Logo dark


الأزمة الأردنية في ذكرى نشأتها المئوية! الجزء الأول

( كاتب وباحث سياسي , )

يعيد المركز نشر تقرير سابق عن الأزمة الأردنية  للباحث:

ط.د/ محمد محسن الحوثي

جامعة صنعاء، جامعة تونس المنار

حدث واحد وتعدد الروايات:

أعلن الأردن، اليوم، السبت3أبريل2021م، اعتقال رئيس سابق للديوان الملكي ومسؤولين آخرين "لأسباب أمنيّة، "واكتفت وكالة الأنباء الأردنيّة الرسميّة "بترا"، بإيراد اسم "الشريف حسن بن زيد، ورئيس الديوان الملكي الأسبق، إبراهيم عوض الله". وآخرين لأسباب أمنية.. من جهتها، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن السلطات أخضعت الملكة نور ونجلها وليّ العهد السابق، الأمير حمزة بن الحسين، للإقامة الجبرية، فيما أكّد مصدر مطّلع لوكالة "بترا" أن الأمير حمزة "ليس قيد الإقامة المنزلية ولا موقوفاً كما يتداول بعض وسائل الإعلام.. وأن "الاعتقالات جاءت على خلفية التخطيط لمؤامرة لإطاحة الملك عبد الله"."فرد آخر من أفراد العائلة المالكة متورط في المخطط إلى جانب قادة عشائر وضباط أمن"، قائلاً إنه "لم يتضح ما الذي خططوا لفعله بالضبط". ووصف المسؤول الخطة بأنها "منظمة جيداً"، موضحاً أن "المتهمين ربما لديهم علاقات خارجية". كما نقلت "واشنطن بوست" عن مسؤولين بالقصر الملكي الأردني، إن ما وصفوه بـ"المؤامرة" ضمت كذلك "زعماء قبائل ومسؤولين بأجهزة أمنية".. مصادر أخرى قالت أن من نفذ حملة الاعتقالات قوة خاصة مشتركة من الجيش والمخابرات.. وقالت مصادر معارضة إن قوة عسكرية وأمنية داهمت أيضاً قصراً يقيم فيه الأمير حمزة، وتم اعتقال مقربين من الأمير.. وأعلنت عائلة المجالي أن مدير مكتب الأمير حمزة وابنها ياسر سليمان المجالي تم اعتقاله أيضاً بعد مداهمة لمنزل جده في إحدى المزارع

الرواية الأردنية الرسمية (بيان القوات المسلحة):

أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية بياناً السبت3أبريل2021م، قالت فيه إنه "لا صحة لما نشر من ادعاءات حول اعتقال الأمير حمزة"، مشيرةً إلى أنه "طُلب من الأخير التوقف عن تحركات ونشاطات توظف لاستهداف أمن الأردن"..  وأن "ما طلب من الأمير حمزة جاء في إطار تحقيقات شاملة مشتركة قامت بها الأجهزة الأمنية"، مؤكداً أن "التحقيقات مستمرة وسيتم الكشف عن نتائجها بكل شفافية ووضوح"..  وأن "كل الإجراءات التي اتخذت تمت في إطار القانون وبعد تحقيقات حثيثة استدعتها"، قائلاً إنه: "لا أحد فوق القانون وأمن الأردن واستقراره يتقدمان على أيّ اعتبار".. وأكد اعتقال الشريف حسن بن زيد وباسم إبراهيم عوض الله و20 آخرين بتهمة "تهديد استقرار البلاد".

وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الأردنية نقلاً عن "مصادر مطلعة"، بأن ولي العهد الأردني السابق حمزة بن الحسين ليس موقوفاً كما تداولت بعض وسائل الإعلام.

الأمير حمزة تحت الإقامة الجبرية:

بعد إعلان الاعتقالات وتضارب الأخبار، وفي مقطع فيديو نقله إلى "بي بي سي" محامي الأمير حمزة بن الحسين، الأخ غير الشقيق للملك عبد الله، اتهم الأمير قادة البلاد بالفساد وعدم الكفاءة.. وقال إنه وُضع قيد الإقامة الجبرية وتم اعتقال حرسه الخاص".. وفي الفيديو مضى الأمير الأردني قائلاً: "تلقيت زيارة من رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الأردنية صباح اليوم، أبلغني فيها أنه لا يسمح لي بالخروج والتواصل مع الناس أو لقائهم. لأنه في الاجتماعات التي كنت حاضراً فيها، أو على وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بالزيارات التي قمت بها، كانت هناك انتقادات للحكومة أو الملك".. وتابع: "أنا لست الشخص المسؤول عن انهيار الحكومة والفساد وعدم الكفاءة التي كانت سائدة في هيكلنا الحاكم منذ 15 إلى 20 عاماً وتزداد سوءاً... ولست مسؤولاً عن قلة إيمان الناس بمؤسساتهم.. لقد وصل الأمر إلى نقطة حيث لا يستطيع أحد التحدث أو التعبير عن رأي في أي شيء، من دون التعرض للتنمر والاعتقال والمضايقة والتهديد".

تصريح نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية وشؤون المغتربين/ أيمن الصفدي: (تخابر مع جهات خارجية)

في مؤتمر صحفي اليوم الأحد4أبريل2021م، كشف وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن "الأجهزة الأمنية رصدت خلال الفترة الماضية اتصالات من الأمير حمزة وآخرين مع جهات خارجية".. وقال الصفدي: رصدنا اتصالات من الأمير حمزة وآخرين مع جهات خارجية، مضيفاً: الأمير حمزة تواصل مع شخصيات مجتمعية لتحريضها على أنشطة تهدد الأمن.. وأردف وزير الخارجية الأردني: التحقيقات مازالت مستمرة ونؤكد بأنه تمت السيطرة على التحركات".

