Logo dark


مشروع الإبراهيمية دين جديد أم أداة هيمنة جديدة

( رئيس دائرة المعلومات والنشر بالمركز , wajeehtalib@gmail.com )

في السنوات القليلة الماضية انتشر الحديث عن ما يسمى "الإبراهيمية" والديانات الإبراهيمية والمسار الإبراهيمي والدين الإبراهيمي والكثير من المصطلحات المنسوبة إلى نبي الله إبراهيم عليه وآله الصلاة والسلام.

فماهي الإبراهيمية؟ وماذا تعني المصطلحات المنسوبة إليها؟ وما الهدف منها؟ ومن هو القائم عليها؟ وما خطورتها؟ وكيف ينبغي التعامل معها كمشروع يستهدف الأمة والمنطقة العربية والإسلامية؟

"الإبراهيمية" مشروع صهيوني غربي يهدف إلى توظيف رمزية النبي إبراهيم (صلى الله عليه وآله وسلّم) لتنفيذ أهداف تتعلق بتخلي شعوب المنطقة عن الإسلام، وتحقيق أطماع في الأراضي والثروات العربية والإسلامية وسيطرة الكيان الصهيوني والغرب على مستقبل المنطقة برمتها.

يجري التبشير والتسويق لما تسمّى "الديانة الإبراهيمية"، كأساس لحل ما يسمى  بـ "النزاعات الدينية"، فيما المقصود بـ "حل النزاعات الدينية" تصفية القضية الفلسطينية، ونزع شرعية حقوق الشعب الفلسطيني، وتثبيت "مشروعية الحق التاريخي" لليهود في فلسطين، ومن ثم إرساء ما يسمى بالـ "سلام عادل" على أرض فلسطين وفي المنطقة وفق المنظور الصهيوني الغربي.

رغم أن مصطلح "الإبراهيمية"  قديم نسبياً([1]) إلا أنه بدأ كمشروع في أروقة مراكز البحوث والدراسات الأمريكية والأوربية، وجامعات عالمية كجامعة هارفارد الأمريكية المعروفة بانحيازها إلى الصهيونية، حيث أرسلت في التسعينات خبراء إلى المنطقة([2]) لإيجاد "مشترك" يمكن من خلاله تنفيذ مشروع يهدف إلى إضعاف تمسك المسلمين بالإسلام وتمييع الهوية الدينية والتمهيد لاحتلال المنطقة بأسلوب ناعم، فوجد أولئك الخبراء أن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام هو المشترك بين ما يسمونها الأديان الثلاثة (ويقصدون بها الإسلام والمسيحية واليهودية) وأنه (أي سيدنا إبراهيم عليه السلام) يذكر في كل صلاة من صلوات المسلمين وأن اليهود والعرب جميعهم أبناء إبراهيم عليه السلام، كما أنه لا يخلو المسلمين من اسم "إبراهيم" والمسيحيين من  اسم "أبراهام" واليهود من اسم "أبرام".

فقرروا قاعدة نظرية يمكن من خلالها إخراج المسلم من دينه إلى فضاء اللادين، ثم استبعاد الإسلام والمسيحية ويتم الإبقاء على اليهودية، تنص هذه القاعدة على أن:

الإسلام يعترف بالمسيحية واليهودية، والمسيحية تعترف باليهودية، واليهودية لا تعترف بأحد، وعليه فإن الشرعية ستؤول إلى اليهودية!،وهذه حقيقة "المشترك الإبراهيمي".([3])

وقد أصدرت وزارة الخارجية الصهيونية خريطة جينية بعنوان: "أي نوع من اليهود أنت" تجمع كل أديان ومذاهب وأعراق المنطقة يتسلسل فيها الجميع إلى الأصل اليهودي، وإنما فقط يختلفون في مدى بعدهم أو قربهم من أصلهم اليهودي. (الخريطة في آخر التقرير)

الدين الإبراهيمي:

يهدف المشروع إلى صهر الأديان في دين رسمي جديد يسمى "الدين الإبراهيمي" ويتم فيه انتقاء تعليمات من الكتب السماوية (القرآن الكريم – الإنجيل –التوراة) تتعلق بالأخلاق والسلوك ويستبعد كل ما له علاقة بالتشريعات والأحكام بمعنى إلغاء الشريعة وأحكام الله تعالى وحدوده. وقد بدأت بعض المدارس الدولية برفع مادة الدين ووضعت مكانها مادة الأخلاق!!!

والخاسر في هذا المشروع هو الإسلام لأن اليهود والمسيحيين لا يعتمدون تعاليم التوراة والإنجيل في قوانينهم ودساتيرهم باعتبارها دولاً وأنظمة علمانية، بينما الإسلام يعتمد على القرآن الكريم كمصدر للتشريع، وعليه سيتم وفق هذا المشروع انتقاء الآيات والسور التي تتحدث عن الأخلاق والقيم والمُثل ويتم تنحية ما يتعلق بالتشريع أو الجهاد أو ما يكشف حقيقة اليهود والنصارى (أهل الكتاب) باعتبارها تحث على الكراهية كما يزعمون.

وكما يقول أحد الباحثين “هي بوتقة لصهر الأديان السماوية الثلاثة([4])، الإسلام واليهودية والمسيحية، لينتج عنها ديانة جديدة يدعو إليها بنو صهيون، يزعمون أنه من خلالها يَعُمّ السلامُ، والأُخوّةُ الإنسانيةُ، والمشترَكُ الدينيّ، وذلك من خلال جمع نقاط الاشتراك بين الديانات الثلاث، وتنحية النقاط المختلف فيها جانباً".

وهذا هو نهج التلبيسِ والخلط بين الحق والباطل كوسيلة في محاولاتهم البئيسة، ومن ذلك ما سجله القرآنُ الكريم في قوله تعالى ـ خطابًا لبني إسرائيل ـ: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (سورة البقرة: 42).

