندمه لانضمامه لـ"داعش" الإرهابي)، وهذا طبيعي بالنسبة لإرهابيي التنظيم، والغير طبيعي أن يكون عكس ذلك.
فوتيل اعتراف بأن الخارجين من الباغوز - آخر منطقة مأهولة يسيطر عليها تنظيم "داعش"- متطرفون، فهل كان يأمل أن يكونون غير متطرفين؟! ربما يعتقد غير ذلك، أي متطرفين، ولكن لماذا يطلق عليهم "مقاتلين" وليس إرهابيين؟ فإذا كان لا يراهم إرهابيين! ألا تنتفي ذريعة تواجد قواته في سورية؟ ربما تلافى الوقوع في هذا الالتباس بوصفه لهم بـ "متطرفين"، ولكن لماذا صرح بأن انتهاء المعركة ضد هذا التنظيم مايزال بعيداً؟ وماذا يقصد بذلك؟ وما هدفه؟، ثم ماذا بشأن الدلائل الواضحة والفاضحة على تصنيع الولايات المتحدة لهذا التنظيم وسواه من التنظيمات الإرهابية وتقديمها كل أنواع الدعم لممارسة إرهابها خدمة للأجندات الصهيو-أمريكية في المنطقة؟!.
فماذا يريد الجنرال فوتيل أن يوصله في رسائله الملغومة تلك؟ هل يريد تأكيد دور بلاده المزيف والمبطن بعباءة "محاربة" تنظيم "داعش" الارهابي؟! أم يريد تقديم الدعم لتنظيم "داعش" الإرهابي وإطالة أمد وجوده وتأمين الحماية له كي يكون ذريعة لبقاء القوات الأمريكية المتواجدة بشكل غير مشروع في المنطقة وعدم انسحابها من سورية؟! أو لأجل الاستثمار أكثر ما يمكن في الإرهاب ولعرقلة الحلول السياسية التي لا تخدم أهداف واشنطن العدوانية؟!.
رغم ما سبق فإن الأمر لدى واشنطن لم يتوقف عند حماية "داعش" لضمان بقاء قواتها الاحتلالية ، وإنما أيضاً في منعها لعشرات الآلاف من اللاجئين في مخيم الركبان من العودة إلى بيوتهم في مختلف المناطق السورية، لأجل أن تمتلك الحجة في إبقاء قاعدتها العسكرية في منطقة التنف بذريعة "حماية" اللاجئين!، كما أنها تمنع دخول الهلال الأحمر والصليب الأحمر بمرافقة الشرطة العسكرية السورية، وهذا أكبر دليل على تمسك الأمريكيين بهذا المخيم كأساس لإبقاء إرهابيي "داعش" والقاعدة العسكرية الأمريكية في الضفة الشرقية لنهر الفرات وفي التنف لكي لا يفتضح أمر الولايات المتحدة في احتضانها لإرهابيي "داعش" الذي تتذرع بمحاربته أمام الرأي العام العالمي لتبقى مدة أطول على الأراضي السورية، وربما لأغراض أخرى تجول في نفسها وتصب في خدمة أهدافها العدوانية!.
للأسف، تستخدم واشنطن اللاجئين في مخيم الركبان كـ "دروع بشرية" وتتبع أسلوبها المعهود الغير أخلاقي واللا إنساني ونهجها المخادع في اختلاق الذرائع باحتجازها لهم، وخاصة أن مخيم الرکبان في التنف وهي منطقة استراتيجية ومهمة للغاية تقع في المثلث الحدودي بين سورية والأردن والعراق، وتم استثناؤها من الانسحاب الأمريکي، فهل يمكن فهم أن احتجاز الولايات المتحدة للاجئين في هذا المخيم سيشكل إحدى الذرائع لاستمرار تواجدها؟ وربما لأهداف أخرى نجهلها، لكنها تخدم مشروعها العدواني، هل اتضحت نيات واشنطن الخبيثة لمن التبست عليه الرؤية؟!.

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المركز

مواضيع متعلقة