وفي مصدر آخر قال: "الأمير حمزة كان على تواصل مباشر مع المعتقل باسم عوض الله، وهناك أشخاص حول الأمير حمزة تربطهم صلات بجهات خارجية لتنفيذ مخطط خارجي".

ولفت الى أن "الأمير حمزة بث رسالتين بالعربية والإنكليزية في محاولة لتشويه الحقائق وكسب التعاطف، والأجهزة الأمنية رصدت تواصل لأجنبي –روي شابوشتيك-  مع زوجة الأمير حمزة يعرض عليها تهريبها من ​الأردن​، يضع خدماته تحت تصرفها، ويعرض عليها تأمين طائرة فوراً للخروج من الأردن إلى بلد أجنبي".. وسيتم التعامل مع التحقيق ونتائجه بكل شفافية ووضوح، وأجهزة الدولة تمكّنت من وأد المحاولة في مهدها وكل الأمور تحت السيطرة، ولن نكشف عن ​تفاصيل​ التحقيقات حالياً قبل اكتمالها، ولكن التحقيقات تؤكد تورط جهات خارجية في هذه القضية، ورصدت اتصالات مع جهات خارجية حول التوقيت الأنسب للبدء بخطوات زعزعة أمن الأردن.. وأن "القضية انتقلت من مرحلة النوايا والتخطيط إلى مرحلة الحديث عن توقيت تنفيذ المخطط، والتقى هدف من يريد زعزعة استقرار الأردن مع طموحات خارجية"، مؤكداً أنه "تم إحباط هذه الجهود، وتم وأد هذه الفتنة.. وتم اعتقال بين 14-16 شخصاً إضافة إلى عوض الله وحسن بن زيد أمس.

أن سمو الأمير حمزة قام بعد دقائق محدودة من لقاء رئيس هيئة الأركان به في الساعة الثانية بعد ظهر السبت3أبريل2021م، في الساعة الثانية وعشرين دقيقة تحديداً، بإرسال تسجيل صوتي –للقاء-  إلى باسم عوض الله، وأرفقها بتسجيل صوتي آخر منه في محاولة لتصعيد الموقف. وبعد ذلك قام باسم عوض الله بحجز تذكرة لمغادرة الأردن".

رد/ روي شابوشنيك:

أوضح شابوشنيك البالغ 41 عاما، في بيان صدر عنه أنه مواطن إسرائيلي سابق ورجل أعمال مقيم في أوروبا حالياً "ولم يخدم أبدا في أي من أجهزة المخابرات التابعة لدولة إسرائيل".. وأضاف البيان: "لا يعرف شابوشنيك أي شيء عن الأحداث المذكورة في الأردن والعوامل المتعلقة بها أو أي معلومات أخرى.. وأضاف: صباح السبت3أبريل2021م، أرسل الأمير حمزة لشابوشنيك رسالة أحاطه فيها بما يجري. وعندها اتصل شابوشنيك بزوجة الأمير حمزة وعرض عليها إرسال طائرة لنقلها وأبنائها إلى ألمانيا، حتى انتهاء فترة الغضب، ثم انقطع الاتصال بعد ذلك بينهما.

الملكة نور- والدة الأمير حمزة:

تعليقاً على وضع ابنها قيد الإقامة الجبريّة، عبرّت أرملة عاهل الأردن الراحل الملك حسين، الملكة نور والدة ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين، عن أملها من أن "تسود الحقيقة والعدالة لكل الضحايا الأبرياء لهذا البهتان الآثم"، وفق تعبيرها.

وقالت في تغريدة عبر حسابها بموقع تويتر: "أصلي من أجل أن تسود العدالة والحقيقة لجميع الضحايا الأبرياء لهذا التشهير ذي الدوافع الشريرة، حماهم الله وأبقاهم آمنين".. وتأتي هذه التغريدة بعد يوم من اعتقال الأمن الأردني لرئيس الديوان الملكي السابق، باسم عوض الله، والشريف حسن بن زيد لأسباب "أمنية".

رئيس مجلس الأعيان الأردني قال اليوم الأحد4أبريل2021م "إننا سنتصدى بحزم لكل يد مرتجفة تسعى للعبث بأمنه، والمملكة حسمت وبشكلٍ صارم وحازم أي مساس بأمنها".

رئيس مجلس النواب الأردني، عبدالمنعم العودات، اليوم الخميس4أبريل2021م، ناشد الشعب الأردني عدم الالتفات للأكاذيب والإشاعات. وشدد رئيس مجلس النواب على أن "نظامنا الهاشمي وبلدنا الأردني عصي على التآمر والفتن. مشيراً إلى أن: الأردن خط أحمر والملك خط أحمر".. وأضاف بحسب ما نقلته قناة المملكة: "أن يتسلل بعضهم تحت جنح الظلام ويعمل على استغلال عوز الأردنيين في هذه الظروف الصعبة التي يعاني منها الجميع على مستوى الوطن والاقليم والعالم ، فهل هذا من صفات الرجولة؟".