حيث يتم التلبيس على الأمة الإسلامية بتقديم الإسلام واليهودية والمسيحية على قدم المساواة بحيث يطلب من المسلمين الاعتراف بأن جميعها أديان، وأنها توصل إلى الله تعالى وبذلك لا يُنكَر على أحد إن اتبع اليهودية أو المسيحية، وبعد الاعتراف بمساواة الإسلام باليهودية والمسيحية يتم التخلص من الإسلام بحجة أن الإسلام يعترف باليهودية والمسيحية، والمسيحية تعترف باليهودية، واليهودية لا تعترف بأحد وعليه تكون اليهودية هي المشترك الذي يجب أن يعترف به من الجميع.

من جهة أخرى مناقضة تماماً يسعى المشروع إلى تعزيز الإلحاد والدعوة إليه ونشر الأسئلة المشككة والمحيرة بين أوساط الشباب غير المتعلمين وقاصري الوعي الديني وغير المحصنين، إذ لا يشترط "الدين الإبراهيمي" المزعوم على معتنقيه أن يكونوا أصحاب دين، بل قد يقبل فيه اللادينيون، "فالدين الإبراهيمي" دين عالمي والمواطنة فيه عالمية، فيدخل فيه المسلم واليهودي والمسيحي والملحد وغيرهم، 

ومما يثير الحيرة هو جمع هذا المشروع بين المتناقضات فمن المعلوم أن الدول الغربية تدعي العلمانية وتتخذها منهجاً في العلاقة بين الدين والدولة، ولا تعتمد الدين لحل النزاعات السياسية بين الدول، بل وتحاول استبعاد أي وصف للنزاعات بأنها نزاعات دينية، وفي هذا المشروع نجد العكس فالعنوان ديني" والنزاعات دينية والديبلوماسية روحية([5])، والسلام يعم بفضل الدين، بعد أن كان الدين سبب شقاء المجتمعات كما يدعون. ومن جانب آخر يظهر المشروع داعياً إلى "دين" جديد بينما مبادئه وآلياته تسمح باللا ديني والملحد وأتباع ما تسمى بالديانات غير السماوية بل وتعمل أجنحة خفية من المشروع على نشر الإلحاد والترويج له.

 الصلاة الإبراهيمية

يهدف "المشروع الإبراهيمي" إلى اختزال الصلوات في "صلاة إبراهيمية" واحدة وقد بدأ تطبيقها في الإمارات وسميت "صلاة الخميس" حيث خصصت الإمارات مسجداً وكنيسة وكنيساً في مكان واحد وسمته "البيت الإبراهيمي" لتقام فيه صلاة الخميس وكان البداية بإقامة صلاة تحت عنوان "ليوفق الله البشرية لمواجهة كورونا" وقد انتقدها شيخ الأزهر بقوة في مؤتمر بكازاخستان.

وفي شهر مارس 2021، وفي زيارته إلى المنطقة العربية، وفي العراق تحديداً، قام بابا الفاتيكان بأداء ما زعموها “صلاة أبناء إبراهيم”، مع ممثلين عن اليهود والمسلمين، وبحسب ما تناقلته وسائل الإعلام فقد «أجرى البابا فرنسيس في مدينة “أور” عقبَ وصولِه بلحظاتٍ إلى المدينة التاريخية، صلاةً موحَّدةً "للأديان الابراهيميةِ الثلاثة"، وبحضورِ ممثلي الأديان.

الولايات المتحدة الإبراهيمية:

أصدرت جامعة فلوريدا الأميركية في العام 2015 وثيقة رسمية تتحدث عن ما تسميه "الاتحاد الفيدرالي الإبراهيمي"، وذلك تمهيد لما يسمونه الولايات المتحدة الإبراهيمية، التي تنصهر فيها الحدود السياسية وتكتسب حدوداً جديدة.

حدود ما تسمى بالولايات المتحدة الإبراهيمية (أو الديانة الإبراهيمية) هي نفس الحدود التي وضعها الكيان الصهيوني الغاصب (من النيل إلى الفرات)، يفترض المشروع الإبراهيمي أنه يجب أن تلغى الحدود السياسية بين الدول التي تمثل ما يسمى بالمسار الإبراهيمي، وهي الرحلة التي قام بها نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام من العراق إلى مصر حسب الرواية المسيحية، وإلى مكة حسب الرواية الإسلامية، وهي واقعياً نفس ما تدعيه الصهيونية بأن حدود الكيان الإسرائيلي هي من النيل (مصر) إلى الفرات (العراق)، وأما الحجاز (مكة والمدينة) فهي مما يعتبرها اليهود من ممتلكاتهم التي هُجّروا عنها وقد صدر كتاب "العودة إلى مكة" للكاتب اليهودي  "دينيس آفي ليبكين"، والذي عمل لسنوات كضابط في جهاز الموساد الإسرائيلي، وهو يحلم بـ "العودة إلى مكة" ما يعني أن مكة المكرمة ستكون ضمن حدود ما يسمى الولايات المتحدة الإبراهيمية، ويتضح مدى التدليس اليهودي في توظيف المصطلح حين تم استخدام مصطلح "العودة" وكأنهم كانوا في مكة وإنما يريدون فقط العودة.

