Logo dark


مشاورات السويد خطوة في طريق طويل وصعب

( رئيس مجلس إدارة مؤسسة الثورة للصحافة والنشر , )

كانت ولا تزال أزمة الحرب والعدوان على اليمن خارجية في معظم أسبابها وأهدافها،  وأثبتت فترة العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي التحالفي التي بدأت في 26مارس 2015م أن الفاعلين اليمنيين في جبهة الحرب والعدوان إنما يسعون إلى تنفيذ أهداف تحالف العدوان بإعادة اليمن إلى مرحلة الوصاية والهيمنة السعودية تحت مسمى إعادة الشرعية، وتنفيذ الأجندات والمشاريع المشبوهة التي ترى فيها السعودية والإمارات توسيعا لنطاق هيمنتهما وأطماعها في اليمن والإقليم وبما يتلاءم مع الأهداف الاستراتيجية الأمريكية البريطانية والإسرائيلية في المنطقة عموماً.

ونظراً للموقع الاستراتيجي لليمن وثرواته المختزنة فإن أطماع الإماراتيين والسعوديين في السيطرة على اليمن وتقسيمه لتمرير ما يسمى صفقة القرن قد اتضحت من خلال احتلال الجزر والموانئ اليمنية، وإنشاء المليشيات المسلحة على أسس مناطقية ومذهبية مما يتناقض مع مزاعم التحالف بدعم الشرعية التي منع رئيسها من العودة إلى عدن وظل في الرياض مع كبار مساعديه من المرتزقة.

ولكي تكتمل عملية السيطرة الاماراتية السعودية على السواحل اليمنية كانت ميناء ومدينة الحديدة والساحل الغربي في طليعة الأهداف التي سعى التحالف إلى تحقيقها خلال النصف الثاني من  العام 2018م ، بضوء أخضر أمريكي ومساندة بريطانية فرنسية، وفشلت عسكرياً وسياسياً محاولات احتلال الحديدة المتكررة ،  واصطدمت بجدار من الصمود والمقاومة الباسلة التي أبداها الجيش اليمني واللجان الشعبية وأبناء تهامة الشرفاء، برغم ما حشده  تحالف العدوان السعودي الإماراتي الأمريكي من عدة وعتاد، وبرغم استخدام سياسة الأرض المحروقة والاسناد الجوي والبحري .

كان تحالف العدوان مصراً على احتلال الحديدة بأي ثمن وتجاهل كل المحاذير الإنسانية التي أطلقتها المنظمات الإنسانية والصحافة العالمية، كما رفض المبادرة التي أطلقها السيد عبد الملك الحوثي قبل 5 أشهر تقريباً بإشراك الأمم المتحدة في ممارسة دور رقابي مالي وفني لسحب ذرائع العدوان ومزاعمه حول تهريب السلاح عبر الميناء والإفادة من عائدات الميناء لتمويل الحرب الخ .

ما الذي استجد إذاً لكي يقبل التحالف عبر وفد الرياض إلى مشاورات السويد بصيغة إشراف الأمم المتحدة على الميناء ووقف العمليات العسكرية في مدينة الحديدة والموانئ الأخرى كالصليف ورأس عيسى بل وقبول التهدئة في كل المحافظة؟

بالتأكيد أنه ليس ثمة صحوة ضمير لدى حكام الإمارات والسعودية وداعميهم في واشنطن ولندن وباريس وتل أبيب يفسر قبولهم بما تم التوصل إليه في مشاورات السويد، لكن ثمة أسباب جوهرية تفسر ما جرى في السويد منها:

 1 - الصمود اليمني في مواجهة العدوان وتحديداً في الحديدة والساحل الغربي ووصول الرهان على القوة العسكرية والضغوط الاقتصادية والإعلامية لاحتلال الحديدة إلى طريق مسدود بفضل الله تعالى.

2 - الضغوط السياسية والإعلامية والإنسانية على محمد بن سلمان على خلفية جريمة اغتيال خاشقجي، هذه المواقف العالمية الضاغطة على بن سلمان والإدارة الأمريكية في أوربا وأمريكا والبلدان العربية تقوم على ربط جريمة اغتيال خاشقجي والعدوان والحرب والحصار على اليمن. وليس من قبيل الصدفة أن يصوت الكونجرس الأمريكي على قرارين متزامنين الأول بوقف الدعم الأمريكي للسعودية والإمارات في عدوانهما على اليمن، والثاني باعتبار ابن سلمان قاتلاً لجمال خاشقجي وتحميله المسؤولية.

يمكن القول بناء على ما أسفرت عنه مشاورات السويد أن الصمود اليمني بوجه العدوان والحصار السعودي الأمريكي التحالفي المجرم قد نجح في فتح ثغرة في جدار الموقف الدولي الذي ظل داعماً للعدوان تحت عنوان دعم الشرعية، كما نجح الصمود اليمني وأداء الوفد الوطني المفاوض في إحداث تبدل إيجابي في موقف المجتمع الدولي من حركة أنصارالله والاعتراف بها كطرف وطني رئيس في الواقع اليمني رغم الحرب الشرسة على هذه الحركة سياسياً وعسكرياً وأمنياً وإعلامياً بهدف شيطنتها وتشويهها داخلياً وخارجياً وشطبها من المعادلة.

مشاورات السويد خطوة مهمة على طريق استعادة الحقوق المنهوبة والمطالب المحقة كفتح مطار صنعاء وتسليم مرتبات الموظفين وتبادل الأسرى وتجنيب الحديدة التدمير الخ

وهي حقوق ما كان العدوان والأمم المتحدة ليعترفوا بها لولا صمود الشعب اليمني الذي لم تؤد الضغوط عليه بالجوانب المعيشية والإنسانية إلى استسلامه للعدوان مما أفقد تلك الضغوط أهميتها بالنسبة للعدوان ، في حين أنها اليوم تمثل عامل ضغط عالمي عليه باعتبارها جرائم ضد الإنسانية وحرب إبادة جماعية بحق الشعب اليمني.

سيظل صمود الشعب اليمني ووحدته الوطنية ووعيه واعتماده على الله حجر الزاوية في خوض معركة تحرير الإرادة الوطنية وانتزاع استقلال القرار الوطني والأرض والإرادة على جبهة المجتمع الدولي.

إنها معركة حرب الإرادات وصراع مفتوح مع قوى الاستعمار الأجنبي والإقليمي ومشاريعها ومطامعها التي تتخفى خلف واجهة الأمم المتحدة وتتغلغل في ثنايا دورها واستراتيجياتها وممارسات منظماتها،  ولا شك بأننا أهل لكسب هذه الحروب بعون الله.

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المركز

مواضيع متعلقة