 

استنكار عشيرة الأميرة بسمة العتوم (زوجة الأمير حمزة) الزج باسم الأميرة:

قالت في بيان أصدرته الاثنين5أبريل2021م، عقب اجتماع لها: "عشائر "كفر خل" عامة وعشائر "بني أحمد العتوم" خاصة تستنكر وتستغرب الزج باسم الأميرة الأردنية بسمة بن أحمد العتوم في ما جرى من أحداث في وطننا الحبيب وخصوصاً الطريقة التي تم التطرق إلى سمو شخصها الكريم من قبل نائب رئيس الوزراء الأردني والتي احتوت غمزاً ولمزاً لا يليق بدولة مؤسسات تتخذ من سيادة القانون منهجا".. "ومن هنا فإننا نرفض رفضاً قاطعاً أي ادعاءات أو تلميحات لتواصل سمو الأميرة مع أي جهات داخلية كانت أم خارجية لا من قريب ولا من بعيد فسموها لم تخرج يوماً عن دورها كزوجة لسمو الأمير الهاشمي الأصيل حمزة بن الحسين".. " بناء على ما تقدم فإن عشائر كفر خل تحذر من التطرق إلى هذه الأباطيل وتداولها من قريب أو بعيد تحت طائلة المسؤولية القانونية والعشائرية، ونحتفظ بحقنا القانوني والعشائري بملاحقة أي فرد أو جهة كان لها أي دور في إلصاق هذه الأباطيل بحق ابنة الأردن النشمية الأميرة بسمة بني أحمد".. "إن عشائر كفر خل عامة وعشيرة بني أحمد العتوم خاصة تؤكد الولاء والانتماء للوطن وللعائلة الهاشمية ممثلة بحادي الركب وقائد المسيرة جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، ونسأل العلي القدير أن يحفظ الله الأردن ملكاً وشعباً من كل سوء".

تعامل الملك عبد الله مع الأزمة:

حسب تصريح الصفدي، أكد أن "جلالة الملك ارتأى أن يتم الحديث مباشرة مع الأمير حمزة، ليتم التعامل مع المسألة ضمن إطار الأسرة، لثنيه عن هذه النشاطات التي تستهدف، وتستغل للعبث بأمن الأردن والأردنيين، وتشكل خروجاً عن تقاليد العائلة الهاشمية وقيمها".

الملك عبد الله يكلف عمه الأمير الحسن بمهمة التواصل مع الأمير حمزة:

أفاد بيان للديوان الملكي الهاشمي في الأردن، يوم الاثنين5أبريل2021م، بأن الملك عبد الله الثاني كلف عمه الحسن بمهمة التواصل مع الأمير حمزة بن الحسين.. وجاء في بيان الديوان الهاشمي أنه "في ضوء قرار جلالة الملك عبدالله الثاني في التعامل مع موضوع سمو الأمير حمزة ضمن إطار الأسرة الهاشمية، أوكل جلالته هذا المسار لعمه، سمو الأمير الحسن، الذي تواصل بدوره مع الأمير حمزة، وأكد الأمير حمزة بأنه يلتزم بنهج الأسرة الهاشمية، والمسار الذي أوكله جلالة الملك إلى الأمير الحسن".. الذي تواصل بدوره مع الأمير حمزة.. وأكد الأمير حمزة بأنه يلتزم بدستور المملكة الهاشمية، والمسار الذي أوكله الملك إلى الأمير الحسن.. وأن يكون لجلالة الملك عوناً وسنداً..الخ .. وأصدر الديوان الملكي بياناً أشار إلى أن الأمير الحسن بن طلال، قاد جهود حل القضية، وتوصل إلى توقيع الأمير حمزة على بيان وضع فيه نفسه بين يدي الملك.

 

ومما جاء في الرسالة: "..وفي ضوء تطورات اليومين الماضيين، فإنني أضع نفسي بين يدي جلالة الملك، مؤكداً أنني سأبقى على عهد الآباء والأجداد، وفياً لإرثهم، سائراً على دربهم، مخلصاً لمسيرتهم ورسالتهم ولجلالة الملك، وملتزماً بدستور المملكة الأردنية الهاشمية العزيزة. وسأكون دوماً لجلالة الملك وولي عهده عوناً وسنداً".

قدرة الجيش والأجهزة الأمنية وكفاءتها:

بالتوازي مع رسالة الأمير حمزة أكد رئيس هيئة الأركان، اللواء/ يوسف الحنيطي، قدرةَ وكفاءة الجيش والأجهزة الأمنية للتعامل مع أي مساع يراد بها تقويضُ أمن المملكة.. ووجه رسالة قوية، مؤكداً أن "القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لديها القدرة على مواجهة أي تهديد".. وأكد خلال التمرين التعبوي "درع الوطن"، أن "القوات المسلحة والأجهزة الأمنية لديها من القدرة والكفاءة والاحترافية ما يمكنها من التعامل مع أي مستجدات تطرأ على الساحتين المحلية والإقليمية بمختلف المستويات، ومواجهة جميع أشكال التهديد على الواجهات الحدودية وبالقوة، وأية مساع يراد بها تقويض أمن الوطن وترويع مواطنيه، وزعزعة أمن واستقرار المملكة، التزاماً منها بواجبها الوطني تجاه الوطن وقيادته الهاشمية المظفرة"، حسب وكالة الأنباء الأردنية "بترا

وشدد اللواء الركن الحنيطي، على "أهمية الدور الذي تقوم به القوات المسلحة في الحفاظ على هيبة الدولة وترسيخ مكانتها الاستراتيجية والتاريخية، والجهود التي تبذلها في هذه المرحلة للخروج من الأزمات كافة التي عصفت بالوطن في الآونة الأخيرة، لضمان استمرار الأردن بدوره المحوري والثابت تجاه العديد من القضايا في المنطقة والإقليم".

الملك عبد الله يوجه رسالة إلى الشعب:

وجه الملك الأردني عبد الله الثاني، يوم الأربعاء7أبريل2021م، رسالة إلى شعبه حول التطورات الأخيرة المرتبطة بولي العهد السابق، الأمير حمزة بن الحسين، وفق ما نقله الديوان الملكي الهاشمي، ومن أهم ما ورد فيها:

 أن الفتنة وئدت، وأن أردننا الأبي آمن مستقر.

