Logo dark


الحرب الاقتصادية وأثرها على المجتمع اليمني ....المعالجات والحلول

( رئيس دائرة الدراسات والبحوث بالمركز , asalam6@gmail.com )

بسم الله الرحمن الرحيم

الحرب الاقتصادية وأثرها على المجتمع اليمني

المعالجات والحلول

ورقة مقدمة للندوة التي تنظمها جمعية الارتقاء التنموية

بالتعاون مع مركز الدراسات الاستراتيجية والاستشارية اليمني

صنعاء/ 2-2-2017م
 

الاقتصاد اليمني بطبيعته اقتصاد ريعي، يعتمد بدرجة كبيرة على ما تنتج الأرض، ويعتمد قطاع واسع من السكان على نشاط الزراعة ، ويُشغل القطاع الزراعي حوالي 70% تقريبا من الأيدي العاملة، كما يعتمد الاقتصاد اليمني على قطاع النفط والغاز والذي دخل منذ منتصف الثمانينات كلاعب رئيسي  على الساحة الاقتصادية اليمنية وأصبح يشكل ما يقارب ربع الناتج المحلي الإجمالي، وحوالي 45% من حصيلة إيرادات الموازنة العامة للدولة، كما يمثل قطاع النفط والغاز حوالي 83% من صادرات اليمن السلعية للخارج، ومصدر مهم من مصادر دخل البلد من العملات الصعبة، يليه تحويلات المغتربين والتي وصلت خلال العام 2015م إلى نحو 3.3 مليار دولار أمريكي، كانت بمثابة الغوث والإنقاذ لبلدهم المحاصر حيث مكنته من الاستمرار في استيراد احتياجاته من الخارج،  وأسهمت في تحقيق قدر من الاستقرار في سعر صرف العملة الوطنية وفي أسعار السلع والخدمات طوال فترة الحرب التي قاربت العامين من العدوان العسكري والحرب الاقتصادية الشاملة.

أولًا: آثار وتداعيات الحرب على أبرز المؤشرات العامة

 الحرب بأبعادها المختلفة العسكرية والمالية والاقتصادية تركت أثاراً عميقة على مجمل الأوضاع في اليمن وتبرز بصورة واضحة تلك الآثار من خلال المؤشرات العامة التالية:

1 - تراجع الأداء الاقتصادي العام، حيث شهد الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في العام 2015م انكماشاً بلغت نسبته 34.9% مقارنة بالعام السابق 2014م، ويعود ذلك إلى أسباب عديدة أهمها الآثار المباشرة للحرب والتي دمرت البنى التحتية والمنشآت الخاصة والعامة وعطلت الكثير من الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، يضاف لذلك أزمات الوقود والكهرباء والغذاء والمياه والنقل والتعليم والرعاية الصحية، وتعليق دعم المانحين التنموي ووقف الصرف على الجانب الاستثماري العام، وتقييد حركة التجارة الخارجية. وقدرت خسارة الاقتصاد الوطني في الناتج المحلي الإجمالي عام 2015م وفقاً لتكلفة الفرصة الضائعة بحوالي عشرة مليار دولار.

وفي العام 2016 يتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بسالب 12.8% لذات الأسباب التي شهدتها البلاد في عام 2015م، مضافاً إليها سبب جديد حدث في العام 2016م والمتمثل في أزمة السيولة أو الأزمة المالية التي عصفت بالقطاع البنكي والمصرفي الحكومي والخاص. وبسبب هذا الانكماش والتراجع في أداء الاقتصاد اليمني فقد انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي من مبلغ 518 دولار للفرد في عام 2014 إلى 290 دولار في العام 2016م، وهذا مؤشر على أن أعدادًا كبيرة من السكان أصبحوا تحت خط الفقر.

