Logo dark


الزلزال الأمريكي: ترامب، المقدمات والنتائج

( مُفكر ومحلل استراتيجي وسياسي – رئيس تحضيرية الاشتراكي اليمني (ضد العدوان) , )

الزلزال الأمريكي: ترامب، المقدمات والنتائج

المقدمات

مقدمات الزلزال الأمريكي

سبقت الزلزال الأخير ستة عقود من التراجع والنكسات والأزمات والديون والعجز السنوي والبطالة والإفقار واتساع الهوة بين الطبقات، غنى الفاحش واتساع الفقر والبؤس والجريمة، انحطاط شامل، كساد تضخم عنصرية إرهاب منظم مدعوم رسمياً مافيات مسيطرة، فساد تدخل، ظلم يشمل العالم من واشنطن نهب العالم كله.

 من هنا انتقلت خلالها أمريكا من أغنى دولة في العالم تسيطر على نصف اقتصاد العالم وعلى دخله القومي وتدين لها أوروبا والعالم إلى دولة مدينة لأغلب الدول الكبرى، ومن أكبر دولة تملك الذهب إلى دولة باعت كل ما لديها من ذهب لمواجهة الإفلاس نتيجة هزائمها في الحرب على فيتنام بين 64م- 74م من القرن الماضي، وفرضها سياسة سباق تسلح باهضة التكاليف بهدف إفلاس اقتصاد الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية وزعزعتها سياسياً وفرض سيطرة دولية أحادية القطبية تصبح وحدها على قمة العالم بدون منافس.

ومثلما فرضت الإفلاس والسقوط للاتحاد السوفيتي واقتصاده؛ فإنها قد أصابها ما أصاب خصومها وأكثر، فقد سقط الاقتصاد السوفيتي نتيجة المنافسة لعدم توفر حلف مالي كبير ينقذه من الإفلاس أما أمريكا فقد نجت من الإفلاس لأنها اعتمدت على السوق الرأسمالية الكبيرة للإقراض والديون، وقد بقيت إلى الآن لكنها ظلت عليلة مليئة بالأمراض الاقتصادية والاجتماعية.

 ثم بدأت اقتصاداتها الاحتكارية تتراجع أمام منافسات رأسماليات ناهضة أكثر نشاطاً وحيوية وانتاجية وحداثة من بنية الاقتصاد الأمريكي ومن صناعاته التي أصبحت متقادمة، والنتيجة هي أنها أصبحت تنفق على الحروب وسباق التسلح والتوسع في السيطرة على البحار والمحيطات والقارات بمقادير مالية هائلة حتى فاقت النفقات حجم دخلها القومي السنوي وصار الاستهلاك العام للبلاد يفوق مستوى الانتاج ويتجاوز قدرتها على الوفاء.

وكان هذا التوجه يهدف إلى الحفاظ على مصالح الشركات الاحتكارية الكبيرة وثبات مستوى أرباحها ودخولها عن طريق تنشيط تجارة الأسلحة والمعدات والفضاء على حساب الدولة والمواطن العادي دافع الضرائب، ولأن الدولة يقل دخلها عن استهلاكها فقد لجأت إلى ديون سنوية من البنوك العالمية والداخلية وخلال عقدين من الزمن كان دينها قد بلغ أرقاماً فلكية وأضحت عاجزة عن السداد - 21تريليون دين خارجي و20 تريليون دين داخلي- النتيجة كانت المزيد من التضخم والغلاء وزيادة حجم الضرائب المفروضة فوق المواطن العادي.

 إفلاس الكثير من الشركات والمصانع الوطنية نتيجة فتح السوق الأمريكية أمام المنتجات الاجنبية الأرخص والأفضل وفقاً لقواعد سوق العولمة المفتوحة، وسيطر الطابع الربوي البنكي الطفيلي على الاقتصاد الأمريكي وتوفرت الفرص أمام الشركات العملاقة العابرة للقارات متعددة الجنسية لأن تنجوا من التزاماتها الضريبية وواجباتها المالية تجاه الدولة والمجتمع.

