Logo dark


مقدمة كتاب 21 سبتمبر ....ثورةالشعب مستمرة

( رئيس دائرة المعلومات والنشر بالمركز , wajeehtalib@gmail.com )

لتحميل الكتاب على الرابط التالي:

https://www.yecscs.com/downloadlib/3

المقدمة:

تعرف الثورات كمصطلح سياسي بأنها تعني الخروج على الوضع الراهن والسعي لتغييره باندفاع حركةٍ من عدم الرضا والتطلع نحو الأفضل، وقد تكون إلى جانب كونها سياسية ثورة اجتماعية تقوم بها فئة أو جماعة من الشعب تهدف إلى تغيير النظام السياسي ومعالجة الاختلالات الاجتماعية السائدة وصولاً إلى نظام سياسي واجتماعي نزيه وعادل يوفر الحقوق ويضمن الحريات وينهض بالمجتمع في شتى المجالات، كما تطوي صفحات الفساد والقمع وترفع أيدي الوصاية التي تعرض سيادة وأراضي وثروات البلد للنهب والاستلاب، تقوم بها طلائع ثورية من المجتمع متشبعة بالوعي والإيمان بقضية الشعب المتطلع للحرية والسيادة والعيش الكريم، وترسم لنفسها أهدافاً ثابتة تسعى لتحقيقها بحركة دائمة مستمرة، وتخضعها لحركة التاريخ المتجددة والعقل الإنساني الإبداعي ليحدد مساراتها ويطور أداءها بما تفرزه التجربة الميدانية من دروس وعبر.

إذا كان كل ما سبق يصف الثورة فإن ما حدث في صنعاء يوم الـ 21 من سبتمبر 2014 يجمع كل ذلك؛ ويضعنا أمام ثورة بكل المقاييس النظرية والسياسية والاجتماعية؛ بل وتميزت ثورة الشعب اليمني بكونها من أبرز الثورات السلمية في تاريخ اليمن الحديث، فعادة ما كان يصاحب الثورات -بسبب الفعل الثوري العسكري- عنفٌ وتجاوزات سواء من قبل الثورة نفسها أو ضدها (محاولات الإجهاض)؛ لكن ثورة الـ21 من سبتمبر أثبتت أنها من أنظف وأنصع الثورات وأكثرها سلمية، وقد شهد لها المراقبون بأنها ثورة لم يشبها ما يمكن تسميته بـ "معرة الثورات" من انتشار للفوضى وانهيار للمؤسسات واستهداف المدنيين أو الممتلكات العامة والخاصة.

ثورة أذهلت المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي، ما حدا بالمبعوث الأممي إلى اليمن حينها (جمال بن عمر) أن يصف ما حدث بالمعجزة والخارق للعادة! فلم يتوقع أحد أن هذه الثورة ستمد يدها "المنتصرة" بالسلم والشراكة إلى خصومها الذين انتصرت عليهم! وهو أمر غير مسبوق على الاطلاق أن تجتمع في نفوس الثوار "الحالة الثورية المنتصرة" مع "الحالة النفسية المستعدة للسلم والتشارك" مع الخصم وهو ما يتطلب فترة زمنية للتدرج بين الحالتين.

ورغم أن أعداء الثورة وخصومها قد نصبوا الشراك لها لتقع في مصيدة العنف والعنف المضاد من اللحظة الأولى لنجاحها؛ إلا أن حكمة قيادة الثورة ووعي الشعب مكّنت الثورة من القفز على هذه الشراك لتصل إلى إبرام الاتفاق التاريخي المعروف باسم اتفاق السلم والشراكة في نفس اليوم.

وقد بدأت محاولات إجهاض ثورة 21 سبتمبر اليمنية منذ استهلالها سعياً لوأدها في المهد، وتتابعت المحاولات اليائسة التي تحطمت على صخرة وعي الشعب وحكمة القيادة الثورية التي تنبهت لتلك المؤامرات وأفشلتها باستمرار، وبعدما يئست قوى العدوان الخارجي من فشل أياديها الداخلية قامت بالتدخل بنفسها، وهو ما حدث فجر الخميس الـ 26 من مارس 2015م من انطلاق العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، والحصار الاقتصادي الخانق واستهداف المدنيين بالمجازر الوحشية وتدمير البنى التحتية للبلد، وهو ما وضعه الشعب اليمني في خانة آخر محاولات العدو للقضاء على ثورته التحررية.