لا ثمن يحيدنا عن الطريق السوي الذي رسمه الآباء والأجداد بتضحيات جلل، من أجل رفعة شعبنا وأمتنا، ومن أجل فلسطين والقدس ومقدساتها.

لم يكن تحدي الأيام الماضية هو الأصعب أو الأخطر على استقرار وطننا، لكنه كان لي الأكثر إيلاماً، ذلك أن أطراف الفتنة كانت من داخل بيتنا الواحد وخارجه.

مسؤوليتي الأولى هي خدمة الأردن وحماية أهله ودستوره وقوانينه، ولا شيء ولا أحد يتقدم على أمن الأردن واستقراره، وكان لا بد من اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأدية هذه الأمانة.

وكان إرثنا الهاشمي وقيمنا الأردنية الإطار الذي اخترت أن أتعامل به مع الموضوع، مستلهما قوله عز وجل "وَٱلْكَـٰظِمِينَ ٱلْغَيْظَ وَٱلْعَافِينَ عَنِ ٱلنَّاسِ".

قررت التعامل مع موضوع الأمير حمزة في إطار الأسرة الهاشمية، وأوكلت هذا المسار إلى عمي صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال. والتزم الأمير حمزة أمام الأسرة أن يسير على نهج الآباء والأجداد، وأن يكون مخلصاً لرسالتهم، وأن يضع مصلحة الأردن ودستوره وقوانينه فوق أي اعتبارات أخرى.. وحمزة اليوم مع عائلته في قصره برعايتي.

واختتم الرسلة بقوله ".. ندخل مئوية دولتنا الثانية، متماسكين، متراصين، نبني المستقبل الذي يستحقه وطننا.

 

ظهور الأمير حمزة لأول مرة:

ويوم الأحد11أبريل2021م، وفي الذكرى المئوية لتأسيس المملكة الأردنية الهاشمية، قال الديوان الملكي الأردني، في بيان، إن الملك عبدالله، وولي العهد الأمير الحسين، زارا الأضرحة الملكية، في ذكرى مئوية تأسيس الدولة الأردنية.
ويحتفل الأردن، في مثل هذا اليوم من كل عام، بذكرى تأسيس الدولة في 11 أبريل1921م .. وأضاف البيان أن الزيارة شارك فيها عدد من الأمراء، بينهم حمزة بن الحسين، ولي العهد السابق..  ويعد الإعلان عن مشاركة الأمير حمزة، بمثابة أول ظهور رسمي له، عقب حادثة الاعتقالات التي ارتبطت باسمه مؤخراً.

 

حظر النَّشر في كل ما يتعلق بمسار التحقيق:

 قرَّر نائب عام عمَّان/ حسن العبداللات، وحفاظاً على سرية التحقيقات التي تجريها الأجهزة الامنية، المرتبطة بالأمير حمزة بن الحسين وغيره من المعتقلين، حظر النَّشر في كل ما يتعلق بمسار التحقيق في هذه المرحلة.. وفي تصريح لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، اليوم الثلاثاء6أبريل 2021م، قال: "إنَّ حظر النَّشر سيكون لحين صدور قرار بخلاف ذلك، ويشمل الحظر، وسائل الإعلام المرئي والمسموع ومواقع التَّواصل الاجتماعي، ونشر وتداول أي صور أو مقاطع مصورة "فيديوهات"، تتعلق بهذا الموضوع وتحت طائلة المسؤولية الجزائية"..  وأضاف أنَّ هذا القرار جاء استناداً لأحكام المادة 255 من قانون العقوبات، و "38 ج، د" من قانون المطبوعات والنَّشر والمادة 39، من القانون ذاته، والتي تُجيز للنيابة العامة حظر النَّشر في كل ما يتعلق بأيِّ مرحلة من مراحل التَّحقيق حول أيِّ قضية أو جريمة تقع في المملكة.

 

القوى الخارجية المتورطة في -محاولة الانقلاب- الأزمة:

نظراً لتشابك الأحداث وتعقدها والمخاوف التي رافقت الأزمة، تفسر إحدى الدراسات هذه الارتباطات الريبة التي تنتاب عبدالله. فحمزة لديه طموحات، بينما لدى السعوديين والإماراتيين والإسرائيليين جميعاً أجندة غايتها إضعاف الأردن.. ولا أعتقد أن للخلاف بين محمد بن راشد والأميرة هيا بنت الحسين علاقة في هذه الأزمة، لأن الدور الإماراتي مرتبط بالدور السعودي ضمن استراتيجية "صفقة القرن" من جانب، واستراتيجيات "الشرق الأوسط" من جانب آخر!

وتشير أنه لربما لم يكن هناك انقلاب معين يشارك فيه حمزة، لكن شعبيته في تنام بينما شعبية الملك في تراجع.. ولربما تعزز موقع حمزة الدولي وزادت شعبيته المحلية منذ السبت الماضي3أبريل. قبل ذلك لم يكن سوى قلة قليلة من الناس خارج المملكة تعرف شيئاً عنه، أما الآن فقد ارتقى بشكل دراماتيكي إلى موقع زعيم المعارضة.. ونظراً لذكر السعودية وإسرائيل على وجه الخصوص كقوى خارجية متورطة بصورة أو بأخرى في الأزمة الأردنية، يحتم علينا دراسة العلاقات بين البلدين والأردن بإيجاز غير مخل لتبدو الصورة واضحة الملامح والأبعاد.