أصبح الاقتصاد الأمريكي يستورد أكثر مما ينتج وكان ذلك مصحوباً بالكساد وزيادة البطالة والمزيد من الفقر والبؤس وانتشار الجريمة بمعدلات هائلة لم تعرف من قبل، فقد وصلت البطالة إلى أكثر من 20 مليونا من العاملين الذين فقدوا أعمالهم،  واتجهت الحكومات الأمريكية خدمة الشركات الكبرى إلى فتح الباب أمام الهجرة غير الشرعية من خارج البلاد لتوفير العمالة الرخيصة السعر حتى تجاوز الرقم  13 مليون مهاجراً غير شرعي من العمالة الرخيصة ينافسون ابناء البلاد المحرومين من العمل، وواصلت الحكومات الأمريكية المغامرات العسكرية والتدخلات الحربية ضد البلدان الأخرى وواجهت المزيد من الإخفاقات وارتفعت نسبة النفقات وزادت أحجام الديون الخارجية والتي على المواطن الأمريكي أن يستمر في دفع أقساطها طول عمره دون نهاية لها لأنها مستمرة في الزيادة دون توقف نتيجة استمرار العجز السنوي للموازنة العامة واستمرار الديون كنتيجة له.

 الأزمة والثورة

أزمة المؤسسات الامبريالية الأمريكية وصراع طبقات يحتدم منذراً بثورة اجتماعية شاملة  

العجز عن المعالجة والتكيف واستحالة التخطيط ومنع تدخل الدولة في الاقتصاد وبقاؤها مجرد حارس ليل وتحميل المجتمع الأمريكي أكلاف السياسات الامبريالية الباهظة؛ هذه الأوضاع للدولة الأمريكية أبقاها عاجزة عن إحداث أي تغيير على مسارات العمليات الاقتصادية العفوية الجارية المعتمدة على آليات السوق الرأسمالية المتوحشة التي تجير الفوائد والمنافع للقوى الأقوى والأكبر في المنافسة الضارية وتدفع الشركات الأضعف إلى الإفلاس ومعها آلاف جديدة من العاطلين ومزيداً من الإفقار والبؤس والبطالة والانحلال.

واتسعت الهوة الشاهقة بين الطبقات الأمريكية فثمة أقلية احتكارية لا تزيد عن 3% من السكان تملك وتستولي على النصيب الأكبر من الثروة والدخل القومي وتهيمن عل أكثر من 80% من الثروة والدخل القومي، وبالمقابل لا تشارك في الانتاج ولا تساهم في دخل الخزانة العامة لأنها معفية من الالتزامات والضرائب ولا تشتغل في الصناعة الوطنية الأمريكية؛ بل تعمل في المجالات الطفيلية واقتصادات الهواء والربح السريع والاقراض والربى والاستيراد والريع.

 يقابل هذه الطبقة كتلة بشرية شعبية واسعة من الأمة هي الـ 90 % من الأمة الأمريكية وهم الفقراء والعمال والمزارعون والموظفون والمستخدمون والمثقفون والمتوسطو الحال والصناعيون الوطنيون والحرفيون والمهمشون والسود والملونون والنساء والعاطلون والبؤساء والمهاجرون - يبلغ عدد السكان أكثر من 300 مليون إنسان "الشغيلة" والعمال وحدهم يفوقون الـ200 مليون إنسان  يعيشون في ظروف بائسة في أكثر البلاد غنى، وكانت هذه هي أخطر المفارقات الاجتماعية التي تواجهها أمريكا والرأسمالية المتوحشة، وعانت الجماهير الشعبية الأمريكية الكثير من الحرمان والعسف؛ لكن الحكومات كانت قادرة على خداع الشعب بواسطة امبراطوريات الإعلام والفكر التابعة للشركات الكبرى التي كانت قادرة على إقناع الشعب وتزوير إرادته  وتسويق المرشحين الرئاسيين والبرلمانيين بإطلاق الوعود والشعارات الرنانة والتلاعب بعواطف الناس واستغلال مشاعرهم وتوجيهها نحو أعداء وهميين، وعندما لا يعودون موجودين فإنها تخترعهم اختراعاً وتصنعهم صناعة لحرف انتباه الشعب بعيداً عن التفكير في مشاكله

