Logo dark


سقطرى ... سناريوهات النفوذ الناعم أم السيطرة العسكرية !!

( , )

  ما هي قصة الجزيرة التي باتت مؤخراً تحتل الصادرة في المواقع الإخبارية، هل نحن أمام سناريو إماراتي لإقامة قاعدة عسكرية أم سناريو نفوذ ناعم يمكن الأمريكان من إقامة قاعدة عسكرية بغطاء إماراتي؟! وما هي حقائق وأبعاد المؤامرات التي تحدق بالجزيرة في ظل العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي الغاشم على اليمن.

ان الزوبعة الإعلامية حول النفوذ الإمارات في جزيرة سقطرة تكشف عن رأس الهرم الثلجي لصراع جيوسياسي دولي محدق بالجزيرة، وربما كانت التدخلات الإماراتية بالجزيرة هي تدخلات بالوكالة لمؤامرة أمريكية صهيونية، لقد كانت جزيرة سقطرى وما زالت مطمعاً لقوى استعمارية متعددة عبر المراحل التاريخية المختلفة التي مرت بها هذه الجزيرة الهامة، سوف نتناول في هذه الورقة الأهمية الاستراتيجية للجزيرة والأطماع الاستعمارية المحدقة بها وذلك من خلال النقاط التالية:

الملامح الرئيسية الجغرافية والتاريخية والسكانية للجزيرة:

  • سقطرى هي أرخبيل يمني مكون من ست جزر تقع بالمحيط الهندي قبالة سواحل القرن الأفريقي بالقرب من خليج عدن، وتقع في الممر المائي لدول المحيط الهندي وكنقطة التقاء بين هذا المحيط وبحر العرب، ويشمل الأرخبيل ست جزر هي جزيرة سقطرى ودرسة وسمحة وعبد الكوري، وصيال عبدالكوري وصيال سقطرى وسبع جزر صخرية وهي صيرة وردد وعدلة وكرشح وصيهر وذاعن ذتل وجالص.
  • تعتبر جزيرة سقطرى أكبر الجزر العربية واليمنية، وتبلغ مساحتها نحو 3796 (كم²) (1,466 ميل مربع)، ويبلغ طول الجزيرة 132 كم وعرضها 50 كم ويبلغ طول الشريط الساحلي 300 كم، أعلى قمة بالجزيرة 1,503 م (4,931 قدم).
  • أرخبيل سقطرى كان يتبع إدارياً محافظة حضرموت ومنذ عام 2012 أصبح الأرخبيل محافظة بمديريتين مديرية حديبو (شرق) ومديرية قلنسية وعبد الكوري (غرب) والعاصمة حديبو.
  • سكان الجزيرة حسب تعداد 2004م 175,020 ألف نسمة، وتعود اصول سكان جزيرة سقطرى إلى مهرة بن حيدان كما جاء في كتاب لسان العرب للهمداني، وقبائل حِمْيَريه وهناك بعض العشائر يعود أصلها إلى حضرموت وسلطنه عمان. 
  • اللغة السقطرية هي اللغة الأم للسكان الأصليين من قبيلة المهرة في الأرخبيل وهي من اللغات العربية الجنوبية.
  • تم تصنيف الجزيرة كأحد مواقع التراث العالمي في الاجتماع الـ 32 للجنة التراث العالمي عام 2008، وبالاعتماد رقم 1263 ولقبت "بأكثر المناطق غرابة في العالم"، وصنفتها صحيفة النيويورك تايمز كأجمل جزيرة في العالم ل عام 2010 نظراً للتنوع الحيوي الفريد والأهمية البيئية لهذه الجزيرة وانعكاسها على العالم.
  • الملامح التاريخية الرئيسية للجزيرة، ترجع شهرة سقطرى وأهميتها التاريخية إلى بداية العصر الحجري وازدهار تجارة السلع المقدسة، ونشاط الطريق التجاري القديم - طريق اللبان، حيث اشتهرت سقطرى بإنتاج الند وهو صنف من أصناف البخور، كما تشير النقوش الأثرية التي وجدت بالجزيرة إلى أن الجزيرة يمنية حميرية منذ 320 ميلادي، وبالرغم أنه تعاقبت على هذه الجزيرة موجات استعمارية قديمة من البرتغاليين والرومان بهدف احتلاله، إلا أن سكان سقطرة ظلوا متمسكين بجزيرتهم وهويتهم ويتميزون في عمومهم بعدم التنافر العرقي. وقد أسس المهريون سلطنة المهرة في قشن وسقطرى في 1549 بعد جلاء الاستعمار البرتغالي وظل سلاطينها يقاومون تلك الهجمات، وفي عام 1876م وصل من مستعمرة عدن إلى سقطرى المندوب السامي البريطاني ووقع مع سلطان قشن وسقطرى على معاهدة لضمان حماية بضائع وركاب السفن البريطانية، وفي 1886 أصبحت سلطنة المهرة محمية بريطانية، ثم أصبحت فيما بعد جزءاً من محمية عدن. وفي 30 نوفمبر 1967م مع نجاح ثورة 14 أكتوبر نزلت في الجزيرة فرقة من الجبهة القومية للتحرير، وانتهت بذلك سلطنة المهرة في قشن وسقطرى، وأصبحت سقطرى جزء من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. كان في سقطرى قاعدة بحرية عسكرية سوفياتية متقدمة، للبوارج والأساطيل، ظلت تعمل حتى قيام الوحدة اليمنية عام 1990م. بعد الوحدة اليمنية ارتبطت جزيرة سقطرى إدارياً بمحافظة حضرموت وفي أكتوبر من عام 2013 أصبح أرخبيل سقطرى محافظة مستقلة عن محافظة حضرموت.