 أبرز داعمي ما يسمى الديانة  الإبراهيمية:

  • منظمة إسرائيلية تعرف بـ IEA organization" ترى هذه المنظمة أن الدين يمكن أن يكون حلاً لجميع الصراعات -وهذا خلاف ما يصوره لنا الغرب من أنهم لا دينيين وعلمانيون-. تدعو المنظمة الإسرائيلية إلى "التسامح" و"التوحد بين الأديان" وتقوم بأعمال إنسانية لإظهار الوجه الإنساني للدعوة المشبوهة.
  • معهد space Island والمجلس الدولي للمسيحيين واليهود في أمريكا كلاهما بشر بـ "الديانة الإبراهيمية" من قديم ويقومان بالدور الأكبر في الدعوة إلى الدولة الإبراهيمية وينظمان العديد من المؤتمرات برعاية الأمم المتحدة وتحت راية "الحوار والتوحيد بين الأديان الثلاثة"، تقام بعض تلك المؤتمرات في ألمانيا ويتم دعوة الكثير من الشباب من جميع أنحاء العالم والدعوة إلى "الدين الرابع الجديد" بدعوى أنه القادر على نشر السلام.
  • الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون أثناء اتفاق أوسلو 1993 بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني بحضور ياسر عرفات والمجرم إسحق رابين تكلم عن "أبناء إبراهيم".
  • في اتفاق وادي عربة بين الأردن والكيان الصهيوني اكتفى كلينتون باقتباس آيات من القرآن الكريم ليدع المجال للملك حسين ملك الأردن لذكر أن السلام سيعم "أبناء إبراهيم".
  • الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما تكلم في عدة مناسبات عن التوحد بين الأديان، وقال لا فرق بين الأديان ودعا للتعايش بينها. وفي العام 2013 وخلال زيارته للكيان الصهيوني امتدح أوباما التجربة الصهيونية في إنشاء دولة لكل اليهود من كل أنجاء العالم وقال إن هذه تجربة إنسانية عالمية بكل معانيها.
  •  ديفيد فريدمان، سفير أميركا السابق لدى الدولة الصهيونية يقول: "إبراهيم كان أباً للديانات الثلاث الكبرى، ولا يوجد أفضل منه ليرمز إلى إمكانية الوحدة بين جميع الديانات الثلاث"،.
  • جامعة هارفارد (في العام 2000) بدأت بنشر المبشرين لهذا المشروع في الدول العربية والإسلامية في هذه المنطقة، فبثوا أفكاراً بأن اليهود والعرب أولاد عمومة وأنهم أصلهم واحد وأن جدهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
  • يعود استخدام مصطلح “المشترك الإبراهيمي” و ”السلام الإبراهيمي” لأول مرة، إلى دراسة نشرها الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في عام 1985 في كتاب حمل عنوان “دم أبراهام”.

وتقف وراء "الديانة الإبراهيمية الجديدة" مراكز بحثية ضخمة وغامضة، انتشرت مؤخراً في ربوع العالم، وأطلقت على نفسها اسم مراكز الدبلوماسية الروحية، ويعمل على تمويل تلك المراكز أكبر وأهم الجهاتِ العالمية، مثل: الاتحاد الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والولايات المتحدة الأميركية.

 

 

 

 

 

 

 

 

المسار الإبراهيمي:

يفترض هذا المشروع أن النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام تحرك في مسار بدأ من مدينة "أور" بالعراق ثم إلى الشام وتركيا ومصر واستقر في مكة، ويقرر هذا المشروع أن البلدان التي مر منها هذا المسار (وهي عشر دول) يجب أن تكون تحت سيطرة "إسرائيل"، المشروع أدخل في عداد الدول العربية كلاً من تركيا وإيران، فتركيا تعتبر الرقم الثاني في "المشروع الإبراهيمي" بعد الكيان الصهيوني، وأما إيران فلسببين الأول أنها دولة نفطية ويجب الاستيلاء عليها والثاني أنها ستكون حجر عثرة أمام نجاح المشروع فيما لو تركت حرة بسبب توجهاتها الثورية وانخراطها في محور المقاومة وعدائها الصريح للكيان الصهيوني.

تم إنشاء إعادة "بناء المسار القديم" في عام 2007 من قبل مبادرة "مسار أبراهام"، وهي منظمة غير ربحية مسجلة مقرها في كامبريدج، ماساتشوستس، الولايات المتحدة، مع شبكة عالمية من الشركاء.

تم اعتماد مبادرة مسار إبراهيم من قبل منظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة ، وتحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة  وشركاء دوليين آخرين

وقد صدرت وثيقة في جامعة هارفارد عام 2013 تعزز هذا التوجه سميت "مسار إبراهيم".

ومن الملاحظ أن ألبنك الدولي يروج لما يسمى بالمسار الإبراهيمي عبر "مبادرة المسار الإبراهيمي"([6]) التي تفترض السير على خطى نبي الله إبراهيم عليه السلام في عشر دول بما تسميه السياحة الثقافية التي لا تقتصر على الرحلة والاستهلاك بل "سيبث السواح أفكاراً جديدة ويعقدون لقاءات على طول المسار".

 ويبشر البنك الدولي بالآثار الاقتصادية والمميزات التي سيحصل عليها أبناء القرى والمدن الواقعة ضمن المسار، وذكر البنك الدولي أن ثمة مسارات مشابهة في أوربا وأمريكا الشمالية وأمريكا اللاتينية  ولم يتبق سوى "الشرق الأوسط".

خطورة هذا المسار أنه بروج لـ "حج" يبدأ من مدينة أور وينتهي بفلسطين المحتلة وهو ما يشكل خطراً على فريضة الحج الركن الخامس من أركان المسلمين، وإذا ما أضفنا ما يقوم به النظام السعودي من التلاعب بالأماكن المقدسة وتغيير ملامحها وخفض عدد الحجاج بالتدريج والعمل على تحويل بعض المشاعر المقدسة إلى منتجعات سياحية وسلبها الطابع الديني، وبالتالي ستكون النهاية القضاء على فريضة الحج مع تقديم البديل وهو (المسار الإبراهيمي). 