ثورة المعلومات

ولكن المسيرة القديمة فضحت نتيجة ثورة المعلومات - الأسرار والوثائق الحكومية والدولية –فأصبح الشعب يعرف الحقائق التي أخفيت عنه خلف الجدران والخزانات الحديدية بلمسة زر، وأدرك  الشعب حقيقة حكوماته وما يجري في العالم وفهم طبيعة الإعلام وأساطيره الموجهة لخداع الأمة – وأيقن أن المؤسسات السياسية البيروقراطية والنخب المالية والفكرية قد أصابها الفساد الشامل وأنه لا يرجى منها نفعاً ولا إصلاحاً.

وبعد عديد من التجارب والآمال بين الجمهوريين والديمقراطيين من بوش إلى أوباما وكلينتون؛ أدرك أنه لا فروق بين الجميع بالنسبة لمصالح الشعب وحقوقه ومطالبه، وأن هؤلاء هم وكلاء للاحتكارات الكبرى التي تدفع نفقات انتخاباتهم التي تبلغ المليارات من الدولارات فهم ليسوا أحراراً بالمرة، فالاحتكارات تدفع ودول الإرهاب تدفع لهم والشركات والمافيات تدفع لهم عبر ما يسمى باللوبيات الضاغطة لفرض السياسات التي تخدم دافعي أموالها فإنه لا جدوى من التعلق بأي من هؤلاء الذين يلفهم الفساد والتبعية للاحتكارات والشركات المالية الكبرى والمصالح الأنانية الضيقة والعمالقة فوق القومية.

رب ضارة نافعة         

وكانت المصيبة الكبرى التي نزلت بالشعب الأمريكي وفجعته وأيقظته هي الحقائق المتعلقة بجريمة الـ11 من سبتمبر العام 2001م، التي كشفت أن المجرم الحقيقي هو السعودية وبوش وأوباما وكلينتون، وغيرهم من النخبة السياسية المسيطرة على الدولة، ومدى تحالفاتهم ضد الشعب الأمريكي ومدى فسادهم وانحلالهم الأخلاقي لقد فزع الشعب الأمريكي من حقيقة أنهم أخفوا عن الشعب المجرم الحقيقي وكذبوا عليه بشأن القاتل الوهمي لكي يبرروا جرائمهم ويزيدوا من أموالهم وأرباحهم.

 الإدراك والوحدة والتنظيم الشعبي سر القوة

 وقد وصل الشعب الأمريكي إلى هذا الادراك عبر مراحل من المعاناة والتجارب والتنظيمات والتحولات السياسية كانت تجري ببطء أدت إلى تكون اصطفافات شعبية حسب مصالح الناس الاقتصادية المباشرة بعيداً عن اللوبيات المسيطرة، كانت الخطوة الجبارة على الطريق الطويل هي التوصل إلى قناعات واعتقادات قوية جديدة بأهمية الاتحادات الشعبية العمالية والمهنية والثقافية والعلمية والنقابية والحقوقية.