 

 

الأهمية الجيواستراتيجية لجزيرة سقطرى:

 يقول الأدميرال ألفريد ثاير ماهان، الخبير الجيواستراتيجي في البحرية الأمريكية أن: “كل من يحقق السيادة البحرية في المحيط الهندي سيكون لاعبًا بارزًا على الساحة الدولية” 

 ويقول "إن هذا المحيط هو المفتاح للبحار السبعة في القرن الحادي والعشرين وسيتم تحديد مصير العالم في هذه المياه”.

وفي هذا الإطار تحتل جزيرة سقطرى أهم المواقع الجيواستراتيجية بالمحيط الهِنْدِي كونها تقع على مفترق طرق من الممرات المائية البحرية الاستراتيجية وبالتالي يمكن لأي قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى مراقبة حركة السفن بما في ذلك السفن الحربية في خليج عدن والمحيط الهندي وهو ممر بحري رئيس يربط بين الشرق الأوسط وشرق آسيا وأفريقيا مع أوروبا والأمريكتين، وعلى مقربة من جزيرة سقطرى، عبر خليج عدن والبحر الأحمر.

طريق العبور الرئيسية لناقلات النفط، كما تمر عبره حصة كبيرة من صادرات الصين الصناعية إلى أوروبا الغربية, بالإضافة للتجارة البحرية من شرق وجنوب أفريقيا إلى أوروبا الغربية.

ونظراً لهذه الأهمية فقد احتدم التنافس الجيوسياسي فكان أرخبيل سقطرى جزءاً من اللعبة الأمريكية الكبرى بين روسيا وأمريكا خلال الحرب الباردة، كان للاتحاد السوفياتي وجود عسكري في جزيرة سقطرى، والتي كانت في ذلك الوقت جزءاً من جنوب اليمن، وقبل أقل من عام، دخل الروس في مفاوضات جديدة مع الحكومة اليمنية بشأن إنشاء قاعدة بحرية في جزيرة سقطرى.

 

سناريوهات السيطرة الأمريكية:

 إن إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في جزيرة سقطرى هو جزء من عملية واسعة النطاق من عسكرة المحيط الهندي وتتكون هذا العملية من دمج وربط جزيرة سقطرى بالبنية القائمة، وكذلك تعزيز الدور المهم الذي تلعبه القاعدة العسكرية دييغو غارسيا في جزر تشاغوس، ولأن أرخبيل سقطرى يحتل أهمية موقع استراتيجي في المحيط الهندي كون يقع على مفترق طرق بحري استراتيجي, علاوة على أن الأرخبيل يمتد على مساحة بحرية كبيرة نسبياً في المنفذ الشرقي من خليج عدن، من جزيرة عبد الكوري، إلى الجزيرة الرئيسة سقطرى وتقع هذه المنطقة البحرية من العبور الدولي في المياه الإقليمية اليمنية، ولذلك سعت الولايات المتحدة الأمريكية للسيطرة على جزيرة سقطرى ذات الأهمية الاستراتيجية والتي ستمكنها من تحقق أحد أهدافها الاستراتيجية والمتمثل بالسيطرة على الطرق والممرات المائية البحرية الاستراتيجية للبحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، كما أن لجزيرة سقطرى أهمية جوهرية للجيش الأمريكي كونها تقع على بُعد نحو 3000 كم من القاعدة البحرية الأمريكية “دييغو غارسيا”، وهي من بين أكبر المنشآت العسكرية الأمريكية في الخارج. 

 ومن بين الأهداف الاستراتيجية لواشنطن، هو عسكرة الطرق البحرية الرئيسة المتصلة بباب المندب هذا الممر المائي الاستراتيجي الهام، ولذلك تعمل أمريكا على أن يكون لها قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى لتستخدمها في مراقبة حركة السفن بما في ذلك السفن الحربية في خليج عدن والمحيط الهندي وباب المندب وهو ممر بحري رئيس يربط بين الشرق الأوسط وشرق آسيا وأفريقيا مع أوروبا والأمريكيتين.

وقد تعددت المحاولات الأمريكية لاحتلال جزيرة سقطرى وسوف نشير إليها في النقاط التالية: 

  1. في عام 2010 كان أول سناريو أمريكي للسيطرة على جزيرة سقطرى فقدت عملت على تحقيق هذا الهدف تحت غطاء الحرب على الإرهاب، في هذا العام التقى الرئيس صالح والجنرال ديفيد بترايوس، قائد القيادة المركزية للقوات المسلحة الأمريكية ، لإجراء مناقشات رفيعة المستوى وراء الأبواب المغلقة، وقدّمت وسائل الإعلام الاجتماع الذي دار بين صالح وبترايوس بوصفه استجابة مناسبة لمحاولة التفجير الفاشلة لطائرة الرحلة رقم 253 المتجهة إلى ديترويت والتابعة لشركة “نورثويست ايرلانيز” أثناء أعياد الميلاد، ويبدو أن هذا اللقاء حدث لهذا الغرض كوسيلة لتنسيق مبادرات مكافحة الإرهاب الموجهة ضد “تنظيم القاعدة في اليمن”، وقد أكدت العديد من التقارير أن الاجتماعات بين صالح وبترايوس كانت بهدف إعادة تعريف التدخل العسكري الأمريكي في اليمن بما في ذلك إنشاء قاعدة عسكرية كاملة في جزيرة سقطرى، لمواجهة القراصنة وتنظيم القاعدة وقبل يوم واحد من الاجتماعات بين صالح وبترايوس في صنعاء، أكد الجنرال بترايوس في مؤتمر صحفي في بغداد، أن المساعدة الأمنية إلى اليمن ستكون أكثر من الضعف من 70 مليونا إلى أكثر من 150 مليون دولار، وهو ما يمثل زيادة قدرها 14 ضعفًا منذ عام 2006 قدِّمت هذه المضاعفة للمساعدات العسكرية لليمن إلى الرأي العام العالمي كرد فعل على حادث تفجير طائرة ديترويت، المزعوم تنفيذه من قِبل تنظيم القاعدة في اليمن.
  2. وفي نهاية عام 2015 بدأ سناريو النفوذ الإماراتي الناعم للسيطرة على الجزيرة، وكانت وسائل أعلام تحدثت عن توقيع حكومة هادي التي كان يرأسها حينها خالد بحاح عقداً لتأجير الجزيرة على الإمارات لمدة 99 عاماً قبل أن يدشن بحاح مع قيادات إماراتية إعادة الإعمار في الجزيرة من آثار إعصار تشابالا الذي ضربها. وتحدث مؤخراً المحافظ سالم السقطري عن المشاريع الخدمية لدولة الإمارات وممثلها الإنساني الهلال الأحمر الإماراتي في الجزيرة بالقول: "تم توقيع اتفاق تعاون بين هيئة الهلال الأحمر الإماراتي والسلطة المحلية ومن ضمن الاتفاق إعادة إعمار ما تعرضت له الجزيرة من الأعاصير ومن ضمنها بناء مدينة زايد 1 في منطقة سدورا في نوقد ومدينة زايد 2 في ساحق وبناء وحدات سكنية في عدد من القرى، ويتم حالياً العمل في بعضها، والبعض في طور التنفيذ حيث نفذ إلى اللحظة 356 منزلاً"، كما قامت دولة الإمارات ببناء عدد من المدارس وتأهيل عدد آخر منها على مستوى محافظة سقطرى، ودعم القطاع السمكي، وتوسعة وتأهيل لسان بحري (ميناء سقطرى) بدعم مباشر من مؤسسة خليفة والعمل جارٍ فيه، كما قامت دولة الإمارات بتسوير مطار جزيرة سقطرى وإعادة تأهيله وإضاءته بالطاقة الشمسية، وبالنسبة للقطاع الأمني أوضح المحافظ السقطري أن هذا الجانب حظي بدعم مباشر من دولة الإمارات، حيث تم تدريب 700 عنصر من أبناء الجزيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة، وهم الآن يقومون بعملهم في تأمين الجزيرة، وزودت الإمارات الأجهزة الأمنية بالمعدات والآليات ودعم اللواء المرابط بالجزيرة بكل ما يحتاجه من معدات وسيارات. وبحسب تحاليل المتابعين فإن الإمارات توسع نفوذها في جزيرة سقطرى والشروع ببناء قاعدة عسكرية تديرها الاستخبارات الأمريكية ويشير هؤلاء المتابعون إلى العديد من المؤشرات نذكر منها التالي:

 رفعت السلطات الإماراتية من عدد رحلات طيرانها إلى جزيرة سقطرى اليمنية في المحيط الهندي وبدأت بعدة خطوات تهدف من خلالها لفرض أمر واقع على الأرض. وتأتي هذه التطورات بعد أن نشرت الإمارات جنود من جيشها في الجزيرة وقامت بتدريب قرابة 700 من أبناء الجزيرة في معسكرات للجيش الإماراتي في ابو ظبي والشارقة وإعادتهم إلى الجزيرة لتولي مهام أمنية هامشية. وتقول تقارير صحفية إن الإمارات باتت تسيطر على أرخبيل سقطرى وتديره بعيداً عن حكومة هادي.

 وحسب التقارير تتدخل قيادة القوات الإماراتية في الأرخبيل في التعيينات التي تتم في السلطة المحلية لمحافظة أرخبيل سقطرى وباتت تعين وتعزل مسؤولين بما يتناسب مع الأجندات التي تعمل عليها. ويرى مراقبون أن الإمارات باتت محتلة لأرخبيل سقطرى حيث يعد قائد القوات الإماراتية في الجزيرة هو صاحب الأمر والنهي في الأرخبيل وبات بمثابة مندوب سامٍ لـ”أبو ظبي”.

 وتفيد معلومات أن أمراء في الأسر الحاكمة في الإمارات أسسوا شركات لتفويج السواح إلى سقطرى بعد استقدامهم من بلدانهم إلى إمارات ابو ظبي ودبي والشارقة. وبدأت هذه الشركات بإنتاج أفلام سياحية عن أرخبيل سقطرى والترويج له في وسائل الإعلام الرسمية.

وتفيد مصادر محلية مطلعة أن شركات إماراتية بدأت بإنشاء مرافق سياحية في جزيرة سقطرى واستقدمت مئات من الجنود الإماراتيين لحمايتها وتمنع القوات اليمنية المتواجدة في الجزيرة وكذا السلطة المحلية من الدخول إلى المواقع الانشائية التي تقوم بتشييدها على سواحل الجزيرة.

 وأكدت المصادر أن جنود من المارينز الأمريكي يتواجدون في تلك المنشآت في حين تصل سفن صغيرة يعتقد أنها أمريكية إلى مراسي الجزيرة دون معرفة أسباب قدومها. وتفيد معلومات أن ما تقوم به الإمارات في ظاهره الاستثمار غير أنه بالتوازي مع المشاريع الاستثمارية يتم بناء قاعدة عسكرية باتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية شرق الجزيرة بحيث تكون قاعدة استخباراتية متقدمة تديرها الاستخبارات الأمريكية بمشاركة ضباط مخابرات إماراتيين مستفيدين من موقع الجزيرة على مدخل المحيط الهندي. 