السكان الأصليون:

يفترض المشروع أن الشعوب الأصلية التي هجرت من المنطقة (ما يسمى الشرق الأوسط) قد ظلمت، ويجب أن تعود إلى أراضيها التي هجرت منها وهم في الواقع إنما يقصدون اليهود فقط، وبدأ القائمون على المشروع بالعمل على استصدار قرارات دولية من الأمم المتحدة عن حق السكان الأصليين والشعوب الأصلية، ويقررون أن الفلسطينيين ليسوا سوى وافدين من أوربا الشرقية وغير أصيلين في المنطقة([7])، وتؤكد تلك القرارات على وجوب تعويض الشعوب الأصلية بمبالغ تحتسب بالقيمة الحالية، إضافة إلى وجوب تمكين الشعوب الأصلية من الثروات المتواجدة في الأراضي التابعة لهم، ولا يجوز تهجيرهم منها إلا بتعويض مناسب.

وأن الشعوب الأصلية هي من لها الحق في السكن على هذه الأقاليم وحيازة أراضيها والثروات التي بباطنها، ويتم العمل على سن قوانين دولية من الأمم المتحدة لحماية "حقوق الشعوب الأصلية" والتي يقصد بها في الواقع اليهود.([8])

 وتنص وثيقة ( Abraham path initiative) (مبادرة طريق إبراهيم) على أن حكومات دول المسار الإبراهيمي لا تمتلك أحقية الأرض في ذلك المسار ولابد أن يتم تدويل تلك الأرض بعد إتمام مشروع المسار.

وذكرت BBC NEWS بالعربي، في تأريخ ١١ يناير ٢٠١٩ خبراً مفاده أن حكومة الكيان الصهيوني تستعد لمطالبة سبع دول عربية بالإضافة لإيران، بتعويضات مالية مقدارها ٢٥٠ مليار دولار، وبالفعل قامت حكومة الكيان برفع دعاوى قضائية في المحاكم الدولية للمطالبة بتلك التعويضات.[9]

تحالفات ومواثيق

على طريق تثبيت ما يسمى الإبراهيمية تسعى الدول المعنية بالتنفيذ إلى عقد اتفاقات وتحالفات وتوقيع مواثيق تحت عناوين جاذبة كالتسامح والتعايش والإخوة من أجل إزالة الفوارق بين ما يسمونها الأديان الثلاثة.

وقد برزت دولة الإمارات بجهود حثيثة لتحقيق تلك الأهداف ومن تلك الإجراءات:

 

وثيقة الإخوة الإنسانية فبراير 2019

 

عقدت الإمارات لقاء موسعاً لما سمتهم قادة الأديان بحضور بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر والعديد من الشخصيات والجمعيات والمؤسسات وتم التوقيع على ما سميت بوثيقة الإخوة الإنسانية والتي تأتي في إطار التقريب والدمج بين الأديان الثلاثة وسائر الأديان الأخرى غير السماوية، ودعت إلى ما سمته حرية الاعتقاد، وكان من أهم بنودها دعم ما يسمى حرية المعتقد، والدعوة للتسامح كمدخل لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ووصف الجميع بالمؤمنين، وغيرها من البنود الموجودة في نص الوثيقة التي يتم الترويج لها حالياً.

حلف الفضول الجديد

في العاشر من ديسمبر 2019 عقدت الإمارات ما أسمته حلف الفضول الجديد وهو حلف نظمته أبو ظبي وجمعت فيه الكثير من الباحثين والمفكرين والعلماء من جميع الديانات والطوائف واعتبروا التوقيع عليه نتاج لقاءات وحوارات لأعوام بهدف ما يسمونه إعلاء القيم كما يفهمها أصحاب "العائلة الإبراهيمية" والتسامح واحترام أديان "المؤمنين الآخرين".

البيت الإبراهيمي (بيت العائلة الإبراهيمية):

 ويمثل إحدى المبادرات الأولى التي دعت إليها ما تسمى وثيقة الأخوة الإنسانية، حيث سيضم البيت كنيسة ومسجداً وكنيساً تحت سقف صرح واحد، ليشكل للمرة الأولى مجتمعاً مشتركاً، وتدعي الإمارات القائمة على بناء المشروع في أراضيها أن الهدف منه ترسيخ قيم التعايش والتسامح والإخوة الإنسانية، ولكن الحقيقة أنه أحد خطوات تنفيذ المشروع الإبراهيمي وشرعنة الوجود الصهيوني عبر التطبيع السياسي والتطبيع الديني حيث من المفترض أن يحضر الافتتاح حاخامات من الكيان الصهيوني.

وحدة الأديان

 نظرية إلحادية يقصد بها الخلط والمزج بين الإسلام وبين الديانات الأخرى المحرفة والقصد من الخلط إزالة أي اختلاف بين هذه الملل، وأن الاختلاف ما هو إلا كما الافتراق بين المذاهب الفقهية في الإسلام، وأنه لا فرق بين  الأديان وأنها توصل إلى الله سبحانه وتعالى، والمقصد الحقيقي من هذه النظرية أنه لا يكون ولاء ولا براء و لا تقسيم للناس بين مؤمن وكافر.

تعد وحدة الدين في البهائية واحدة من المبادئ الأساسية في الدين البهائي والتي تنص أن هناك وحدة أساسية في العديد من الأديان في العالم، وهي أيضاً الأساس الذي بني عليه ما يسمى (الدين الأكبري) القائم على تجربة وحدة الأديان، وينسب الدين الأكبري- أو (الدين الإلهي) كما أسماه صاحبه- إلى السلطان جلال الدين محمد أكبر (٩٦٣ هـ- ١٠١٤ هـ/ ١٥٥٦ م- ١٦٠٥ م) ، وهو سلطان هندي نشأ مسلماً، ولكنه جمع الكل في تجربته (الإسلام والنصرانية والهندوسية وغيرها) على قناعة  بأن تنوع الأديان والمعتقدات يمثل عاملاً في تفرق المجتمع وتفككه.