2- تحقيق عجز كبير في الموازنة العامة للدولة خلال الفترة يناير 2015 إلى أغسطس 2016(سنة وثمانية أشهر) تجاوز كل المستويات الآمنة بل كل الخطوط الحمراء بسبب العدوان والحرب والحصار حيث بلغ (1.590) مليار ريال، رغم توقيف الصرف من أغلب أبواب الموازنة العامة للدولة، تم تغطية (80.3%) من هذا العجز عبر الاقتراض من البنك المركزي والجزء المتبقي تم تمويله من البنوك الخاصة والمؤسسات العامة، وبسبب هذا العجز وبهذا المبلغ الكبير كانت أزمة السيولة التي بدأت في الواقع من البنك المركزي وامتدت لتشمل البنوك التجارية والإسلامية

وأسباب العجز الكبير في موازنة الدولة كثيرة لكنها ترجع بدرجة أساسية إلى الانخفاض الكبير في الإيرادات العامة بسبب:

أ- منع تصدير النفط والغاز من قبل تحالف العدوان الذي يمثل أهم مصادر تغذية الموازنة العامة للدولة بالإيرادات، وفي ذات الوقت، يعد النفط والغاز أهم مصادر البلد من النقد الأجنبي. وبسبب ذلك انخفضت إيرادات موازنة الدولة من النفط والغاز بمبلغ 3.7 مليار دولارا. ويمثل هذا المبلغ جانب من خسارة اليمن بسبب منع تصدير النفط والغاز خلال عام 2015/ فقط.

ب- تدمير المصانع والشركات والمشروعات الاستثمارية العامة والخاصة والتي ترفد الموازنة العامة للدولة بالإيرادات، سواءً في شكل حصة من أرباح فائض النشاط الجاري لهذه المصانع والشركات، أو في صورة ضرائب دخل وضرائب أرباح.

ج- تعليق القروض والمنح والمساعدات الخارجية التي تعتمد عليها موازنة الدولة تسبب في رفع مقدار العجز في الموازنة العامة إلى ذلك الحد وبتلك المبالغ والأرقام الكبيرة.

د- حصول (انكماش) في ناتج البلد الإجمالي كما سبقت الإشارة، نتج عنه إيرادات من الضرائب أقل، بسبب التراجع في أداء الأنشطة الاقتصادية، ولأن الضريبة لا تؤخذ إلا على الأنشط الرابحة، والكثير من الأنشطة والمشروعات الاقتصادية دمرها العدوان، وبعضها توقف جزئياً وبعضها كلياً، وأثر ذلك في مجمله على إيرادات الموازنة العامة للدولة من الضرائب والحصة من فائض النشاط الجاري من شركات ومؤسسات القطاع العام والمختلط.

هـ - استهداف الموانئ والمطارات وتوقف الواردات من الخارج لفترات طويلة في بداية العدوان أثر على حصيلة الدولة من إيرادات الضرائب والجمارك وبالتالي ظهر عجز الموازنة العامة بذلك المبلغ الكبير.

3- ارتفاع الدين العام الحكومي بنهاية 2015م بنسبة 17% عن 2014م تقريباً، لتصل قيمة الدين العام بشقيه الداخلي والخارجي إلى 5,564 ريال بما يعادل25.9 مليار دولار ويشكل نسبة94,4% من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كان قد وصل الدين العام الحكومي بنهاية عام 2014م إلى 4,737 مليار ريال بما يعادل 22,1 مليار دولار، وبنسبة 65% من الناتج المحلي الإجمالي لذات العام. وهي نسب ومعدلات كبيرة بكل المقاييس. هذا الدين أصبح يرهق سنوياً موازنات الدولة وجاء العدوان والحرب الاقتصادية لتضاعف من مشكلة الدين العام، إذ بلغ المتوسط السنوي لما أنفق على سداد الدين العام الداخلي والخارجي من موازنات الأعوام 2012-2015م حوالي 503,5 مليار ريال، ولا شك بأن الوفاء بسداد هذا الدين سيكون على حساب الكثير من الأولويات الاقتصادية والاجتماعية.

