قال الرئيس الأمريكي/ دونالد ترامب، يوم الثلاثاء6مايو2025م، إن الولايات المتحدة ستوقف قصف "الحوثيين" (أنصار الله)، بعد زعمه أن الجماعة وافقت على التوقف عن تعطيل ممرات الشحن المهمة في الشرق الأوسط، وحسب الموقع الإخباري الأميركي "إنترسبت" إن إعلان الرئيس ترامب للصحفيين في المكتب البيضاوي يوم الثلاثاء، أن الحوثيين استسلموا، وزعم أن الحوثيين أعلنوا أنهم لا يريدون القتال بعد الآن، وزاد "لقد قالوا لنا: رجاء، توقفوا عن قصفنا ونحن سنتوقف من جانبنا عن استهداف السفن".
وذكر ترامب في اجتماع مع رئيس الوزراء الكندي/ مارك كارني في المكتب البيضاوي أن “الحوثيين أعلنوا عدم رغبتهم في مواصلة القتال”، لكنه لم يُدل بتفاصيل عن الرسالة التي بعثوا بها، ولا من الأشخاص الذين بعثوا بها![1].
من جانب آخر أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية/ تامي بروس أن "الحوثيين استسلموا وأكدوا أنهم لا يريدون استمرار القتال، وسنتوقف عن قصفهم". وأضافت "بروس" أن "الاتفاق مع الحوثيين يتعلق فقط بالملاحة في البحر الأحمر ووقف مهاجمة السفن"، مشيرة إلى أن "الاتفاق يقضي بعدم استهداف أي طرف للآخر، وضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر"([2]).
الأمر الذي أثار جدلاً في الأوساط السياسية والأكاديمية.. إلخ، ولهذا جاءت الردود المستنكرة لمثل هذه التصريحات، من قادة أنصار الله المعنيين وأنهم لم يبعثوا بطلب وقف القتال، أو غيره، نذكر منها:
- محمد علي الحوثي عضو المجلس السياسي الأعلى وصف في تغريدة إعلان ترامب بأنه "انتصار يفصل الإسناد الأميركي للكيان المؤقت.. وقال: "سنقيّم إعلان ترامب وقف العدوان على اليمن ميدانيا أولاً"([3]).
- نصر الدين عامر- رئيس وكالة سبأ للأنباء اليمنية، في رسالة إلى الموقع الإخباري- وصف الرئيس الأميركي بأنه "أضحوكة" وذلك قبل إعلانه وقف إطلاق النار.
- في نفس التاريخ واليوم، جاء البيان الصادر عن وزارة الخارجية العمانية – الوسيط- في المفاوضات بين الطرفين ليمثل فضيحة، ويكشف زيف السردية الأمريكية، وأعلنت سلطنة عمان التوصل إلى([4]) اتفاق تهدئة بين الولايات المتحدة الأمريكية وجماعة أنصار الله في اليمن، يقضي بوقف إطلاق النار بين الجانبين، بما يشمل الامتناع عن استهداف "السفن الأمريكية" في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، بما يضمن حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي، وقال ناطق باسم وزارة الخارجية العمانية، في بيان رسمي الثلاثاء 6 مايو، إن الاتفاق جاء بعد "مناقشات واتصالات مكثفة أجرتها السلطنة مؤخرًا مع الولايات المتحدة والجهات المعنية في صنعاء، بهدف خفض التصعيد في المنطقة"، آملًا أن يمهد ذلك لمزيد من التقدم في ملفات إقليمية أخرى، وفي السياق ذاته، أكد وزير الخارجية العماني بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي أن هذا الاتفاق يمثل “ثمرة جهود دبلوماسية هدفها تهدئة التوتر وضمان أمن الملاحة البحرية”، مضيفًا أن السلطنة “تتطلع إلى أن تسهم هذه التهدئة في إرساء أسس السلام وتحقيق العدالة والرخاء لجميع شعوب المنطقة"[5].
- العميد/يحي سريع- المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية في بيان مصور، قال: إن القوات اليمنية لن تتردد في تنفيذ ضربات ضد الولايات المتحدة إذا استأنفت واشنطن ضرباتها على اليمن.. وأكد استمرار حظر حركة الملاحة البحرية الإسرائيلية في البحرين الأحمر والعربي، وحظر الملاحة الجوية على مطار اللد. وأضاف أن القوات المسلحة اليمينة تمتلك من القدرات ما يجعلها قادرة على الرد على العدوان الإسرائيلي([6]).
- محمد عبد السلام- رئيس الوفد الوطني المفاوض، في مقابلة حصرية على قناة الجزيرة قال: "نحن تلقينا الطلبات من أمريكا عبر سلطنة عمان والذي تغير هو موقف الأمريكي أما موقفنا فثابت.. ما صرح عنه الأمريكي هو تعبير عن العجز والفشل وهو لم يتمكن من حماية السفن الإسرائيلية.. لا علاقة للتفاهم المبدئي مع الأمريكي بموقفنا من إسناد غزة.. الحقيقة هي ما نقولها وما جاء في بيان الخارجية العمانية.. الضمانات للاتفاق هي تلك التجربة السوداء التي خاضتها أمريكا في اليمن.. الضمانة الحقيقية هي الموقف الذي تمسكنا به وتمسك به شعبنا في خروجه الأسبوعي المساند لغزة.. وأي اعتداء من أي طرف نحن بإذن الله سنقوم بالرد عليه وقادرون على ذلك.."([7]).