ومن أنشط من يدعو إلى وحدة الأديان في هذا العصر (غارودي) (توفي في 2012) الذي دعا إلي مؤتمر دولي في قرطبة سنة 1987تحت اسم (الحوار الدولي للوحدة الإبراهيمية).

وعند العودة للقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه نجده يقرر وحدة الدين وليس وحدة الأديان، فالدين عند الله تعالى الإسلام وكل من يتعبد الله تعلى بغير الإسلام فلن يتقبل الله منه يقول تعالى: "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" صدق الله العظيم.

 الدبلوماسية الروحية:

الهدف المعلن والمزعوم من الدبلوماسية الروحية هو تحقيقُ السلامِ العالميّ، وحلُّ النزاعات، وتحقيقُ التنميةِ المستدامة، عبر مكافحة الفقر ومسبِّباته، والاضطلاعِ بخدمات ومشروعات تنموية تكرس الولاء للفكر الجديد؛ لكن غرضها الحقيقيّ تحقيق المصالح الغربية الصهيونية، وتدمير الأديان السماوية، خاصة الإسلام والمسيحية، وإضاعة الحقوق، وتزييف التاريخ، وتغيير الواقع، لصالح المخططات الصهيونية.

يعتبر المشروع الإبراهيمي المشبوه أن الدين الجديد سيكون مصدر الحل للنزاعات الدينية القائمة في المنطقة، ولذلك وفي العام 2013 تم تشكيل إدارة خاصة سميت "إدارة الحوار الاستراتيجي مع المجتمع المدني" داخل وزارة الخارجية الأميركية عندما كانت تتزعمها هيلاري كلينتون.

وضمت هذه الإدارة 50 دبلوماسياً و50 ممن أطلق عليهم "القادة الروحانيين" في المنطقة العربية أو "الشرق الأوسط"، ويقصد بهم رجال دين من ما يسمى الديانات الثلاث (الإسلام والمسيحية واليهودية)، ومنذ ذلك الحين ظهرت الدبلوماسية الروحانية التي تهدف إلى توظيف الدين في خدمة الأجندات السياسية أو ما يعرف بالاستراتيجية الأميركية في المنطقة.

 

 

مخاطر الإبراهيمية

إن الدعوة إلى الإبراهيمية سبيل إلى تمييع الدين، وإضاعة معالمه وأركانه في نفوس المسلمين، وتهوِّن من حرص المسلم على التمسك بالإسلام والاعتزازِ به، بل إن الأمر قد يصل في بعض الأحيان إلى تهوين الخروج من الإسلام، والتحول إلى غيره؛ حيث إنه ـ بحسب الإبراهيمية ـ لا فرق بينه وبين اليهودية والنصرانية، وأنه باتباعه الديانة الإبراهيمية لا يعد متخلياً عن دينه، وفي الواقع أنه قد خرج عن ربقة الإسلام لأن الله سبحانه وتعالى يقول: "إن الدين عند الله الإسلام" ويقول "ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين"

كما أن الإبراهيمية تنزِع عن الإسلام تفرّدَه بأنه الدين الوحيدُ الذي سلِم مِن التحريف، وتضفي على الأديان الأخرى المحرَفةِ والباطلة صفة القدسية والصحة من التحريف.

وكذلك سيؤول الحال مع القرآن الكريم؛ حيث لن يكون الكتابَ الذي اختصه الله تعالى بالحفظ من بين سائر الكتب.

ومن مخاطر الإبراهيمية كذلك أنها تؤدي إلى إضاعة العبادات التي شرعها الله تعالى، وفتْحِ البابِ واسعاً للتلاعب بها، والابتداعِ فيها، كما حدث فيما سمي بـ “الصلاة الإبراهيمية”.

ثم إن "الإبراهيمية" كذلك سبيل إلى تعطيل شريعة الله، وإلغاء كثير من الأحكام التي أَمَر بها الله؛ حيث إن هذه الدعوةَ تقوم على التلاقي والاجتماع على ما يُسمَّى المشترَك الإبراهيميّ والذي يمثل مجموعة من العادات والقيم والسلوك المشتركة.

وأما عن المخاطر السياسية للإبراهيمية؛ فإنها تنطوي على توجهات غايةٍ في الخطورة على أمتنا وقضايانا العادلة، وخاصة قضيةَ احتلالِ الصهاينةِ لفلسطين، وسعيِهم إلى ابتلاع الأرضِ المباركةِ وما حولها، في إطار مخطط “إسرائيل الكبرى”..

إن "الإبراهيمية" وما يتفرع منها، مِن شأنها أن تجعل وجودَ اليهود في منطقة المشرق الإسلاميّ أمراً مقبولاً، وتُخرجَ الصراعَ اليهوديَّ الإسلاميَّ من دائرة كونه احتلالاً واغتصاباً صهيونياً بالقوة لأرضٍ مسلمة، إلى كونه نزاعاً بين أبناء عائلة واحدة، هي "العائلة الإبراهيمية"

ثم إن من أكبر مخاطر "الإبراهيمية" على المسلمين دينياً وسياسياً: القضاء على الرابطة الحقيقية التي تربط جميع المسلمين برباط واحد، هو رباط الإسلام، وأُخوّة الإيمان، واستبدالها برابط ما يسمونه الإخوة الإنسانية.

و كذلك تكمن خطورة هذا المشروع باستبدال المقدس بمقدس آخر، فماذا لو استمر الحج في "أور" بداعي أن إبراهيم عليه السلام هو المشترك بين الأديان([10])، بعدها سيولد جيل مسلم يرى أن "أور" هي المكان المقدس الذي تحج له الأديان وليس مكة المكرمة حينها عندما تتعرض المقدسات الأصلية للهدم لن يكون هنالك من يدافع عنها، لذلك تتعالى بعض الأصوات لتهوين القضية الفلسطينية، كجزء من عملية غسيل أدمغة واستحضار أفكار جديدة بدعم من منظمات مجتمع مدني مدعومة من وزارة الخارجية الأميركية من قسم الدبلوماسية الروحية وتدريبهم على دورات تسمى (أنظمة الحكي)([11]) وهي كيف تقنع الأخرين بالأفكار الجديدة من خلال الكلام، للتأثير على مجتمعاتنا وقتل روح المقاومة والدفاع عن أوطاننا، وهذا متطابق مع مشروع البنك الدولي المذكور سابقاً.