3- انخفاض سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار وبقية العملات الأجنبية الأخرى، ووفق آخر الأسعار في سوق الصرف الموازي فقد بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي في حدود الـ 330 ريال للدولار الواحد كما في أواخر يناير 2017م، وبذلك فقد انخفضت العملة الوطنية (الريال) بحدود 53% منذ بداية العدوان مقابل الدولار مقارنة بسعر الصرف الذي ساد في العام 2014م، والذي كان في حدود 215 ريال للدولار. 
هذا الانخفاض في سعر صرف الريال، يعد بالمعنى الآخر انخفاض في القوة الشرائية للريال وزيادة في الجهة الأخرى في أسعار السلع والخدمات.

 
4- تآكل احتياطيات البنك المركزي اليمني من النقد الأجنبي بسبب:

أ- انخفاض صادرات السلع والخدمات اليمنية بحوالي 80.2% في عام 2015م مقارنة بعام 2014م، وفي مقدمتها صادرات النفط والغاز التي توقفت من بداية العدوان.

ب- في الوقت الذي انخفضت فيه الصادرات إلا أن الواردات لم تنخفض بنفس القدر مما أدى إلى استمرار نزيف العملات الأجنبية إلى الخارج. لتغطية قيمة الواردات، ودون أن تتخذ قرارات اقتصادية تراجع فيه سياسة التجارة الخارجية بصورة يعاد فيها النظر في الواردات من السلع غير الضرورية التي أغرقت بها البلد وبما يضمن الحفاظ على ما تبقى من مدخرات البلد المحدودة من النقد الأجنبي.

ج- تعليق القروض والمساعدات الخارجية تسبب في انخفاض الاحتياطيات من النقد الأجنبي من 4.7 مليار دولار بنهاية 2014م، إلى 987 مليون دولار في سبتمبر 2016م، ذلك الاحتياطي تم به مواجهة واردات البلاد من الغذاء والدواء والمشتقات النفطية وسداد أقساط وفائد الدين الخارجي خلال عام 2015م وغيرها من النفقات الأخرى.

5- زيادة معدلات التضخم وارتفاع الأسعار لتصل إلى 30% في عام 2015م، و7% في عام 2016م، على أن تحقق استقرار نسبي في الأسعار في عام 2016م وبقائه عند 7% كان بسبب توقف الإنفاق من الموازنة العامة للدولة على المرتبات والأجور وبسبب أزمة السيولة التي عصفت بالاقتصاد الوطني.

ثانيًا: جرائم 600 يوم من القتل والدمار للمنشآت الاقتصادية والبنى التحتية

أظهر تقرير الرصد الذي قام به المركز القانوني للحقوق والتنمية، إحصائية بالجرائم السعودية الأمريكية وتحالفهما خلال (600) يوم من العدوان وعلى النحو التالي:
- 11403 - عدد القتلى، من النساء والأطفال والرجال
- 19343 -
عدد الجرحى من النساء والأطفال والرجال.
  15 - مطار، و 13 ميناء.

-148 محطة ومولد كهرباء، و237خزان وشبكة مياه.

-282 شبكة ومحطة اتصالات.

-1289 طريق وجسر.

  380.366 -منزل تدمر وتضرر.

- 1553 منشأة حكومية، 675 مسجد، و   719مدرسة ومعهد، و263 مستشفى ومرفق صحي، و202 منشأة سياحية، و201 موقع أثري، و100 ملعب ومنشأة رياضية، و108 منشأة ومبنى جامعي، و20 منشأة إعلامية، و5193 منشأة تجارية، و2317 وسيلة نقل، و641 مخزن غذاء، 476 ناقلة غذاء، و515 سوق ومجمع تجاري، و294 محطة وقود، و254 مصنع، و216 ناقلة وقود، و179 مزرعة دواجن ومواشي، و1376 حقل زراعي. وأعداد الضحايا والأضرار والخسائر في تزايد بسبب استمرار العدوانالسعودي الأمريكي. 