أولا: العلاقات السعودية الأردنية:

قبل الولوج في كيفية تعامل المملكة السعودية مع الأزمة الأردنية الراهنة نورد لمحة موجزة عن التوجهات السعودية نحو الأردن في الإيجاز التالي:

بداية الخلاف العلني –الراهن- بين السعودية والأردن:

بالتزامن مع إعلان الرئيس الأمريكي السابق/ دونالد ترامب عن صفقته أو ما تعارف عليها "صفقة القرن" لحل القضية الفلسطينية، بدأ الخلاف العلني في اجتماع الدورة الـ24للاتحاد البرلماني العربي المنعقد في المغرب 17ديسمبر2017م، ويمكن توضيح مسار الخلاف في التالي:

جدول يحدد موضوع الخلاف

 

الوفد الأردني برئاسة رئيس مجلس النواب/عاطف الطراونة

الوفد السعودي

1

الحديث عن تأكيد الوصاية الهاشمية الأردنية على القدس

الاعتراض بشدة مقترحاً استبعاد النصوص المباشرة حول الوصاية الأردنية على أوقاف القدس لصالح مهام مرنة..الخ

2

رئيس الوفد الأردني، التصدي بخشــــونة للتوصية السعودية

الرد، وطرح تصوره أن يكون "جزء من القدس الشرقية للفلسطينيين، وأن تكون المقدسات الإسلامية تحت إدارة سعودية لما تتمتع به من خبرة في إدارة المقدسات بمشاركة السلطة الفلسطينية"

3

النقاشات الحادة، والأخذ والرد

4

 

وقوف الوفد الكويتي إلى جانب السعودية

5

إصرار الوفد الأردني

لم يتمكن من فرض رأيه وتصوره..

وبالتزامن ظهرت قضية احتجاز  الملياردير الأردني – السعودي، رجل الأعمال والاقتصاد/ صبيح المصري في السعودية، وتواردت الأخبار بأنه سيعود إلى الأردن خلال ثلاثة أيام، وبعد انقضائها تجدد موعد عودته مرة أخرى.. الخ

الجدول من إعداد الباحث بناء على قراءة موضوعات متعددة.

 

محاولات سعودية ورفض فلسطيني:

أكد المدير السابق للوعظ والإرشاد في أوقاف القدس الشيخ رائد دعنا رفض المقدسيين أي دور أو وصاية سعودية على المقدسات الإسلامية في القدس

وقال دعنا: "السعودية حاولت في يناير/2018م الترتيب لتنظيم زيارة وفد ديني من القدس للسعوديّة لإقناعه بالاعتراف بالوصاية السعودية، لكن هذا الترتيب فشل لرفض عدد من أعضاء الوفد إتمام هذه الزيارة، وتم التكتيم على هذا الحدث، ولذا، لا أستبعد أن تقوم السعوديّة بتكرار محاولاتها قريباً".. ويرجع المحلل السياسي طلال عوكل: "اهتمام السعودية المفاجئ لسحب الوصاية الأردنية ونقلها إليها، هي لإحداث الضغط على الأردن من أجل تغيير موقفه الرافض لصفقة القرن الأمريكية".. وأوضح أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتمد بشكل كبير على السعودية للعب الدور المحوري في تمرير صفقة القرن، باعتبارها شريكة أساسية للإدارة الأمريكية، وتمثّل قاعدة الوطن العربي والإسلامي..

الترتيبات المعدة للمنطقة ضمن استراتيجية الشرق الأوسط الجديد: ويتمثل في الظهور بمظهر الدولة التي تمثل السنة في المنطقة، وبناء عليه لم تعد "إسرائيل" العدو، وإنما "إيران"، كما يقول أستاذ القانوني الدولي أنيس القاسم متابعاً لـ"عربي21"  "من جملة ما تحاول السعودية السيطرة عليه لقيادة هذا التوجه هو إغراء إسرائيل بأن تصبح حليفاً للعالم العربي، وليس عدواً مقابل مواجهة إيران، ومن هنا بدأت إسرائيل بلعب لعبة الفساد الكبرى، وتفتيت الجهد العربي، بأن بدأت تلعب لعبة المزاحمة الأردنية – السعودية لخدمة مصالحها".. ويؤكد هذا التوجه الكاتب "الإسرائيلي"  بقوله:  تتطلع الرياض إلى خلق وضع جديد في الموقع وهي مستعدة لاستثمار عشرات المليارات من الدولارات في القدس والموافقة على شكل من أشكال تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" لتحقيق هذه الغاية.. في المقابل، تريد المملكة العربية السعودية دوراً كبيراً إلى جانب "إسرائيل" في إدارة المسجد الأقصى بدلاً من الأردن أو إلى جانبه، من بين أمور أخرى تستعد الرياض لجني أرباح ضخمة من مثل هذه الخطوة.. وستكتسب مكانة السلطة الدينية التي تسيطر على أقدس الأماكن في الإسلام.

الانتقام وتحقيق مكاسب استراتيجية:

 يقول الباحث في جمعية الدراسات العربية بالقدس مازن الجعبري في مقاله: "السعودية بين صفقة القرن ونزع الوصاية الأردنية عن الأقصى": إن "التحركات السعودية الأخيرة فيما يتعلق بالوصاية الهاشمية الأردنية على الأقصى تأتي بخلفية صراع تاريخي وخصومة قديمة تعود إلى عام 1924 عندما بويع الشريف حسين وصياً على المقدسات الإسلامية في القدس بعد هزيمته وطرده من الجزيرة العربية، ويلاحظ أن السعودية لديها نوايا دفينة في نزع الوصاية الهاشمية عن المسجد الأقصى لتحقيق مكاسب سياسية في استراتيجيتها بتوثيق العلاقات مع إسرائيل".. إذ تعتبر الأسرة الحاكمة في السعودية أن الهاشميين يهددونهم بالبعد الشرعي الديني والتاريخي، فالوصاية على القدس هي ورقة قوية بيد الهاشميين، تعطيهم مشروعية تاريخية ودينية، يقول السفير الأردني الأسبق لدى اليمن فؤاد البطاينة: "مخطئ من لا يعتقد اليوم بأن الأردن مستهدف من السعودية على خلفية جديدة لا تقوم هذه المرة على الابتزاز، بل في سياق التفاهمات الإسرائيلية السعودية وجزئيتها المتعلقة بصفقة القرن، التي تتطلب حسم مسألة القدس بالصدمة والترويع كمقدمة أساسية لها، ولتصفية القضية الفلسطينية في الأردن وسيناء.. ويضيف في مقاله "هل الأردن مستهدف من السعودية؟" أن "على الأردن أن يعلم بأنه أمام قيادة سعودية تبدو انتقامية، انسلخت عن ماضي السعودية وتقاليدها العائلية وعن دبلوماسية التعامل مع التقاليد العربية أو الإسلامية، واتجهت للأسوأ ضد نفسها وغيرها معتمدة على نصائح وطلبات إسرائيل، برعاية ترامب دون حسابات أو ضوابط".

 

من الأنشطة 

شراء البيوت في القدس: من الأنشطة ما تداولته مصادر إعلامية قيام الإمارات وخلفها السعودية بعرض مبلغ 5 ملايين دولار على أحد سكان القدس لشراء بيته الملاصق للمسجد الأقصى، وعندما رفض المقدسي البيع، تم رفع المبلغ إلى 20 مليون دولار، وقالت تلك المصادر إن الهدف هو تحويل هذا المنزل إلى مقر سعودي إماراتي، يقوم بدور موازٍ لدور دائرة الأوقات الإسلامية في القدس، والتي تتبع لوزارة الأوقاف الأردنية، وهو ما يعني خلق وضع منافس للوصاية الأردنية على الأقصى وكافة الأوقاف الإسلامية في مدينة القدس.. وقد واجهت هذه التحركات السعودية الإماراتية رفضاً من بعض القطاعات الشعبية، حتى أن بعض المقدسيين قاطعوا الوجبات المُقدّمة من قبل الإمارات، للصائمين من رواد المسجد الأقصى في رمضان الفائت.

دعم مجلس النواب لحق المملكة الأردنية الهاشمية في الوصاية على القدس:

أدرك النواب الأردنيون أن محاولات عدة سبق لها أن تسحب البساط من تحت المملكة الأردنية الهاشمية، وأن تلك المحاولات مازالت تمثل مهدداً، وأن هذه المخاوف تحديداً من قبل الرياض، لهذا وبين أروقة البرلمان الأردني، مرر النواب صورة للملك عبد الله الثاني وهو رافعاً كفيه بالدعاء، وقد ذيلت الصورة بعبارة "خادم أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين". تبادل النواب هذه الصورة، ثم علقوها على صدورهم، وتحديداً على جهة اليسار، وفيما كان عليهم الاستعداد لجلسة هامة تتعلق بمناقشة مشروع قانون الموازنة لعام 2018، كانت رسالة هامة قد وصلتهم جراء هذه الصورة.

زيارة الملك الأردني إلى المملكة السعودية:

قبل أقل من شهر على إعلان الأزمة الراهنة، وصل إلى الرياض يوم8مارس 2021م، الملك عبدالله الثاني بن الحسين –في زيارة غير معلنة-  وكان في مقدمة مستقبليه لدى وصوله مطار الملك خالد الدولي، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الذي رحب به وبمرافقيه في المملكة العربية السعودية، كما كان في الاستقبال وزير الخارجية الأمير/ فيصل بن فرحان بن عبدالله ، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الأستاذ/ خالد العيسى.

ومن بين أسباب الزيارة - قال الوزير الأردني الأسبق أمين مشاقبة، أستاذ العلوم السياسية، إن زيارة الملك عبد الله الثاني بن الحسين إلى المملكة العربية السعودية تأتي في إطار التعاون والتشاور حول القضايا الإقليمية والثنائية بين البلدين.. وسبب آخر هو الدعم والإسناد للشقيقة السعودية ضد الهجمات الارهابية التي يشنها الحوثي على المناطق المدنية والاستراتيجية والأردن يقف الى جانب الإخوة الأشقاء السعوديين بالتنديد بهذه الهجمات الارهابية –حسب تعبير الوزير مشاقبة.

من جانبه قال سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الأردن نايف بن بندر السديري، إن الزيارة الأخوية لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للمملكة العربية السعودية، تكتسب أهمية خاصة في ظل الظروف الإقليمية والدولية التي تمر بها المنطقة، والتي تستدعي التشاور والتنسيق الدائم بين البلدين، ولطبيعة العلاقات الأخوية التاريخية الوثيقة والراسخة التي تجمع قادة المملكتين والشعبين الشقيقين.. وأضاف أن الزيارة تأخذ طابعاً شخصياً أخوياً بعيد عن البروتوكولات الرسمية، نظرا لطبيعة العلاقة بين قيادتي البلدين وما تحمله العلاقات من دلالات تتجسد بالمستوى المتقدم والنموذجي من التنسيق والانسجام السعودي الأردني، فيما يخص أبرز التحديات التي تواجهها المنطقة، وكذلك، أولويات العمل العربي المشترك للمرحلة الراهنة.