 الإبراهيمية في خدمة الكيان الصهيوني  

أدركت الصهيونية أن استمرار بقاء الكيان الإسرائيلي في المنطقة العربية مرهون بتغيير عميق في ثقافة شعوبها التي تعتبر الدولة العبرية كياناً غريباً ومعادياً لها، ويرى جاسم يونس الحريري، أن المخاطر السياسية من الترويج لهذه الديانة يمكن حصرها في عدة نقاط أهمها:

1- هيمنة الكيان الصهيوني على المنطقة من خلال التطبيع الشعبي بعدما نجحت في التطبيع الرسمي فقد طبعت مع معظم حكومات المنطقة، وتغيير هوية الأمة الإسلامية من خلال الديانة الابراهيمية.

2- تحاول إسرائيل توظيف مفهوم "الديانة الابراهيمية" لإيجاد مدخل لترسيخ "حق اليهود بالأراضي العربية الفلسطينية" وإبعاد أتباع الديانات الاخرى عن مناصرة حقوق الشعب الفلسطيني.

3- فتح الباب واسعا أمام الحقوق التاريخية اليهودية المزعومة في الدول العربية، وخاصة في شبه الجزيرة العربية، والعمل على استعادتها.[12]

4- أن تكون الإمارات دولة منزوعة الهوية من خلال دعوات التعايش مع الديانات "الوثنية" الأخرى في العالم كالبوذية، والهندوسية، خاصة أن الامارات نصبت تمثالا لبوذا في أراضيها، وافتتحت معابد للهندوس.

5- العبث بالمناهج ضمن مخطط هادئ ومستمر وفاعل في معظم الدول المسلمة، هدفه تغيير الفكر وتصفية القضية الفلسطينية من الجذور عبر سنوات طويلة، فالأجيال الجديدة لن يكون في فكرها المطالبة بفلسطين أو القدس كعاصمة لها من الأساس، فضلاً عن ترسيخ فكرة تجريم مقاومة الاحتلال اليهودي والصهيوني للأقصى والقدس وفلسطين.

6- محاولة تغيير نظرة العقل الجمعي العربي والمسلم إلى الكيان الصهيوني، وبناء أجيال جديدة تتقارب مع الصهاينة كما يحدث حالياً في بعض دول التطبيع مثل الإمارات.

7- فتح الباب على مصراعيه للتطبيع السياسي والثقافي مع إسرائيل، والتهيئة للتنازل المستقبلي عن مناطق أوسع من الشرق الأوسط وتدويلها بحجة أنها مناطق إبراهيمية، ليست حكرًا على جهة معينة.

8- تزييف التاريخ وتشويه وعي الأجيال الجديدة، حيث حاولت منظمة الأونروا فور وصول ترامب إلى السلطة حذف عبارة “القدس عاصمة فلسطين” من المقررات الدراسية للصف الأول إلى الرابع الابتدائي بمدارسها لتحل محلها عبارة “القدس المدينة الإبراهيمية”، كمحاولة لتغيير وتغييب هوية الأطفال خلال مرحلة التشكيل ليكونوا نواة التطبيق للمخطط المستقبلي، وتمهيدًا لزرع مصطلح الإبراهيمية.

تسمية التطبيع بالاتفاقات الإبراهيمية

تنص ما تسمى اتفاقيات إبراهيم المنشورة على موقع وزارة الخارجية الأمريكية بأن الموقعين على الاتفاقية يدركون أهمية "الحفاظ على السلام" وتعزيزه في الشرق الأوسط وحول العالم على أساس التفاهم المتبادل والتعايش، وكذلك احترام كرامة الإنسان وحريته، بما في ذلك الحرية الدينية، كما نشجع الجهود المبذولة لتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات للنهوض بثقافة السلام بين الديانات الإبراهيمية الثلاثة والبشرية جمعاء.

ففي ديسمبر 2019، مهًد وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد لهذه الخطوة، بنشره تغريده على تويتر لتقرير لمجلة The Spectator البريطانية بعنوان "إصلاح الإسلام، تحالف عربي إسرائيلي يتشكل في الشرق الأوسط"، وأعاد رئيس الوزراء الصهيوني السابق([13]) نتنياهو نشرها على حسابه على "تويتر"، معرباً فيه عن سعادته لما "يتمّ من تنسيق بين إسرائيل وبعض الدول العربية.

وقد سبق ذلك العديد من الخطوات السرية والمعلنة، وقد ادعى الإماراتيون أن ذلك لمصلحة الشعب الفلسطيني ولكن الواقع أنه اتفاق أمني اقتصادي مع الكيان الصهيوني الغاصب، يزيد من التوتر في المنطقة العربية ويسعى لخنق ومحاصرة إيران وفتح المجال للصهاينة في الخليج أمنياً واستخباراتياً.

