Logo dark


تقييم أداء حكومة الانقاذ..... أسباب الاخفاق والحلول الممكنة

( رئيس دائرة المعلومات والنشر بالمركز , wajeehtalib@gmail.com )

عقد "منتدى مقاربات" بمركز الدراسات الاستراتيجية والاستشارية اليمني لقاءه عصر الأربعاء 25/10/2017 بإقامة ندوة بعنوان: "تقييم حكومة الإنقاذ الاختلالات وسيناريوهات الحل" قدم الورقة الرئيسة فيها الأستاذ عبد الوهاب الشرفي والتي احتوت توصيفاً مهماً لجذور المشكلة وملابسات إنشاء هذه الحكومة وتطرقت بشكل مفصل إلى جوانب الخلل فيها ومقترحات الحلول، حضر الندوة كل من القاضي أحمد سيف حاشد عضو البرلمان والأستاذ محمود الجنيد مدير مكتب الرئاسة والأستاذ محمد النعيمي عضو المجلس السياسي الأعلى والدكتور ياسر الحوري، والدكتور سامي عطا والدكتور رشيد أبو لحوم الأكاديميين، والكاتب الصحفي الأستاذ عبد الخالق النقيب، والأستاذ محمد المهدي والأستاذ عبد الله الضاعني من الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، والدكتور محسن الدربي الأكاديمي بجامعة صنعاء، والأستاذ عبد السلام المحطوري وكيل وزارة المالية، والكاتب والصحفي الأستاذ صلاح العلي، إضافة إلى طاقم المركز برئاسة الأستاذ عبد الملك العجري رئيس الندوة والأستاذ أنس القاضي الباحث بالمركز والأستاذ عبدالعزيز أبوطالب رئيس دائرة المعلومات والنشر بالمركز. وقد شارك الحضور بمداخلاتهم على الورقة الرئيسة بما أثرى النقاش والخروج ببعض المقترحات والحلول مع الإشارة إلى ضرورة أن تكون هذه الندوة والورقة أرضية وقاعدة لبلورة مشروع وطني لحل الأزمة القائمة بعقد المزيد من الندوات والحلقات واستضافة المزيد من الخبراء والمختصين.

وفيما يلي أهم ما ورد في تلك الندوة وأبرز المحاور التي تناولتها والورقة والمداخلات:

أخذت حكومة الإنقاذ الوطني اسمها من جسامة المهام الملقاة على عاتقها، والتي تمثلت في مهمة إنقاذ وطني للوضع اليمني في مختلف جوانبه، والتي تأتي في مرحلة مستقلة قانونياً عن المرحلة التي سبقتها، فقبل تشكيلها كانت تحكم البلد اللجنة الثورية العليا، مع واقع شلل وزاري مفتعل صاحبَ تلك الفترة ناتجاً عن الأزمة السياسية التي دخلت بها البلد لم تنتهِ باستهداف اليمن من قبل التحالف العدواني الذي تقوده السعودية. ورغم محافظة اللجنة الثورية على مؤسسات الدولة، إلا أن تلك الظروف أدت إلى تردي الخدمات العامة، والتي ضاعفها العدوان على شكل أزمات سياسية واقتصادية وخدماتية وأمنية وعسكرية وإنسانية.

إن تقييم الحكومة يجب أن يكون موضوعياً ومتجرداً ولا يخلط بين المعوقات التي تسبب بها العدوان وتلك الناجمة عن القصور في الأداء، وبطريقة لا تبرئ ساحة العدوان ولا تلقي بها كاملة على عاتق الخلل والقصور الوظيفي والمهني لهذه الحكومة. فتجربة الحكومة تجربة جديدة، فهي أول حكومة يمنية تنشأ في ظل العدوان وتوقّف المرتبات -والتي بدأت بالتوقف قبل تشكيل الحكومة-، فأي حكومة تتشكل في هذه الظروف، لابد أن تتوقع الفشل أو لا تأمل في تحقيق نجاح في أحسن الأحوال. كما أن نوع الشراكة السياسية هي بين شريكين غير متجانسين، بينهما تركة سابقة من المشاكل والخلافات، والتي انعكست بالتالي على الحكومة وأدائها.

أولاً: تقييم الحكومة من حيث البناء والأداء

  • من حيث التكوين (حكومة إنقاذ أم شراكة)

• الاستحقاق الأساسي من وراء تشكيل الحكومة هو الوظائف والمهام الإنقاذية كما هو مسماها، للاستجابة السريعة والمرنة للظروف والتعقيدات التي أدت إلى تردي الخدمات العامة، والتي ضاعفها العدوان على شكل أزمات سياسية واقتصادية وخدماتية وأمنية وعسكرية وإنسانية.

• كان الواجب في تشكيل الحكومة تغليب استحقاقات الدور الوظيفي الإنقاذي على الاعتبار السياسي، خاصة أنه معروف سلفاً أنها لن تحصل على اعتراف دولي وبالتالي إذا كان لها من مهمة فهي مهمات خدمية.

• كان أول اختلالاتها هو في جانب البنية، فقد غلب البعد السياسي في التشكيلة، على البعد العملي الوظيفي المهني، وروعي في تشكيلتها تلبية استحقاق الشراكة والترضية السياسية، وجاء إخراجها بهذا العدد (44 وزيراً) وهو ما بات عبئاً عليها، هذا الخلل الجوهري انعكس على أدائها وبالنتيجة لاهي من حققت شراكة ولا هي من أنجزت إنقاذاً .