وقبل الزيارة بيومين تقريباً قالت مصادر في العاصمة الرياض لوكالة الأنباء الألمانية، إن الملك عبدالله ورئيس الوزراء الماليزي محيي الدين ياسين وولي عهد البحرين الأمير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة سيلتقون كل على حده مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لمناقشة العديد من الموضوعات السياسية والاقتصادية وتعزيز التعاون بين بلدانهم والرياض إضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحة وفي مقدمها تطورات حرب اليمن والمساعي الدولية المبذولة لإيقافها والـتأكيد على حل القضية الفلسطينية وفقاً لأسس وبنود مبادرة السلام العربية، ومبادرة "طريق مكة"، ويلاحظ أن بعض القضايا المطروحة لها علاقة بالمملكة الأردنية.. في شكليها الإيجابي والسلبي!

لكن عند ظهور الأزمة وتحدث الصحافة عنها ربط سياسيون بين محاولات الانقلاب وزيارة الملك عبد الله إلى المملكة السعودية خلال الشهر الماضي، وبالتحديد ما أكدته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيليّة، نقلاً عمّا وصفتهم بـ"المصادر الكبيرة جداً في الأردن"، أنّ السعودية وإحدى إمارات الخليج "كانتا متورطتين من وراء الكواليس، في محاولة الانقلاب في الأردن".. وكدليل على ما أوردته، تشير المصادر الأردنيّة إلى الزيارة الأخيرة المفاجئة التي قام بها الملك عبد الله الثاني للسعوديّة في الشهر الماضي، ولم يُفد بأي تفاصيل عنها ولا عن أهدافها أيضاً، مبرزةً أنّ "الملك عبد الله تحدث مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، والطرفان امتنعا عن إصدار بيانٍ مشترك".

العقلية التآمرية:

إن التصريحات لمسؤولين ووسائل إعلام في الأردن، كذلك الصحف الأمريكية أشارت تصريحاً وتلميحاً بما يوحي بتورط السعودية والإمارات من جانب، والكيان الصهيوني من جانب آخر، بالنسبة للأولى، فإن تورُّط شخصية كباسم عوض الله في الإعداد لانقلاب في الأردن من غير الوارد أن يتمّ من دون تنسيق مسبق مع "رعاته" الإقليميين، الذين أكثروا من المغامرات الصغرى والكبرى، عبر الشروع في انقلابات في داخل بلدانهم، كما فعل ابن سلمان في السعودية، أو شنّ حروب لم تنتهِ في اليمن وليبيا.. وساد مع اندلاع الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية في المنطقة العربية منذ 2011، اعتقادٌ بأن الأنظمة الملَكية "التقليدية" أحسنت التعامل معها واحتواءها وتلبية بعض مطالب الجماهير المنتفضة.. لقد بات من الواضح اليوم أن أحد الأسباب الرئيسة التي حدت بابن سلمان إلى شنّ حربه العدوانية على اليمن، هو اكتساب المشروعية الداخلية واستنفار عصبيةٍ مِن حوله تمهيداً لانقضاضه على السلطة وإزاحة جميع الأمراء الآخرين من أبرز مواقعها.. وبذلك فإن العقلية التآمُرية والمغامرة لدى ابن سلمان وابن زايد لن تتورّع عن محاولة إطاحة ملك الأردن، وهما طرفا الحرب في اليمن وليبيا وسوريا.. وإن العقلية التآمُرية والمغامرة لدى ابن سلمان وابن زايد، مستندةً إلى شبكة من المرتزقة الغربيين والإسرائيليين، لن تتورّع عن محاولة إطاحة ملك الأردن نتيجة لتدهور العلاقات معه بسبب "صفقة القرن"، ومفاعيلها المحتملة على المملكة الهاشمية، وسعي الأول إلى إحلال وصاية سعودية بدلاً من تلك الهاشمية على المسجد الأقصى.

 

وبعد أزمة محاولة الانقلاب، وإصدار السعودية بيانين متتاليين، كذلك زيارة وفد سعودي برئاسة وزير الخارجية، والتصريح بأن السعودية تدعم الملك الأردني، وتتمنى الاستقرار واستتباب الأمن، وفي مقابلة لوزير الخارجية الأردني/ أيمن الصفدي الجمعة9أبريل2021م، أكد أن علاقات بلاده مع السعودية "مميزة وهناك تنسيق مستمر بشأن القضية الفلسطينية كما في القضايا الأخرى..
 

ورداً على سؤال بشأن تقارير مُجهولة المصدر تتحدث عن سعي سعودي للوصاية على المسجد الأقصى حال تطبيعها مع الاحتلال، قال الصفدي: "أي شخص يقوم بهذا الافتراض فهو في الحقيقة لا يستند إلى أي مؤشر معقول أو أسس صلبة".. وأردف: "الإشاعات كثيرة ونظريات المؤامرة هذه وفيرة، لكن الحقيقة هي أن السعودية تدعم الوصاية الهاشمية". أعتقد جازماً أن مثل هكذا رد يندرج تحت عنوان "دبلوماسية المجاملة" لسببين، الأول وجود الوفد السعودي، والثاني كثرة البيانات والاتصالات التي تلقتها الأردن من السعودية..الخ، إضافة إلى تأكيد السفير السعودي في عمان/ نايف بن بندر السديري، دعم بلاده للوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.. خلال مداخلة في ندوة "العلاقات الأردنية السعودية: إلى أين"، التي أقيمت في الجامعة الهاشمية، بمناسبة تأسيس مئوية الدولة الأردنية، وشدد على عمق ومتانة العلاقات الأخوية والمصير المشترك بين المملكتين الشقيقتين، وأن أمن الأردن والسعودية جزء لا يتجزأ، مشيداً بما اتخذه الأردن من إجراءات للحفاظ على أمنه.