ثالثًا: مظاهر الحرب الاقتصادية

لقد أخذت الحرب الاقتصادية على اليمن مظاهر وأشكالاً متعددة، استخدم فيها العدو السعودي الأمريكي أبشع الأدوات والأساليب والتي تتنافى مع القوانين والشرائع والأعراف الدولية وحتى مع الفطرة الإنسانية، وتتمثل أبرز مظاهر وأدوات ووسائل الحرب الاقتصادية التي طالت كل ما له علاقة بحياة الإنسان ووجوده على قيد الحياة في:

  1. فرض الحصار البري والبحري والجوي الشامل منذ اللحظات الأولى لبدء الحرب والعدوان العسكري.
  2. منع تصدير النفط والغاز وافساح المجال للفار هادي لبيع كمية ثلاث مليون برميل نفط خام كانت متواجدة من قبل بدء العدوان في ميناء الضبة، وتحويل قيمتها إلى خارج اليمن. وتقدر (الخسارة) أو ما يعرف بتكلفة الفرصة البديلة بسبب توقف إنتاج وتصدير النفط والغاز بحوالي 4.1 مليار دولار خلال أشهر العام 2015م فقط.
  3. في المقابل يمنع العدوان تفريغ وتصدير كمية تزيد عن مليون ومائة ألف برميل نفط خام محملة داخل خزان النفط العائم (سفينة)صافر في ميناء رأس عيسى النفطي بالحديدة موجودة منذ بدء الحرب، الكمية معرضة للتسرب للبحر وإحداث أضرار بيئية واقتصادية يصعب على دول بأكملها مواجهة كارثة بهذا الحجم فيما لو حدثت، السفينة قديمة وتحتاج إلى صيانة عاجلة ويمنع طيران العدو الاقتراب منها لتزويدها بمادة المازوت لتشغيلها وإجراء أعمال الصيانة. وهي معرضة إما للقصف أو لاستهدافها بعمل إرهابي لا سمح الله.
  4. أوقف العدو وصول الواردات في أشهر الحرب الأولى، ثم فرض بعد ذلك قيود على الواردات واستحدث نظام التصاريح للسماح بدخول السفن للموانئ اليمنية، وفرض إجراءات تفتيش للسفن المحملة بالبضائع في جيبوتي في انتهاك للسيادة اليمنية وللقوانين والأعراف الدولية، ويدفع التجار رسوم ورشاوى على كل تصريح، وهو ما ساهم مع غرامات التأخير وارتفاع تكاليف النقل والتأمين، في ارتفاع أسعار السلع والبضائع والمواد المستوردة من الخارج وخلق معاناة إضافية على المواطنين.
  5. تمكين حزب الإصلاح من موارد البلد السيادية من نفط وغاز مأرب، ورفض الحزب توريدها للبنك المركزي في العاصمة صنعاء وفقا للقانون ولمواجهة أزمة المرتبات التي عصفت بالبلد لأشهر وتضرر منها جميع اليمنيين بكل شرائحهم وانتماءاتهم السياسية. بل أسهم حزب الإصلاح في مضاعفة أسعار مادة الغاز المنزلي لتصل للمواطن وقد ارتفع سعرها كثيراً عن السعر الرسمي.

 وللمقارنة فقط فإن المتوسط السنوي لعائد بيع الغاز (بدون النفط) خلال الثلاثة الأعوام الماضية 2012-2014م بلغ 37.7 مليار ريال في العام الواحد، واليوم يستولي حزب الإصلاح على هذه المبالغ، مع العلم أن هذه الحسبة مبنية على أسعار البيع القديمة في تلك الأعوام، وأن المبالغ التي يتحصل عليها الحزب في ظل الأسعار الحالية أكبر بكثير([1]). وبالتالي فإن عشرات المليارات قد استولى عليها الحزب من بداية سيطرته على محافظة مأرب إلى اليوم.