- الرئيس/ مهدي محمد المشاط – رئيس المجلس السياسي الأعلى، اعتبر ما حدث بالانتصار المؤزر بعون الله وحكمة القيادة وإدارة المعركة ضد العمليات العسكرية الأمريكية المساندة لـ "إسرائيل".. الأمريكي أعلن تراجعه بعد الفشل الكبير الذي مني به.. والجهوزية العسكرية وعلى كل المستويات عالية والرد على العدوان الإسرائيلي سيكون مزلزلاً.."
- السيد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي- القائد العلم، في خطابه الأسبوعي الخميس8 مايو2025م، قال -وهو لا يقول إلا الصدق- "في كل مراحل الصراع لم يخطر ببالنا وليس وارداً على الإطلاق أن نتخاطب مع عدو مجرم بأي لغة استسلام أو ترجٍ أو عبارة ضعف".. "الإعلان الأمريكي ليس نتيجة لترجٍ ولا استسلام، وهذا هو من التهريج الذي يعرف به ترامب.. وأضاف مؤكداً على الاستعداد لأي تغير، ولمعرفته بخداع العدو وتقلبه "عندما يتورط الأمريكي في أي جولة ثالثة نحن جاهزون تماماً للتصدي له"([8]).
كل تلك الردود تؤكد التضليل والزيف الأمريكي، وفضيحة الرئيس الأمريكي/ ترامب فيما زعم!
وإنما ترجع الأسباب والدوافع لتوقيع الاتفاق إلى الآتي:
- الفشل الاستراتيجي لحملة العمليات الأمريكية في اليمن، إذ أنها لم تحقق أي هدف من أهدافها
- الفشل والخسارة العسكرية، حيث استخدمت ما يقارب 2000 قنبلة وصاروخ على اليمن، تقدر قيمتها 775مليون دولاراً، وقدرها بعض الخبراء بأكثر من ملياري دولار([9])؛ ومثلت استهلاكاً للمخزون من الصواريخ والقنابل التي كانت معدة لمواجهة الدول الكبرى المنافسة –روسيا وكوريا الشمالية.
- التكلفة الكبيرة التي خسرتها في حملتها على اليمن، بدءاً بحاملات الطائرات البالغ عددها خمس، كان يتم استهدافها بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة اليمنية وهي على مسافات بعيدة في البحرين الأحمر والعربي، وعرف عنها تكتيكات الهروب!
الطائرات بدون طيار MQ9 وبلغ عدد الطائرات التي أسقطت في اليمن منذ منتصف شهر مارس2025م، سبع طائرات، قيمتها234مليون دولاراً تقريباً، حتى أصبحت أضحوكة، وخسرت طائرتين حربيتين F18 أثناء هروب حاملة الطائرات وانحدارها بشدة على إثر استهدافها بعملية يمنية مسددة – حسب الإعلام الأمريكي، تقدرقيمتها 134مليون دولاراً.
- الانكشاف للأمن القومي الأمريكي، أدى إلى إقالة مستشار الأمن القومي الأمريكي المعين حديثاً/ مايكل والتز، ونائبه!
- القلق من قدرة "أنصار الله": تسبب صاروخ سقط على مطار اللد - بن غوريون- وتجاوز أنظمة الدفاع الجوي المختلفة ومنها نظام "ثاد" الدفاعي الأميركي في إرباك واشنطن، وبعده أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية فرض حصار جوي على الكيان الإسرائيلي باستهداف مطار اللد- بن غوريون، مما أدى إلى تعطيل عمله لساعات وإلغاء العديد من شركات الطيران رحلاتها يوم الأحد 4 مايو([10])؛ مما عجّل بالسعي نحو التهدئة.
- أصدر مركز تنسيق العمليات الإنسانية HOCC، قراراً بحظر صادرات النفط الخام الأمريكي، وسيبدأ سريانه في 17 مايو 2025م([11]).
ويعتبر أحد أهم الأسباب التي دفعت الرئيس الأمريكي/ ترامب لوقف العدوان على اليمن – قبل سريان القرار- لأنه أدرك الآثار المترتبة عليه، لأن القرار يمثل حرباً اقتصادية!
- الاستجابة لمطالب خليجية ورغبة/ ترامب في تهدئة التوترات مع "أنصار الله" قبل جولته المرتقبة في منطقة الخليج، حيث يحتاج السعوديون إلى استقرار البحر الأحمر لإنجاح رؤية 2030 الاقتصادية، ويحتاج ترامب إلى الأمن الشخصي، لهذا ألغى زيارة الكيان الإسرائيلي من برنامج جولته، لهذا السبب!