خارج الحزبين المسيطرين تمت إقامة كتلة ناخبة كبرى جمعت أكثر من 120 مليون ناخب هي في أغلبها أصوات العمال والفقراء والعاطلين والمهمشين والسود واللاتين والطبقات المتوسطة المفقرة والرأسماليات الوطنية المزاحمة وضحايا الديون والعولمة وضحايا القمع العنصري والتمييز، وتحالفت الكتلة الشعبية المقهورة والمهمشة مع قوى الثقافة الوطنية التحررية الديمقراطية واعتمدت على الاتحادات النقابية العمالية في التنظيم وفي التهديد بالإضرابات العامة تحذيراً من التزوير، ورغم كل شيء فقد كسب الشعب الأمريكي لأول مرة رهاناته وخياراته وما زال في بداية مرحلة طويلة وخطيرة زلزالية سوف تطيح بالكثير مما علق بالتاريخ وبالمجتمع الأمريكي من مآسٍ وجرائم، وانهارت مقاومة المؤسسات أمام ثورة الشعب الباردة الهادئة لكن المسيرة مازالت في بدايتها.

 حذر النماذج

 حين نتحدث عن ثورة أمريكية تخطو على الطريق فلا يعني أن تكون بالضرورة شبيهة بنماذج سابقة عنيفة وحمراء وفاقعة ودموية ومكررة لصور في زمن مضى، فأمريكا لها خصوصيات تطور سلمي نتيجة لتطورها الخاص ولظروف ثورتها الوطنية التحررية الحقوقية المثبتة نهاية القرن 18م، وبالتالي فإن إمكانية إنجاز ثورة سلمية جماهيرية انتخابية في إطار المفاهيم الدستورية والحقوقية المعترف بها وانطلاقاً من سلطة تنفيذية شعبية يفوز فيها ممثلو الشعب وتحت حراسته  تظل ممكنة وتبقى فرضية جميلة عليها الكثير من المؤشرات والوعود والآمال في مركز الإمبريالية الأكبر، هذه لا تكون إلا وعود ثورة تحمل طرازاً جديداً من سمات عصرها - عصر الشعوب الحرة المقاتلة لأجل حريتها - إننا أمام ربيع جنوني فقسته مؤسسات أمريكا القديمة وها هو يعود إليها، إلى قلبها ولن تسلم منه أبداً.

 إن سلطة الدولة وهي تنتقل من يد ممثلي طبقة مسيطرة إلى أيدي ممثلي طبقات شعبية جديدة وباسمهم في سياق صراع سياسي حاسم محتدم كاد أن يتحول إلى انتفاضة شعبية عمالية بعد تهديد نقابات العمال بالإضراب العام الوطني.

إن حدثاً كهذا لا يوصف في التاريخ إلا بوصفه الثورة الهادئة   إذ تهدد بالثورة العنيفة.

إن الثورة العامة تسير بسلاسة، إن حدثاً كهذا هو ثورة وإن أخفت رأسها مؤقتاً وأخفتت صوتها فسوف تجبرها التحديات القادمة أن تسفر عنهما جهاراً نهاراً وسنسمع قريباً صيحة الأحرار في قلب واشنطن ونيويورك ومانهاتن وشيكاغو.

مجدداً عاشت الثورة الشعبية العالمية عاشت الحرية الإنسانية وليس هذا ببعيد.

 

آثار ترامب في الداخل ... مؤجل إلى ما بعد 20 يناير -2017م - القسم الثاني

النتائج الجيوسياسية والاستراتيجية الدولية والإقليمية والمحلية لفوز ترامب:

نتائج عالمية دولية

 أهم النتائج لفوز ترامب ستصب على أبرز النقاط الملتهبة في السياسات والعلاقات الدولية وهي:

العلاقات مع روسيا

 فالموكد أن علاقات ترامب ببوتين قوية  ويختلط فيها الاعجاب المتبادل بين الشخصيتين والقناعات المشتركة والتحالفات في وجه الإرهاب وقوى الشر الدولية التي تستهدف الحضارة الانسانية ككل، كما تنطوي على شعور متبادل واحساس بالقهر والاضطهاد من أعداء وخصوم مشتركين أبرزهم الاحتكارات والشركات العملاقة والمافيات والمخدرات والإرهاب، كما يربط الطرفين معاناة اقتصادية مشتركة ومتشابهة الأسباب والعوامل وتوفر تكاملات اقتصادية غير مستغلة بعد، كما يجمع بينهما حجم قواتهما الحربية المهيمنة على العالم باهظة النفقات وقدرتها على فرض قواعد أمنية لعالم جديد والرغبة الملحة في خفض التسلح وخلق علاقات آمنة بين البلدين تسمح بمعالجة أمراض اقتصادية كثيرة واستغلال تفاهمات القوتين لتصفية الإرهاب.