أهم دلالات إطلاق ما يسمى اتفاق ابراهام

يندرج حرص الإدارة الأمريكية على نعت اتفاقات التطبيع بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين، والاتفاقات التي تبشر بإنجازها في القريب العاجل([14]) بـ "اتفاق ابراهام" في إطار استراتيجية واضحة تهدف إلى محاولة بناء واختلاق رواية جديدة للصراع العربي –الإسرائيلي، واختلاق واقع جديد يقوم على إعادة تموضع "العدو" و"الحليف" في شبكة العلاقات التي تحكم العلاقات الإقليمية في المنطقة، ويشير إطلاق هذا المصطلح إلى عدة دلالات هامة منها:

 

لماذا الصوفية.. الدور الأمريكي في طرحها([16])

عرف عن بعض الطوائف الصوفية توجهات روحية وأفكار فلسفية تشكل وتوجه تصوفهم وعقولهم إلى مجال انفتاحي على العوالم كلها، سواء الإنسانية، والطبيعية الوجودية ، حيث تنعدم الفروق والحواجز تبعا لعقيدة "وحدة الوجود" التي دان لها كثير منهم، ذلك ما أفضت إليه فلسفة التصوف حينما صارت نظرية وحدة الوجود أساساً صريحاً لنظرية "وحدة الأديان" ومن هؤلاء الفيلسوف الصوفي ابن عربي الذي تبنى ما سماه "دين الحب" الذي تنضوي تحته كل عقيدة وينبذ معه كل خلاف في العقائد.([17])

استغل القائمون على "مشروع الإبراهيمية" هذه التوجهات لاعتماد الصوفية وسيلة للترويج لأفكار وحدة الأديان وخداع الشعوب بمفاهيم السلام والتسامح.

سعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة وخاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 إلى البحث عن استراتيجيات ووسائل لمواجهة ما يسمونه "الإسلام الحركي"، لذا انخرطت عسكرياً في المنطقة عبر أفغانستان والعراق وغيرها، كما سعت لتحقيق هذا التغيير من خلال محاولات تغيير الدين الإسلامي وجعله ديناً مستأنساً يخدم أهدافها واستراتيجيتها في المنطقة.

في العام 2007م أصدرت مؤسسـة رانـد[18] تقريـراً بــعنوان: "بنـاء شـبكات مسـلمة معتدلـة، Building Networks Muslim Moderate " ولعل أهم ما ركز عليه التقرير هو تلـك الإشـارة الملحـة لـدور التصوف ومؤسساته في تذويب حـدة التبـاين الإيـديولوجي بـين الإسـلام والحضـارة الغربيـة، ويعتبر التقرير أن نشر الصوفية هي حل التباعد الفكري والأيديولوجي بين الشرق والغرب.

ويذكر التقرير ثلاثة أنواع ممن يسميهم (المعتدلين) في العالم الإسلامي، وهم:

أولاً: العلماني الليبرالي الذي لا يؤمن بدور للدين في الحياة، ويتماشون مع الرؤية الغربية للحياة والعالم، ولا يرى حرجاً في الاندماج التام في المنظومة القيمية للغرب.

ثانياً: "أعداء المشايخ" –كما يسميهم التقرير- ويقصد بهم هنا " الأتاتوركيين " - أنصار العلمانية التركي.

ثالثًا: الإسلاميون الذين لا يرون مشكلة في تعارض الديمقراطية الغربية مع الإسلام، ويضيف في وصفهم بوضوح هم من: يزورون الأضرحة، والمتصوفون ومن لا يجتهدون.

 كمـا ورد في التقريـر فقـرة جـاء فيهـا، "إنّ الصـوفيّة بمـا لـديها مـن طقـوس شـعريّة وموسـيقيّة وفلسفيّة، تمثل جسراً للخروج من الاندماج الديني".

هـذا الـدور السياسـي للتصـوف هـو الـذي تتجـه إليـه أغلـب التوصـيات والسياسـات الغربيـة، فقـد أوصـت لجنـة الكونغرس الخاصـة بالحريـات الدينيـة بـأن تقـوم الـدول العربيـة بتشـجيع الحركــات الصــوفية، فالزهــد في الــدنيا والانصــراف عنهـا وعــن

عــالم السياســة يضــعف ولا شــك صــلابة مقاومة الاستعمار والتبعية الغربية، ومن ثم فعداء الغرب للإسلام لـيس عـداءً في المطلـق، وإنمـا هـو عـداء للإسـلام المقـاوم.

دور الإمارات في الترويج للتصوف السياسي:

أنشأت الإمارات ومولت عدداً من المؤسسات الثقافية والدينية التي تقوم بالترويج للتصوف السياسي الذي يخدم مشروع الإبراهيمية، أهم هذه المؤسسات:

  1. مؤسسة طابة التي تجمع الكثير من علماء الصوفية من البلدان العربية ولها فروع في عدد من البلدان العربية والأوربية وكان أبرز نشاك لهذه المؤسسة هو مؤتمر غروزني الذي استبعد السلفية والإخوان والوهابية من أهل السنة والجماعة. كما عقدت شراكة مع مؤسسة تمبلتون الأمريكية لتنفيذ أبحاث مشتركة حول التسامح وحوار الأديان والحضارات كما يدعون وإن  كان الهدف هو سلخ الإسلام من حقيقته وإعادة بنائه كما يريد الأمريكي.([19])
  2. منتدى "تعزيز السلم في المجتمعات الإسلامية" تأسس في مارس 2014 ويرأسه الشيخ الموريتاني عبد الله بن بيه، وقدم المنتدى نفسه باعتباره "ملتقى عالمياً للسِّلم ونبذ العنف في المجتمعات الإسلامية، ومن ضمن أهدافه، إحياء روح التعايش التي كانت سائدة في المجتمعات الإسلامية؛ وإحياء القيم الإنسانية بين جميع الأديان؛ ولعل أخطر ما يسعى إليه هذا المنتدى هو ما يمسى بالوحدة الإنسانية والدينية، والتي تعني دمج الأديان كما مر سابقاً في فقرة توحيد الأديان كأحد أهداف مشروع ما يسمى بالإبراهيمية.
  3. مجلس حكماء المسلمين

تأسس في يوليو 2014 ووفقاً لبيانه التأسيسي فهو هيئة دوليَّة مستقلَّة، تهدف إلى تعزيز السِّلم في المجتمعات المسلمة، بهدف المساهمة في تعزيز السِّلم في المجتمعات المسلمة، وكسر حدَّة الاضطرابات والحروب التي سادت مجتمعات كثيرة من الأمَّة الإسلاميَّة في الآونة الأخيرة، ويترأسه  الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، والشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة.([20])

إضافة إلى مركز صواب ومركز هداية والمعهد الدولي للتسامح و دعم المدخلية الجامية[21] المعروفة بقربها الشديد من السلطة والأنظمة الحاكمة.