- تراجع المكانة الدولية للولايات المتحدة، وحفظ ماء وجهها، لأن عدوانها على اليمن قلل من كونها دولة كبرى، مهابة القوة، وقزمها الصمود والثبات اليمني، فأسقط طائراتها، وضرب حاملات طائراتها ولم تتجرأ على الاقتراب من باب المندب، وتعطلت أكثر من مرة بسبب قصفها بالصواريخ البالستية والطائرات المسيرة اليمنية، وهي التي كانت تهابها دول العالم بمجرد الاقتراب من مياهها الإقليمية!
الاحتمالات:
[1] الجزيرة نت؛ "ترامب: الحوثيون “استسلموا” والضربات الأمريكية على اليمن ستتوقف (فيديو("،6مايو2025م، على الرابط:
https://www.aljazeeramubasher.net/news/politics/2025/5/6
[2] الجزيرة نت؛ "سلطنة عمان تكشف تفاصيل الاتفاق بين “أنصار الله” والولايات المتحدة"، 6مايو2025م، على الرابط:
https://www.aljazeeramubasher.net/news/2025/5/6/%D8%
[3] الـbbc؛ "ما دلالات إعلان ترامب التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين؟"، 9مايو2025م، على الرابط:
https://www.bbc.com/arabic/articles/c331nyg8r38o
كذلك في: الجزيرة نت؛ "موقع إنترسبت: القوات الأميركية تتعرض للهجوم كل يوم في الشرق الأوسط"، 7مايو2025م، على الرابط:
https://www.aljazeera.net/politics/2025/5/7/%D9%85%D9
[5] لمزيد من التفاصيل يرجع إلى: الجزيرة نت؛ "سلطنة عمان تكشف تفاصيل الاتفاق بين “أنصار الله” والولايات المتحدة"، 6مايو2025م، على الرابط:
https://www.aljazeeramubasher.net/news/2025/5/6/%D8%
[6] الجزيرة نت؛ "ترامب: أحترم وعود الحوثيين وقد أظهروا شجاعة كبيرة"، 8مايو2025م، على الرابط:
https://www.aljazeera.net/news/2025/5/8/%D8%AA%D8%
[7] محمد عبد السلام- رئيس الوفد الوطني المفاوض[مقابلة]؛ "قناة الجزيرة"، 6مايو2025م. وانظر:
- الـbbc؛ "ما دلالات إعلان ترامب التوصل إلى اتفاق مع الحوثيين؟"، 9مايو2025م، على الرابط:
https://www.bbc.com/arabic/articles/c331nyg8r38o
[8] السيد/ عبد الملك بدر الدين الحوثي؛ "خطاب الشكر لله"، الخميس8مايو2025م.
[9] الجزيرة نت؛ "فورين أفيرز: هكذا تفوق الحوثيون على الولايات المتحدة"، 10مايو2025م، على الرابط:
https://www.aljazeera.net/politics/2025/5/10/%d9%81%d9
[10] محمد غازي الجمل-الجزيرة نت؛ "هل يستطيع الحوثيون فرض حظر جوي على إسرائيل؟"، 7مايو2025م، على الرابط:
https://www.aljazeera.net/politics/2025/5/7/%D9%85%D8
[11] ومن أهم ماورد فيه أن العدو الأمريكي لا يزال يشنّ غارات على مختلف المحافظات اليمنية، مستهدفًا المدنيين والأعيان المدنية، مما أسفر عن سقوط المئات من الشهداء والجرحى، بينهم نساء وأطفال.. سبق أن قام العدو الأمريكي في 17 أبريل 2025م باستهداف ميناء رأس عيسى النفطي في محافظة الحديدة، مستهدفًا منشآت مدنية وعمالًا وموظفين، في جريمة مروعة تُعد واحدةً من أبشع المجازر المرتكبة بحق الإنسانية، في محاولة لمحاصرة الشعب اليمني، وإفقاره، وتدمير قدراته الاقتصادية، وبالتالي يحق للجمهورية اليمنية الرد على الجرائم والمجازر وجرائم الحرب التي يرتكبها العدو الأمريكي بحق الشعب اليمني وبنيته التحتية ومقدراته.. وأضاف" ولذلك، تم اتخاذ قرار بحظر تصدير أو إعادة تصدير أو نقل أو تحميل أو شراء أو بيع النفط الخام الأمريكي (U.S. Crude Oil)(HS Code 2709.00)، من الموانئ الأمريكية، سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر، ويشمل ذلك عمليات النقل من سفينة إلى أخرى STS، سواءً بشكل كلي أو جزئي، بما في ذلك عبر أطراف ثالثة".. وستُفرض العقوبات المناسبة وفقاً للائحة عقوبات (SR- PAYAIS)، وستكون أساطيل تلك الشركات محظورة من عبور البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي، فضلاً عن استهدافها في أي مكان تطاله القوات المسلحة اليمنية.. يُحظر على الدول والكيانات والأشخاص، التعامل مع الشركات المدرجة في قوائم العقوبات بأي شكل من الأشكال، كما يُحظر استخدام وكلاء أو شركات وسيطة أو شركات وهمية أو أطراف ثالثة لإتمام معاملات محظورة لصالح الشركات المدرجة. إذ أن المشاركة في أي معاملات مع الشركات المُدرجة، تنطوي على خطر التعرض للعقوبات.