وحسب المعلومات فإن إنشاء هذه القاعدة يأتي ضمن الحرب الباردة التي بدأت بين الولايات المتحدة والصين والتي بدأت بنشر أسطولها الحربي في بحر الصين الجنوبي.

 وفي الخلاصة لقد أمكن للإمارات أن تجد لها موطن قدم بالجزيرة من خلال المساعدات التي قدمتها منذ عام عقب الكارثة التي تعرضت لها الجزيرة بسبب إعصار تشابالا. 

وقيام الإمارات بهذه الجهود الإغاثية المساعدات قوبلت بترحاب من كل سكان الجزيرة وهو عمل إنساني مرحب به ولا غبار عليه؛ إلا أن انخراط الإمارات في العدوان على اليمن جعل اليمنين يقلقون من التواجد الإماراتي في الجزيرة خاصة وأن هذا التواجد في الجزيرة بدا وكأنه قد تحول إلى نفوذ إماراتي تجاوز سقف المساعدات الإغاثية في الجزيرة.

وفي نهاية المطاف فإن الإمارات تعلم أنه ليس بإمكانها السيطرة على جزيرة سقطرى وذلك لكونها تشكل بموقعها الاستراتيجي في المحيط منطقة صراع جيوسياسي بين القوى الدولية، وأن أمريكا تسعى للسيطرة عليها وحرمان روسيا من ذلك، وربما كان سيناريو النفوذ الناعم للإمارات على الجزيرة هو من قبيل المساعدة على سيطرة أمريكا على الجزيرة بعد أن تكون الجزيرة شكلياً قد تم تأجيرها في الظاهر للإمارات، وبالتالي فإن إقامة القاعدة الأمريكية هناك في الجزيرة المؤجرة للإمارات جاء بناء على طلب إماراتي، وهذا أيضاً ما حاولت القيام به الإمارات في جزيرة ميون حيث كشفت الصين أن هناك اتفاقية موقعة من قبل أمريكا والإمارات ومصر.

الموقف الروسي:

 بعد سقوط الاتحاد السوفيتي فقدت روسيا قاعدتها البحرية في جزيرة سقطرى وحاولت استعادتها من خلال المحادثات التي أجرتها روسيا مع السلطة اليمنية بعد الوحدة، وفي الأسبوع الذي أعقب الاجتماع بين بترايوس وصالح، أكد بيان من البحرية الروسية أن "روسيا لم تتنازل عن خططها في امتلاك قواعد لسفنها في جزيرة سقطرى"، ويلاحظ أن التوجيه الروسي قائم على التواجد في ظل استتباب الأمن بين دول المنطقة وليس على حساب الصراع بين دول المنطقة، وبالتالي فإن موقف روسيا قد انعكس سلباً عليها وأضعف فرصتها في إنشاء قاعدة بحرية في جزيرة سقطرى.

 وفي الختام نتساءل: هل هناك خطأ استراتيجي يمني بشأن الصراع الجيوسياسي على جزيرة سقطرى؟ قبل الوحدة كانت السلطة في الشطر الجنوبي قد حسمت أمرها ومنحت الاتحاد السوفيتي قاعدة بحرية في جزيرة سقطرى، وظلت أميركا تبحث عن الفرصة للسيطرة على الجزيرة خلال سنوات الحرب الباردة، وعملت على إنشاء قاعدة بحرية لها هي قاعدة “دييغو غارسيا” على بعد 3000 كيلو متر من جزيرة سقطرى، بعد الوحدة كانت الجهود الأمريكية أكثر فعالية من جهود روسيا، وهنا نتساءل ماذا كان لو أن اليمن منحت روسيا قاعدة بحرية بجزيرة سقطرى؟ ماهي النتائج التي كانت ستحققها اليمن لحماية أمنها أمام الاطماع الأمريكية والسعودية؟

هل كان من الصواب عدم التجاوب مع المطالب الروسية؟

هل باتت جزيرة سقطرى لقمة سائغة للأميركان؟

التعليقات على الندوة:

 الشيخ مجاهد القهالي عضو اللجنة السياسية التابعة للمجلس السياسي الأعلى:

 بناء على خرائط ومسوحات جغرافية أمريكية رسمية تثبت امتلاك اليمن لمخزونات هائلة من النفط والغاز، إضافة إلى الموقع الجغرافي الاستراتيجي الهام وما يتمتع به من جزر مطلة على طريق الملاحة الدولية بجانب مضيق باب المندب الذي يعتبر البوابة الواصلة بين قارتين وممراً يتحكم في نسبة كثيرة من تجارة النفط وغيرها من الصادرات والصناعات،

 فقد تعرضت اليمن لمؤامرة خطيرة من دول الخليج والسعودية بالذات لمنعه من استثمار تلك الثروات وتسببت في تفجير الأوضاع الأمنية وخاصة ضد أنصار الله بهدف تحجيمهم في محافظة صعدة كونهم حجر عثرة أمام مخططها الرامي لنهب ثروات اليمن والسيطرة على جزره ومضيقه، ومن تلك الجزر التي طالتها المؤامرات مبكراً هي جزيرة سقطرى اليمنية والتي مهدت لها تلك الدول المعتدية بخطوات بالتنسيق مع الرئيس المستقيل هادي الذي أصدر قراراً بجعلها محافظة مستقلة، كما أن من تلك الخطوات هو ما يسمى بفكرة الأقاليم التي تحول اليمن إلى دويلات ضعيفة لا تملك قراراً ولا تستطيع استغلال أو حماية ثرواتها ما يجعلها بالتالي عرضة للنهب من الدول الإقليمية والدولية.

في الوقت الحالي وبعد تصاعد الأنباء عن الممارسات الإماراتية في الجزيرة تأتي التأكيدات الميدانية أن الجزيرة تتعرض لطمس الهوية من قبل الإماراتي المحتل، والرهان اليوم لاستعادة الجزيرة وسائر المناطق المحتلة من الوطن هو على الصمود والثبات والانتصارات في الميدان العسكري.

 الأستاذ عبد السلام المحطوري رئيس دائرة الدراسات والبحوث بالمركز:

ما يجري في الجزيرة هو امتداد للدور الأمريكي ولما يحدث في الجنوب بشكل عام، كما أن بعد الجزيرة الجغرافي ساعد الإمارات على التحرك بحرية أكبر بما يساعدها على تحقيق أهدافها،

لا يستبعد أن يكون الهدف الإماراتي هو الاستثمار بناء على فوائضها النقدية الهائلة، مع أمكانية أن يكون لها مطامع في الثروات المحتملة في المنطقة.

وهنا يجب التنبيه إلى أن المنطقة تشهد صراعاً اقليمياً ودولياً بحرياً بالموازاة مع حرب باردة بين الصين وأمريكا على التجارة والنفوذ.

عن مستقبل الجزيرة نرى أن مستقبلها مرتبط بمستقبل اليمن ككل وما سيؤول إليه اتفاق إنهاء الحرب حول الوحدة أو انفصال، وهو ما ينتج قوة تفاوضية مختلفة، أما الدور الإماراتي فهو مرتبط بسيناريوهات العدوان على اليمن.

 وبخصوص مواجهة التحركات الإماراتية العدوانية نشدد على أهمية التحرك الديبلوماسي لدى الأمم المتحدة، وعدم ترك الإمارات للتفرد بالجزيرة، كما يمكن التحرك عبر القوى الكبرى المتضررة من تلك السيطرة كالصين وروسيا، وفضح المخططات وربطها بمصالح تلك الدولتين.

 الأستاذ عبدالملك العجري رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والاستشارية اليمني:

الورقة المقدمة تؤكد على أن الصراع جيوسياسي وأن ما يجري في المنطقة ليس نزاعاً محلياً بل هو جيوسياسي وله أبعاد إقليمية ودولية أهم،

 هنا يجب ملاحظة أن هناك تحول وبروز فاعلين جدد كالاتحاد الأوربي والصين بجانب الأمريكان، وبالتالي

فإن ما يجري اليوم في المنطقة هو محاولة اعادة اقتسام للنفوذ وعليه يفسر الصراع القائم بأن يخدم تحقيق ذلك الهدف لكبير.