إن أي ثورة تتصدى لحمل مسؤولية استقلال البلد واستعادة قراره وسيادته ورفع أيدي الوصاية عنه؛ لن تكون مهمتها يسيرة، أو مؤقتة تنتهي بإزالة نظام أو إجراء تغيير سياسي أو اجتماعي؛ بل إنها -واقعاً- تستعدي كل تلك القوى التي هيمنت على البلد واستلبت سيادته سواء في ذلك أعداء الخارج أو أدوات الداخل، وهو ما يضع الثورة أمام تحدٍ كبير يحاول أن يجعل منها "ثورة فاشلة" كما فُعل بكثير من الثورات التحررية على مدى التاريخ البشري.

لقد جاءت الثورة في وقت كان يُعدّ لليمن مخططٌ كارثيٌ يهدف إلى تقسيم الجغرافية اليمنية وإدخاله في دوامة الحرب الأهلية والنزاعات المتعددة العناوين، وبقائه من جهة أخرى رهيناً للوصاية، ومستجدياً للحلول من صانعي الأزمات، ولكن اندلاع الثورة قلب الطاولة على تلك القوى ومخططاتها؛ ليبدأ مسلسل إفشال ما كان يُعدّ لليمن والشعب اليمني من مسارات إجبارية ليسلكها في طريق الفوضى والعنف والتدمير الذاتي لكل مقوماته، فقد أسقطت الثورة مشروع تقسيم البلاد بما سمي مشروع الأقاليم المحشور عنوة في مخرجات الحوار وهو في الحقيقة من "خارجه" وليس من "مخرجاته"، كما أفشلت مشروع تدمير الجيش وهيكلته التخريبية وتصفية الشرفاء من عناصره، وكانت عثرة أمام المشروع الإرهابي المتمثل في القاعدة وداعش التي عاثت في جسد المجتمع اليمني قتلاً وفتكاً به في أسواقه ومساجده ولم تسلم منه حتى ملاذات المرضى والجرحى كما حدث في مستشفى العرضي بصنعاء وهو رمز السيادة العسكرية والأمنية للبلد، وأثبتت الثورة نجاحها في تخفيض مستوى العمليات الإرهابية (السيارات المفخخة – الأحزمة الناسفة – الاغتيالات ...الخ ) إلى الصفر! وعملياً كانت إعلاناً عن الخروج من الوصاية السعودية والأمريكية، وخروجاً من مظلة الفصل السابع صوب شمس الحرية متحملاً الكلفة الباهظة لذلك الخروج.

واليوم ونحن نطوي صفحة الثلاثين شهراً من العدوان الهمجي والوحشي على الشعب اليمني تأتي الذكرى الثالثة لثورة 21 سبتمبر التحررية للشعب اليمني لتقدم حقيقة لا تقبل الشك وهي "أن ثورات الشعوب دائما هي المنتصرة" كما قال الرئيس البوليفي إيفو موراليس. "وأن الثورة التي تأتي على أساطيل العدو هي خيانة للوطن" كما قال الرئيس الكوبي الراحل فيدل كاسترو.

وهنا يسر مركز الدراسات الاستراتيجية والاستشارية اليمني أن يقدم ضمن هذا الكتاب مجموعة من الدراسات والبحوث والمقالات التحليلية عن ثورة 21 سبتمبر والتي تناولت أسبابها وأبعادها وأهدافها، كما ناقشت علاقتها بالعدوان السعودي الأمريكي على الشعب اليمني، وبمشاركة عدد من الكتاب اليمنيين والعرب، الذين تناولوا الموضوع بالبحث والتحليل الدقيق والاستقراء التاريخي للثورات ومقارنتها بثورة الـ 21 من سبتمبر، وعلاقة الأخيرة بالثورات اليمنية السابقة، آملين أن يقدم صورة تعكس أهمية وعظمة هذه الثورة والحكمة الثورية التي تتمتع بها قيادة الثورة ممثلة في قيادة سماحة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي -حفظه الله-. والتي آلت على نفسها أن تكون تلك الثورة "وسيلة" لتحقيق مطالب الشعب، و"مستمرة" تتصدى لكل التحديات والعقبات، وقائدة للشعب اليمني الوفي إلى تحقيق العدالة والحرية والاستقلال على كل شبر من أرضه الطاهرة.

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المركز

مواضيع متعلقة