كما يجمع بين الاثنين تأييد الحرب على الإرهاب في سوريا والعراق والشرق الأوسط عموماً ويؤيد ترامب تحرك روسيا العسكري في المنطقة ويعتبره ضرورة قصوى لأمن أوروبا وأمريكا والعالم.

 كما ينعكس هذا على وضع روسيا أمام التهديدات الأمنية المواجهة لروسيا في أوروبا الشرقية والبلطيق وأوكرانيا وتركيا وجورجيا ويتحول إلى إضعاف التهديدات الصاروخية القائمة ممثلة بالدرع الصاروخية الموجهة نحو روسيا والتحريض لأوكرانيا الانقلابية والتدخل الأوربي في الشأن الروسي والتخريب الاقتصادي وسباق التسلح الجديد كما ينعكس على الاعتراف والإقرار لروسيا بحقوقها التاريخية والمحيطية وأمنها في البلاد التي كانت جزءاً منها ومنحت الاستقلال في سياق التزامات أمنية وتعاقدية متبادلة بينهما.

 على التحالفات العدوانية السابقة

 الاستراتيجيات الأمريكية السابقة والمظلات والحمايات الأمنية القديمة لا يعتبر ترامب أنها مازالت قائمة بل سوف تتعرض للفك والتركيب على ضوء الواقع الجديد، وما دام التحالف والتعاون مع روسيا أهم محاور سياسته الخارجية فإن حلف الأطلنطي وأمثاله سيشهد تغيرات حاسمة وسيكون على ألمانيا أن تسارع ببناء علاقات جديدة مع روسيا ضماناً لأمنها القاري واستقرارها.

موقف ترامب من الحمايات القديمة هو أن ذلك سيكون مقابل الأموال والتقيد بالقانون الدولي وعدم التدخل بشؤون الغير، أي أن ترامب يبيع الحماية مقابل المال ويحول التنظيم العسكري التحالفي إلى مشروع تجاري متبادل المنافع دون الإضرار بالغير؛  فهو يرى أن الدول الأخرى بما فيها الشركاء الكبار قد استغلت أمريكا بدفعها إلى موقع الزعامة والتنافس مع السوفييت سابقاٌ  وروسيا حالياً نيابة عنها بدون أن تحقق هي شيئاً، بينما الآخرون هم من قبضوا الأرباح والفوائد المالية وهو اليوم يريد تصفية الحسابات مجدداً انطلاقاً من أزمة ارتفاع أحجام الديون الأمريكية التي أنفقتها أمريكا في مغامرات وحروب تخدمها جميعاً واستفادت منها الدول الكبرى الأخرى، علماً أن أكثر الديون الأمريكية هي لهذه الدول والتي أبرزها اليابان وألمانيا والصين وبريطانيا وفرنسا وكندا التي حققت فوائض مالية على حساب عجز الميزان الأمريكي.

 تصفية الحسابات القديمة أولاً

ترامب يريد دفع هذه الدول إلى التنازل عن ديونها على أمريكا مقابل ما حققته أمريكا لها استراتيجياً  طوال العقود الماضية، عليهم أن يدفعوا الأموال إذا أرادوا حمايتنا وقواتنا في أوروبا والعالم، كله بعد ذلك المال مقابل الحماية.