  1. احتجاز إيرادات الرسوم الضريبية والجمركية في المحافظات الجنوبية والشرقية، في الوقت الذي كانت مرتبات موظفي تلك المحافظات بما فيها مرتبات موظفي المصالح الإيرادية تصرف من البنك المركزي في العاصمة صنعاء.
  2. توقيف صرف منحة تقدر بـ 900 مليون دولار كان الاتفاق بشأنها قد تم مع المانحين وهي تخص الإعانات التي تصرف للأسر الفقيرة عبر صندوق الرعاية الاجتماعية، تم التواصل مع الجهات المانحة لإيقافها.
  3. احتجاز مستحقات شركات الاتصالات اليمنية لدى النظام السعودي.
  4. فروض قيود كبيرة على تحويلات المغتربين من الخارج وعلى وجه التحديد من السعودية التي يتواجد بها العدد الأكبر من المغتربين.
  5. تهريب العملة الوطنية إلى الخارج بشتى الوسائل واحتجاز كميات كبير منها في مأرب لدى المرتزقة، مما تسبب في أزمة سيولة حادة أثرت على القطاع البنكي والمصرفي.
  6. نقل بعض مهام ووظائف البنك المركزي اليمني من العاصمة صنعاء إلى فرع عدن وإغلاق نظام التحويلات والتعامل مع الخارج، كواحدة من أدوات ومظاهر الحرب الاقتصادية لجأوا إليها بعد فشلهم في إسقاط البلد عسكرياً.
  7. احتجاز ومصادرة ما تبقى من أرصدة البنك المركزي في الخارج والتي تقدر بحدود 900 مليون دولار جزء منها يخص البنوك الأهلية.
  8. إيقاف عملية طباعة وتوريد العملة من روسيا الاتحادية والاستيلاء على الكمية المطبوعة من قبل هادي وفرع البنك المركزي في عدن فيما يشبه أعمال القرصنة وبمساندة دول العدوان.
  9. منع وعرقلة نقل فوائض أموال البنوك التجارية والإسلامية إلى الخارج لتغذية حساباتها في البنوك المراسلة، مما حد من قدرة البنوك على تقديم خدماتها لقطاع المستوردين، وتسببت بعد ذلك في أزمة سيولة في البنوك، بعد أن أحجم القطاع التجاري عن إيداع أمواله في البنوك.

رابعًا: الحلول والمعالجات

  1. لقد أصبح الإصلاح الاقتصادي والمالي والنقدي والإداري في اليمن ضرورة لا تحتمل التأخير والتأجيل ويمثل المدخل لأي حلول أو معالجات أخرى وتزداد أهمية وجود برنامج وطني للإصلاح الشامل للمبررات التالية:

 أ- لوقف التدهور في الأوضاع المالية والاقتصادية الصعبة التي وصلت إليها البلد بسبب العدوان السعودي الأمريكي، والتي زادت حدتها منذ شهر أغسطس 2016م، عندما عجزت الدولة عن دفع مرتبات وأجور الموظفين في القطاعين المدني والعسكري.

ب- التخفيف من معاناة المواطنين التي تسبب فيها العدوان العسكري والحصار والحرب الاقتصادية التي استهدفتهم في حياتهم ومعيشتهم، ولضمان استقرار أسعار السلع والخدمات، واستقرار سعر صرف العملة الوطنية.

ج- الحفاظ على مؤسسات وأجهزة الدولة التي يسعى العدوان لإسقاطها، حيث أن التدهور الذي شهدته الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية خلال الأشهر الماضية، أصبح يهدد بقاء الدولة ويهدد استمرارها في القيام بوظائفها في الدفاع عن البلد وفي حفظ الأمن والاستقرار والقيام بالخدمات الأساسية في مجالات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية وغيرها.

د- ضمان استمرار الأنشطة الاقتصادية الإنتاجية والخدمية، وحماية قطاع البنوك والمصارف على وجه الخصوص من تداعيات العدوان والحرب الاقتصادية التي طالته قبل غيره من قطاعات الاقتصاد الوطني.

هـ الصمود ومواجهة العدوان العسكري الغاشم الذي يشنه تحالف الشر بقيادة السعودية وأمريكا حتى يتحقق لشعبنا اليمني النصر المؤزر على أعدائه بإذن الله تعالى.