جدير بالذكر أن التقارير الأوربية تصف اليمن بالجوهرة الجيوسياسية وهو ما يؤكد أ أن الحرب في المقام الأول حرب جيوسياسية.

الورقة تثير أسئلة قد تحتاج إلى إجابات منها:

- ما مدى شرعية التواجد الإماراتي في اليمن؟

 هل بإمكان الإمارات عقد اتفاق بإقامة قواعد عسكرية مع سلطات محلية!!؟

وفي حال قيامها بذلك بعيداً عن البرلمان، هل ستعتبر قوة احتلال؟

فيما يخص الأخبار عن الربط الشبكي والرحلات بين الجزيرة وأبو ظبي نرجح أن تكون مبالغ فيها، وأن ما يجري في الجزيرة إنما هو تحركات ناعمة لتخدم الهدف الأساسي باستخدام المنظمات الإنسانية لفرض حقائق على الأرض في المستقبل لتتمكن من فرضها سياسياً والتمسك بها أمام المجتمع المحلي الذي سيرحب بذلك التواجد الإماراتي.

ولا ننسى أن الإمارات تقوم بتشغيل أكثر من 30 ميناءً عبر العالم، وأن تحركها في الجنوب يعطي فكرة عن طموحات إمبراطورية، ولكنها غير مؤهلة لمثل تلك الطموحات، ما يعني ضرورة وقوف قوى كبرى ومشاريع أكبر خلفها.

الورقة أثارت موضوع الدور الروسي والصيني ولكنها لم تجب على الأسئلة المتعلقة بدورهما. خاصة وأن الروس كان لديهم نفوذ سابق في الجزيرة عبر قاعدتهم إبان العهد السوفييتي وهو ما يجب اخذه في الاعتبار.

 بالنسبة للصين فإن مصالحها مرتبطة بالبحر والتجارة عبره أكثر من روسيا، سواء فيما يخص نوع الصادرات أو الطريق والجهة التي تصل إليها تلك الصادرات، ما يعني حاجة الصين إلى تأمين المنطقة وعدم سيطرة خصومها عليها.

الأستاذ يحيى شرف الدين رئيس دائرة الدعم والمساندة بالمركز:

نقترح وسيلة يتم عبرها إيصال الفكرة عن أهمية الجزيرة إلى أكبر شريحة ممكنة من المجتمع كي يستوعبوا مسألة الصراع الإقليمي والدولي.

 نعتقد أن سبب ذلك يعود إلى غياب الدراسات المتعلقة بالموضوع. كما ننصح بإقامة ندوات وورش عمل تبين الأبعاد الإقليمية والدولية للصراع في المنطقة.

الدكتور أحمد الشامي مدير مركز البحوث التربوية بوزارة التربية والتعليم:

•       الهدف من الفوضى في المنطقة هو تحقيق مخطط التفكيك والتقسيم،

•       التركيز على اليمن بسبب موقعها الهام، ولو كانت الدولة تتمتع بالقوة لحماية سواحلها لجعلت العالم كله يستجدي ودها، ولما استطاعت دولة أن تفرض سيطرتها على اليمن لأن اليمن

منطقة عبور بين الشرق والغرب.

•       بعد شعور العالم أن اليمن تغير بعد 21 سبتمبر شن العدوان علينا للسيطرة على المنطقة الجغرافية الحساسة.

•       دول الخليج ليست سوى أدوات للقوى الغربية الكبرى.

 المهندس إبراهيم الحكيمي مهندس في وزارة الكهرباء

•       ما هي طرق الخلاص القانونية من هذا الاتفاق المخل بالدستور بين محافظ سقطرى والعدو الإماراتي؟

•       ما هو دور الخارجية ومجلس النواب وحكومة الإنقاذ أمام المجتمع الدولي لمواجهة التحركات العدوانية على الجزيرة؟

•       ثمة تشاور صيني روسي حول الصراع في المنطقة، ما أثر هذا التشاور على النزاع في اليمن وماذا نتوقع من نتائج هذا التشاور؟

                                                                          انتهى

 

 

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المركز

مواضيع متعلقة