العلاقات مع الصين

 العلاقات مع الصين مرت بأسوأ مرحلة لها في تاريخها الحديث حين بدأت التوترات تظهر على أطراف بحر الصين الجنوبي، وعلى ملفات عديدة بين الجانبين أهمها

  1. استعادة تايوان إلى حضن الوطن الأم والكف عن تسليحها بما يفتح سباق تسلح متنامٍ في المنطقة ورفع القواعد العسكرية الأمريكية في الجزيرة وحولها والتوقف عن التحريض على الانشقاق والانفصال.
  2.  المسألة الكورية وهي تتجلى في وجود القوات الأمريكية في جنوب كورية واستمرار تقسيم البلاد إلى دولتين متعاديتين تحقيقاً لأهداف الغرب ومصالحه وتريد الصين والكوريون الوطنيون توحيد كوريا في وطن واحد مستقل استجابة لرغبة الأمة.
  3. رفع القواعد العسكرية المنتشرة حول الصين وفي بحر الصين الجنوبي وفي الفلبين وغيرها لأنها تهدد أمن الصين القومي مباشرة.
  4. الديون الأمريكية للصين: الصين هي أكبر دائن لأمريكا حيث يتجاوز المبلغ أكثر من تريليون دولار يزيد باستمرار، ولذلك يهم ترامب الوصول مع الصين إلى علاقات طيبة وتفاهمات وتنازلات متبادلة ويمكن توقع أن قضايا عالقة كثيرة في آسيا سوف تحلحل تحت الضغط الناعم المتبادل، فحاجة ترامب إلى معالجة أزمة الديون والحصول تسهيلات ديون جديدة تدفعه إلى التنازل للصين في أهم الملفات العالقة – تايوان والكوريتين والبحر الجنوبي الصيني – مقابل الحصول على منافع اقتصادية صينية كبيرة، ديون طويلة الأجل وتنازلات عن فوائد.

 بقدر ما هنالك من متغيرات إيجابية فثمة احتمالات مازالت مشوشة حول قضايا أخرى سيتضح الموقف بشأنها لاحقاً.

 

نتائج فوز ترامب على المنطقة العربية والجزيرة والخليج والعدوان على اليمن

 الحرب ضد الإرهاب في سوريا و العراق

أثر فوز ترامب على الحرب ضد الإرهاب في سوريا والعراق والمنطقة يتجلى موقف ترامب الحازم من الحرب ضد الإرهاب في سوريا والعراق  في مواقفه المعلنة الداعمة لحملات الرئيس الأسد وحلفائه الروسيين واللبنانيين والإيرانيين، وللحملة العراقية للحشد الشعبي لتحرير الموصل وتخليصها من سيطرة إرهاب داعش، ومطالبته بتعزيز المشاركة الأمريكية الجادة ضد الإرهاب كما بادر إلى دعوة الرئيس العراقي لزيارته للولايات المتحدة كأول رئيس يتلقى دعوة بالزيارة لإظهار اهتمامه الزائد بدعم الحملة العسكرية الجارية ضد داعش في العراق، معلناً شراكته في الحرب ضده واستعداد أمريكا إرسال المزيد من الدعم والقوات عند الحاجة.

كما يتجلى في إدانته للإدارات الأمريكية السابقة التي ظلت تعلن في الظاهر معارضتها للإرهاب بينما واصلت في السر دعمها تمويلها وتسلحيها له وتدافع عنه في المحافل الدولية.
وقد كشف مخططاتها المنافقة أمام الرأي العام الأمريكي متهماً إياها بالتعاون مع الإرهاب ضد مصالح الأمن القومي الأمريكي ومصالح العالم متهماً تلك الإدارات بالرشاوى والفساد والغباء.

وقد نشر ترامب العديد من الوثائق التي تثبت تورط الإدارات الأمريكية السابقة والحالية في دعم داعش والقاعدة، وتحذيرها قبل العمليات المستهدفة للإرهاب بتسريب المعلومات إلى الإعلام لنشرها قبل العمليات الكبيرة مما يعتبر تحذيراً للإرهابين وقياداتهم ما يكشف التواطؤ بين الطرفين.