وكل هذه المؤسسات الممولة من قبل الإمارات تصب في خدمة مشروع الإبراهيمية.

 


[1] بدأ الحديث عنه في القرن التاسع عشر(1811) فيما سمي “الميثاق الإبراهيمي” (the Abrahamic Covenant) الذي يجمع بين المؤمنين في الغرب، ثم رسّخه “لويس ماسينيون” في الخمسينيات من القرن العشرين، في مقالة نشرها عام 1949 تحت عنوان: “الصلوات الثلاث لإبراهيم، أبِ كلِّ المؤمنين”، ثمّ تحوّلت “الديانات الإبراهيمية” إلى حقل دراسات مستقلة بنفسها.

[2] الدول العربية وتركيا وإيران.

[3] وقد أشار إليها الشهيد القائد رضوان الله عليه في ملزمة الهوية الإيمانية بقوله : "أحيانا يقول اليهود: نحن وأنتم مختلفون في محمد ومتفقون على موسى، لماذا لا ننطلق جميعا على ما نحن متفقون عليه؟ وقد يقول النصارى: نحن وأنتم مؤمنون بعيسى ومختلفون في محمد، لماذا لا ننطلق جميعا على ما نحن متفقون عليه؟. "

[4] بحسب الباحث هاني رمضان طالب، الإبراهيمية بين التعايش والسيطرة، متوفر على الرابط:

https://caus.org.lb/ar/the-abrahamic-project/

[5] الدبلوماسية الروحية منهج جديد مستجد لدى الدول الغربية يهدف إلى توظيف الدين ورجال الدين للقيام بالمهام الدبلوماسية لحل النزاعات كما يزعمون.

[6] مبادرة مسار إبراهيم الخليل هي منظمة عالمية غير حكومية تعمل في أورفا، وعمان، وبيت لحم، وكمبريدج (ماساتشوسيتس)، والقدس، ولندن، وروتردام، وساو باولو، والهدف منها تيسير السفر عبر مسار إبراهيم. مبادرة مسار إبراهيم الخليل التي ولدت من رحم مبادرة التفاوض العالمية، التي أطلقتها جامعة هارفارد، اعتمدت ودعمت من قبل تحالف الأمم المتحدة للحضارات ومنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة.

 

[7] يقوم الاعلام السعودي غير الرسمي بالترويج لمقولة أن الفلسطينيين هم بقايا الرومان.

[8] الاتفاقية رقم 169 بشأن الشعوب الأصلية والقبلية في البلدان المستقلة، اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في 27 حزيران/يونيه 1989، في دورته السادسة والسبعين تاريخ بدء النفاذ: 5 أيلول/سبتمبر 1991.

[9] الخبر على الرابط التالي:

https://tisri.org/?id=32znt85t

 

[10] الربط بين الإبراهيمية والحج البديل لم يكن عفوياً بل اختيار مدروس لأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام هو أول من نادى وأذن بالحج في الناس بقوله تعالى : "وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالاً وعلى كل ضامر ".فعندما يتم إلغاء الحج الإبراهيمي المشروع يقدم بدلاً عنه المسار الإبراهيمي المشروع.

[11]

[12] وقد بدأ الكيان الصهيوني بتقديم مطالبة أمام المحاكم الدولية بالتعويضات من الدول العربية التي هاجر منها يهود أمام المحاكم الدولية.

[13] تم انتخابه مؤخراً كرئيس للوزراء في دولة الكيان الصهيوني (13‏/11‏/2022)

[14] المغرب والسودان وغيرها من الدول تسمى العلاقات بينها وبين الكيان الصهيوني بالاتفاقيات الإبراهيمية.

[15] مستشرق يهودي أمريكي صاحب مشروع تقسيم المنطقة العربية والمعروف بعدواته الشديدة للعرب والمسلمين.

[16] لا نقصد كل الصوفية بل بعض من انخرط في المشروع الإبراهيمي بواسطة الإمارات أداة المشروع في المنطقة العربية. فهناك صوفية متمسكون بالدين الإسلامي ويرفضون كل مشروع دخيل على الإسلام ومنخرطون حتى في الجهاد ضد الاحتلال وعملائه في المنطقة.

[17] قال ابن عربي:

لقد صار قلبي قابلاً كل صورة

فمرعى لغزلان ودير لرهبان

وبيت لأوثان وكعبة طائـف

وألواح توراة ومصحف قرآن

أدين بدين الحب أنى توجهـت

ركائبه فالحب ديني وإيماني

[18] مؤسسة بحثية تابعة لوزارة الحرب الأمريكية البنتاغون، تشتهر بدراساتها وتقاريرها التي تسببت في غزو واحتلال العراق وأفغانستان وحرب أوكرانيا وكثير من التدخلات العسكرية الأمريكية في العالم.

[19] أو كما وصفه عبد الله بن زايد في تغريدته السابقة الذكر(إصلاح الإسلام).

[20] تدعم الإمارات هذه المؤسسات التي تدعي أنها تدعو للسلام بينما تخوض الحروب وتمولها في اليمن وليبيا وتدعم الحركات التكفيرية

[21] حركة وهابية سعودية تعادي الحركات الإسلامية الإصلاحية والحركات السياسية الأخرى.

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المركز

مواضيع متعلقة