التصرف السعودي مع الأزمة يبعث الريبة (كاد المسيء أن يقول..): 

يرى مفكرون وسياسيون أن السعوديين تصرَّفوا في التعامل مع الأزمة الأردنية كمتّهم يريد نزع التهمة عن نفسه، عبر مسارعة الملك سلمان وابنه وليّ العهد إلى الاتصال بعبد الله، وإصدار بيانين متتاليين، وزيارة وزير الخارجية السعودي والوفد المرافق له إلى الأردن- دون ترتيب مسبق.. ظاهِر الزيارة نقْل رسالة دعم من "القيادة السعودية" إلى عبد الله الثاني، لكن باطنها فتْح بازار للمقايضة، خصوصاً على عوض الله الذي تفيد بعض التقديرات بأن ابن سلمان يسعى إلى إخراجه من الأردن. كذلك كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية عن تكهنات أثيرت حول وجود رابط خارجي للمؤامرة في الأردن بعد زيارة غير مقررة إلى عمان من قبل وفد سعودي رفيع المستوى، برئاسة وزير الخارجية السعودي، وصل يوم الاثنين.5أبريل2021م،  وأضافت الصحيفة أن المسؤولين السعوديين طلبوا خلال لقاءاتهم مع نظرائهم الأردنيين بالإفراج عن باسم عوض الله.. وقال مسؤول استخباراتي أن "السعوديين كانوا يقولون إنهم لن يغادروا البلاد من دونه. يبدو أنهم قلقون بشأن ما سيقوله".. صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية ألمحت في تقرير لها أمس الاثنين5أبريل 2021م  إلى دور ما للسعودية في المؤامرة.

وشكّلت المادة المعلوماتية التي قدمها كاتب صحفي بارز في الأردن قريب من مؤسسات الدولة هو رئيس مجلس ادارة محطة المملكة/ فهد الخيطان إضافة خاصة في السياق المعلوماتي لمسار الأحداث الاخيرة في البلاد.. وتعرّض الخيطان في مقال له نشر على نطاق واسع وتم تداوله من مساء السبت3 أبريل2021م، لما أسماه بخمسة حقائق لها علاقة بالفتنة ورموزها

وأثارت مقالة الخيطان جدلاً موسعاً وعاصفاً وفي وقت مبكر خصوصاً عبر منصات التواصل الاجتماعي لأنها تضمنت معلومات لها علاقة بالتحقيق السري حيث كان النائب العام قد أمر بحظر النشر.. وفي الإشارة الأولى لشخصية سعودية في مسار الأحداث أو مسار تسريبات المؤامرة وردت في مقال الخيطان فقط لكن لشخصية سعودية لم يتم الكشف عن هويتها بعد.

وأثار توقيف باسم عوض الله جدلاً وتصورات وتحركات، وتورط السعودية، نتيجة لارتباطه بولي العهد السعودي، وأعماله في بنوك ومصارف في الإمارات والبحرين.. الخ –يطلق عليه دحلان الأردن-  ولهذا كانت الردود من السلطة السعودية بالنفي وعدم علاقتها بما حدث في الأردن، ومن تلك الردود:

  • وزارة الخارجية: وزارة الخارجية السعودية ردت لـCNN  قائلة إن "الوزير/ فرحان كان في عمان لتأكيد التضامن ودعم المملكة العربية السعودية للمملكة الأردنية"، لافتة إلى أن "الوزير لم يناقش أي مسائل أخرى أو قدم أي طلبات..".
  • الإعلام السعودي الرسمي: ردد ما قالت وزارة الخارجية السعودية الثلاثاء6أبريل2021م، إن زيارة  وزير خارجية المملكة العربية السعودية الأمير فيصل بن فرحان لعمّان تأتي لتأكيد التضامن والدعم السعودي للأردن.
  • الأمير سطام بن خالد آل سعود: رد على التقارير التي ربطت المملكة العربية السعودية بمحاولات لزعزعة أمن واستقرار الأردن.. وقال في سلسلة تغريدات: "مواقف السعودية ثابتة وداعمة لدولة الأردن الشقيقة ما يقوم به بعض الحاقدين المأجورين في الصحف الوضيعة من محاولة بث الفتنة بين الدولتين والشعبين ستفشل بالتأكيد في النهاية".. واستشهد بتصريحات للعاهل الأردني باتصال مع الملك سلمان بن عبدالعزيز.. وفي تغريدة منفصلة قال الأمير سطام: "الصحف التي تحاول بث الفرقة والإشاعات بين الشعوب العربية سؤالي لها ما هو الهدف الذي تسعى من أجله فما تقوم به خدمة لأعداء العرب لأنها تزرع الحقد بين الشعوب والمصيبة أن هذه الصحف تدعي العروبة، يجب علينا كشعوب عربية كشف هذه الصحف وايقافها عند حدها حتى يفشل المشروع التي تعمل من أجله".

الجدير ذكره أنه قبل الأزمة بأربعة أيام تقريباً أجرى الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، اتصالاً هاتفياً يوم الاثنين29مارس2021م، بالعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين.. بحث مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي أعلن عنها ولي العهد والتي تهدف بالشراكة مع دول المنطقة لمواجهة التحديات البيئية في المنطقة وتحسين جودة الحياة بها وتنفيذ أكبر برنامج إعادة تشجير في العالم.. وأشارت وكالة أنباء السعودية الرسمية "واس" إلى ترحيب العاهل الأردني بمبادرات ولي العهد السعودي، مؤكداً استعداد المملكة الأردنية للتعاون مع المملكة لكل ما يحقق لهذه المبادرات أهدافها.

ومثل هذا السلوك السعودي متبع في كثير من الأزمات والقضايا، من أجل ذر الرماد على العيون.

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المركز

مواضيع متعلقة