كما أدان الحملات الأمريكية السعودية القطرية الإماراتية المشتركة الداعمة للإرهاب في سوريا وطالب بوقف تسليح الإرهاب رافضاً المفاهيم المنافقة التي يتشدق بها أوباما - كيري حول الإرهابين المعتدلين من أصدقاء أمريكا والغرب، موكداً أنه ليس هناك سوى القاعدة وداعش والإرهاب التكفيري وإن تعددت أسماؤه فأصله واحد هو السعودية الوهابية.

أثر فوز ترامب على تطورات الميدان

لا يمكن القول إن فوز ترامب أدى إلى انهيارات الإرهاب في سوريا والعراق فالدور الحاسم كان لصمود الشعب والجيش السوريين وحلفائه وللدعم الروسي الاستراتيجي في اللحظات الحاسمة من الحرب ما أدى إلى رجحان كفة الحرب استراتيجياً لصالح سوريا، وبداية لخسارة الإرهاب وتقهقره وفقدانه المناطق المسيطر عليها بعد تكبده لضربات قاصمة على قواعده وبنيته التحتية وجيوشه ومعداته.

وجاء فوز ترامب ليحسم التردد في مواقف أوباما الأخيرة التي تشجع الإرهاب بالمزيد من التسليح و دفعه إلى التراجع عن المواقف المتطرفة التي أعلنها، وبدأ يتحدث عن مراجعة السياسة السابقة كما اعترف أوباما في آخر خطاباته إلى الكونجرس،  وقد ساعد فوز ترامب على القضاء على تردد أردوغان في دعمه المتطرف السابق للإرهاب لينهج منهجاً أقل تطرفاً ويمتنع عن إرسال قواته إلى العراق وسوريا لإنقاذ القوات الإرهابية المنهارة كما كان ملتزماً بوصفه المقاول الميداني للسعودية وقطر عبر حلب التي شكلت مركز الثقل الرئيسي للإرهاب، وأدى فوز ترامب إلى تسريع انهيارات الإرهابيين في منطقة حلب كأهم معقل استراتيجي للإرهابين والمدينة الأهم بعد دمشق في قيمتها الاستراتيجية الوطنية.

أثر فوز ترامب على العلاقات الأمريكية مع السعودية ودول الخليج في إطار الحرب ضد الإرهاب ورعاته:

 في علاقاته بالسعودية ينطلق ترامب من اعتبار السعودية العدو اللدود لبلاده وقد كرر هذه اللفظة مراراً في مقابلاته كما أكد على مدى كراهيته للسعودية واعتبارها مصدًرا لتهديد أمن الولايات المتحدة وانطلاقاً من حقائق أهمها:

إن السعودية حسب التحقيقات الجنائية قد خططت ونفذت عبر عصاباتها الإرهابية اعتداءات الـ11  من سبتمبر العام 2001م ضد الشعب الأمريكي المسالم، وقتلت أكثر من ثلاثة آلاف وأصابت واضرت بأكثر من خمسين ألفاً، وأكدت التحقيقات أن أمراء المملكة الحاكمين ووزراءها هم من قاموا بالتحضير والتخطيط والتمويل والإعداد للعمليات العدوانية عبر السفارة والقنصليات السعودية في أمريكا، وهو ما يضعها في حالة حرب غير معلنة ضد أمريكا والعالم.

أكد ترامب أن من أولوياته الاستراتيجية ان يتحرر من الاعتماد على نفط السعودية؛ لأن السعوديين استغلوا الحاجة إلى النفط لابتزازات استراتيجية تضر بالأمن القومي الأمريكي والعالمي، و أن عليها أن تدفع ثمن الحماية الطويلة؛ حيث تطاولت على الآخرين وتصرفت كما يحلو لها بعيداً عن الخوف من العقاب نتيجة للمظلة الاستراتيجية الأمريكية وطالبها أن تجند جيشها كاملاً لمقاتلة داعش في سوريا والعراق غيرها. أما الثمن المطلوب فهو نصف الحصة من النفط الموجود في السعودية!