  1. وأمام أي برنامج للإصلاح الاقتصادي جانبان أساسيان ينبغي التصدي لهما بحزم لما يمثلانه من مخاطر على مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وهما:

الجانب الأول:

استعادة التوازن المالي والسيطرة على عجز الموازنة العامة للدولة الذي تعدى كل الخطوط الحمراء حيث بلغ 1590 مليار ريال خلال عام وثمانية أشهر، وكان من نتائجه أزمة السيولة المالية الحادة التي عصفت بالبنك المركزي اليمني وضربت معه البنوك والمصارف الأهلية.

وبالتالي فإن السيطرة على عجز الموازنة العامة وخفضه إلى أدنى المستويات، يعد المدخل الأساسي وحجر الزاوية في أي إصلاح مالي ونقدي واقتصادي قادم، وبدون ضبط العجز، فستستمر الأزمات المالية والنقدية تعصف بالبلد وتهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

وأهم إجراءات السيطرة على عجز الموازنة العامة تتمثل في الآتي:

  • تحصيل الموارد العامة للدولة من الرسوم والضرائب وفق الأوعية القانونية النافذة (فهناك تهرب ضريبي وتهريب جمركي كبيران لا يخفيان على أحد ومتأخرات للدولة لدى الغير غير متحصلة ضريبية وغير ضريبية).
  • مراجعة وإصلاح النظام الضريبي (كنسب ومعدلات، وإلغاء الإعفاءات التي كانت تتمتع بها بعض الأنشطة) وذلك عبر تعديل القوانين الضريبية والجمركية، بما يتواكب وظروف الحرب القائمة ويعوض الميزانية عن إيرادات النفط والغاز، وعن الضرائب والجمارك التي فقدتها من عدد من المحافظات، وبما يكفل إعادة توزيع الأعباء والتكاليف العامة (من الرسوم والضرائب والجمارك) ويحقق في ذات الوقت العدالة الضريبية.
  • إجراء إصلاح إداري تزال من خلاله الأسماء الوهمية والمتكررة من كشوفات المرتبات في القطاعات المدنية والعسكرية، وإحالة من بلغ أحد الأجلين من موظفي الدولة المدنيين والعسكريين للتقاعد، وترشيد النفقات العامة.
  • البحث بكل السبل عن مصادر تمويل خارجي (مساعدات وقروض) لسد العجز في كل من الموازنة العامة للدولة بالريال وميزان المدفوعات بالدولار.

الجانب الثاني:

خفض العجز الكبير في ميزان المدفوعات مع العالم الخارجي والذي استنزف مقدرات البلد من العملات الصعبة، وذلك بسبب سياسات "الباب المخلوع" وعمليات الاستيراد العبثية من الخارج للسلع والبضائع غير الضرورية التي أغرقت بها البلاد، وأدت إلى الاستنزاف الجائر وغير المقبول اقتصادياً لما يملكه البلد من العملات الصعبة، خاصة وأن هذا الاستنزاف يأتي في ظل توقف تدفق النقد الأجنبي من القروض والمساعدات والاستثمارات الخارجية والعوائق المفروضة على تحويلات المغتربين، وكذا في ظل التوقف شبه الكلي للصادرات اليمنية إلى الخارج.

وبالتالي فإن السيطرة على عجز ميزان المدفوعات في هذه الظروف إنما يتم من خلال إصلاح نظام التجارة الخارجية (ومن أهم عناصر هذا الإصلاح تقييد بعض الواردات ومنع الكثير الكثير من الواردات غير الضرورية من الخارج)، وبدون تقييد ومنع الواردات فإن ذلك سيقود البلاد إلى كارثة كبيرة لا سمح الله، تصل فيها إلى مرحلة تنعدم فيها العملات الأجنبية ولا تتمكن البلد في هذه الحالة من توفير واستيراد الغذاء والدواء من الخارج، وتدخل فيها البلاد فيما يعرف بـ (المجاعة الاقتصادية)، خاصة أن آفاق وقف الحرب والتسوية السياسية غير واضحة، وعليه فإن حماية البلد من الوصول إلى هذه المرحلة الخطيرة أمر بالغ الأهمية طالما تم التنبيه إليه، وينبغي أن يكون ضمن أولويات هذه المرحلة. 