 وسوف تحال الحكومة السعودية قريبا إلى قفص المحاكمات في أمريكا والعالم وستدفع الكثير من الأكلاف والأثمان، وتكون كما قال السيد ترامب بقرة حلوب تحلب إلى أن يجف ضرعها ثم تذبح  وهذا ما يجري التحضير له الآن.

ترامب والعدوان السعودي على اليمن

 يرفض ترامب الحجج الواهية التي ترفعها السعودية وحلفاؤها ويعتبر السبب الوحيد للعدوان على اليمن هو الجشع السعودي والطمع في السيطرة على النفط اليمني، كما يرفض ترامب بتاتاً وجود أي سبب شرعي للعدوان، كما ينفي وجود خطر إيراني في اليمن، ويرفض الاعتراف بما يسمى حكومة الفار في الرياض وفي تعيينه سفيراً له في صنعاء قبل أسابيع إشارة واضحة لاعترافه بالحكومة الوطنية في صنعاء.

 تعيين ترامب اليوم لوزير للخارجية القادم هو السيد ركس نيلسون، سبق له أن عمل في اليمن لسنوات رئيساً لشركة أكسون النفطية ويلم بالوضع النفطي اليمني وبالعلاقات السعودية تجاه اليمن ويعرف جيداً حقول النفط في الجوف وبأنها أكبر حقول العالم قاطبة، وهو صديق لبوتين ومعادٍ للإرهاب ولرعاته وسيكون ملف العدوان على اليمن لأول مرة بأيدي أناس يعادون العدوان ويدينونه، وستتعرض الأمم المتحدة لتغيرات بنيوية كبيرة سيكون ولد الشيخ واحداً منها، وسوف يتعرض نفوذ السعودية القديم على المؤسسات الدولية للزوال وتعاني الحصار كدويلة مارقة تحارب البشرية المظلومة.

 نتائج مباشرة

  • خروج أمريكا من تحالف العدوان على اليمن، وفي هذا الخروج والتخلي عن العدوان وقواه ومناهضتهم تحول أمريكا من خصم إلى حليف موضوعي.
  • التحقيق حول اختراقات القانون في العمليات الحربية التي جرت بمشاركة أمريكية.
  • سحب جميع الخبراء والقادة والموجهين العسكريين والأمنيين العامليين في العمليات الحربية السعودية الحالية مما يعني انهياراً للخطط العدوانية الاستراتيجية مما يسرع في سقوط العدوان السعودي ميدانياً.
  • وسياسياً استصدر قرارات من مجلس الأمن لدولي بإلزام السعودية وقف العدوان على اليمن ورفع الحصار وخروج جميع القوات الأجنبية وإلزامها التعويض الكامل والاعتراف بالحكومة الشرعية الوطنية المناهضة للعدوان في العاصمة صنعاء.

إن ساعة العدوان قد أزفت ميدانياً الآن بعد انهياراته على جميع الأصعدة، وأصبحت بلادنا قاب قوسين أو أدنى من نيلها حريتها واستقلالها وسيادتها وسعادتها ووحدتها وأمنها، وصار يقيناً الآن أن ترتفع أعلام الوطن خفاقة في جميع أرجاء الوطن وأن تسقط جميع الضلالات والقيود المكبلة لإرادة أمتنا الحرة ولن تجدي صرخات النخاسين والعبيد، انتصرت الأمة ولن تخنع أو تخضع بعد كل ما قدمته وحققته ومهما تكن الآلام والمحن فنحن شعب أبي مارد شرس.

 

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المركز

مواضيع متعلقة