  1. حفز الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية في البلد موضوع غاية في الأهمية لتحقيق معدلات نمو موجبة في الناتج المحلي الإجمالي، خاصة بعد أن حقق الناتج المحلي الإجمالي انكماشاً (نمواً سالباً) بمعدل 34.9% خلال العام 2015م، و12.8% وفق تقديرات الأشهر المنصرمة من العام الجاري 2016م.
  2. وفيما يخص تآكل النقد الأجنبي، والعلاقة مع العالم الخارجي، وضمان توفير متطلبات البلد من الخارج فإن المعالجات تتمثل في:

اتخاذ إجراءات صارمة لتقييد الواردات غير الضرورية من الخارج أولاً وبدرجة أساسية، وفي حال استمرت عملية استنزاف ما لدى البلد من نقد أجنبي بسبب عدم تقييد الواردات غير الضرورية، فإن البلد ستواجه صعوبات في سداد قيمة وارداتها الضرورية من الخارج، وفي مقدمة ذلك قيمة الواردات من الغذاء والدواء والمشتقات النفطية، خاصة أن أفق التسوية ووقف العدوان ورفع الحصار على البلد لا تبدو قريبة، هذا بخلاف التداعيات التي سيشهدها سعر صرف العملة الوطنية إن لم يتم تقييد الواردات ومراجعة سياسة التجارة الخارجية بشكل عام.

- كسر الحصار المفروض على التعاملات الخارجية للبنوك التجارية والإسلامية، واستعادة الثقة في القطاع المصرفي.

- البحث من خلال الأشقاء والأصدقاء على منح وقروض نقدية، ومنح ومساعدات وقروض عينية (قمح، مشتقات نفطية) للحكومة، وقروض (عينية) للقطاع الخاص (قمح، مشتقات نفطية) مقابل ضمانات تمنح للجهة المقرضة.

- البحث بكل الطرق عن وديعة بالدولار للبنك المركزي اليمني، عبر تكثيف التواصل مع الأشقاء الذين لا زال لديهم فوائض مالية من النقد الأجنبي بخاصة (عمان، الجزائر، إيران) والرافضين للعدوان والحرب على اليمن، وكذا مع الأصدقاء الذين تربطهم باليمن مصالح تجارية كبيرة وعلى وجه الخصوص حكومة الصين الشعبية والتي لديها فوائض مالية هائلة من النقد الأجنبي وتبحث عن مجالات وبلدان لاستثمارها، ومنح الطرف المستجيب الضمانات التي يراها مناسبة. حيث أن توفر وديعة بالدولار في البنك المركزي سيحافظ على استقرار سعر صرف الريال اليمني كما سيسهم في استقرار أسعار السلع والخدمات، وأيضاً يمكن البلد من تغطية قيمة وارداته الضرورية من الخارج.

  1. توفير الحماية للإنتاج المحلي وتشجيع الإنتاج الزراعي بمختلف الطرق بما في ذلك شراء المنتجات من المزارعين بأسعار تشجيعية.
  2. دعم المشروعات الصغيرة وتقديم القروض والتسهيلات اللازمة التي تساعدها على النهوض بها.
  3. مقاطعة بضائع دول العدوان التي دمرت الاقتصاد اليمني لتهيئته ليكون سوقاً خالصاً لمنتجاتها واعتبار المقاطعة واحدة من أدوات الشعب اليمني في حربه الاقتصادية ضد الأعداء تنفيذاً لما جاء في رؤية الشهيد القائد السيد حسين بن بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه.

 



[1] الآثار الاقتصادية الناتجة عن العدوان، ص16.

 

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المركز

مواضيع متعلقة