• غياب مبدأ الكفاءة وتغليب البعد السياسي في بنية الحكومة كان له أثار مدمرة، انعكست في ذاتية وشخصية و"لامؤسسية" الإدارة والقرار، واعتماد الولاء والشللية في التعيين مما جعل الأداء خاضعاً للأمزجة الشخصية لا مواكباً للواقع الموضوعي ومتطلباته، وبالتالي رفع المعاناة عن الشعب وتصليب موقف مواجهة العدوان.

• تحول المفاهيم التوافقية إلى وسيلة للتعطيل والابتزاز السياسي وشل مؤسسات الدولة؛ إذ تتنازعه الإرادات السياسية، دون أن يصبح مؤسسة بذاتها موحدة في قراراتها وقادرة على تجسيد تلك القرارات وفرضها على الهيئات الأدنى. ومن حيث المقارنة يمكن ملاحظة نجاح النموذج الأمني والعسكري، ويعزى نجاحهما إلى استقلال الإرادة والإدارة والقرار عن المفاهيم التوافقية التي تدار بها الحكومة.

• هذه التشكيلة تحولت لمدخل واسع يتيح فرصة للتعطيل والتنصل من المسؤولية، وفي الآن نفسه يصعب وضع معالجات فعالة تحد من القدرة على التلاعب والتعطيل .

  •  الأداء :

• البرنامج الذي تقدمت به حكومة الإنقاذ كان برنامجا فائضاً عن حاجتها، وغير موضوعي إلا أنها لم تنجح إلا بتنفيذ نسبة لا تتعدى الـ 15% من واقع برنامجها، وضمن هذه النسبة هناك أدوار شعبية ساعدت ولا يمكن نسبتها إلى نشاط الحكومة، وهذا مؤشر اخفاق ينذر بالخطر إذا استمر الوضع على ما هو عليه.

• طبيعة المهمة والتركة الثقيلة من المشاكل كانت تفرض على الحكومة أن تنهج أسلوب برامج الأداء الخاصة التي تصمم لمواجهة المشكلات, إلا أن حكومة الإنقاذ لم تستجب لحاجات هذا الواقع الموضوعي، واستمرت في العمل الشكلي الرتيب. فلم يسجل أي برنامج حكومي مزمن في أي من الوزارات لمعالجة تلك التعقيدات والآثار التي خلفها العدوان كما كان مفترضاً. إذ كان ينتظر منها على سبيل المثال، أن تقوم ببرامج هادفة إلى معالجة أزمة المرتبات كأولوية مقدمة على غيرها، وتفعيل الدور الرقابي ومعالجة أزمة المتطلبات المعيشية والخدماتية الاجتماعية، كمسائل ملحة على وجه الضرورة الاستثنائية.

• لم تخضع الحكومة للمجلس السياسي الأعلى الذي يملك حق مسائلتها، ولا استشعرت مسؤوليتها وواجباتها تجاه الأجهزة الرقابية والقضائية، الغير مُفعلة أصلاً، فكان نشاط الحكومة، منفلتاً عن كل رقابة ومحاسبة من مختلف المؤسسات الحكومة والسلطات المختلفة.

• لم تتجسد في نشاط الحكومة الهوية القانونية والنظام العام، فلم يتم تمثيل القانون؛ و لم تعبر في عملها عن وحدة مؤسسية في الإدارة والقرار؛ بل عملت أقسام الحكومة على تمثيل الرغبات والتوجهات الخاصة، لأطراف الشراكة، ناهيك عن وضح حد لخلافات الشريكين في مؤسساتها وكل وزارة تعمل كجزر معزولة ومحمية بالشراكة مما وجه نشاطها إلى مصالح شخصية أو فئوية حزبية ضيقة، ضاربة عرض الحائط بالمصلحة الوطنية التي تتلقى عصف العدوان.

• لم تقم باقتراح التشريعات الخاصة بالمرحلة التي تتجاوز إشكالية نقل البنك. ولم تتمكن من فرض توجيه الإيراد العام إلى البنك المركزي. كما لم تتمكن من توجيه موارد الاحتياطي إلى البنك المركزي لمواجهة فقد الاحتياطي العام. بما يسهم في الحد من تدهور سعر صرف الريال وحفظ النقد الأجنبي في البنك المركزي.

• لم تقم الحكومة بالجهود اللازمة لاكتساب ثقة رؤوس الأموال بالمؤسسات المالية، وخروج هذه الأموال عن النظام المالي الحكومي إلى أنظمة مصرفية خاصة، أو وسائل حفظ بدائية في الخزائن، وهو ما حرم الاقتصاد من كثير من صور الاستثمار والعوائد والتشغيل الائتماني للأموال والسيولة المالية.

• لم تعمل على إيقاف أو الحد من الفساد التي مثل إحدى المهام المحورية للحكومة؛ فلم تتخذ أي خطوات لتأهيل وتفعيل إدارات الرقابة والتفتيش في الوحدات الإدارية التابعة لها. ولم تحاول فرض مستوى مقبول من الشفافية. أو تضع نظام تقارير أداء ملزم. ولم تفعل أو تتفاعل مع تقارير الأجهزة الرقابية الأخرى. ولم تضع آلية للتنسيق مع الأجهزة الرقابية المختلفة. كما لم تتوجه إلى البرلمان لاستصدار قوانين ولوائح لمحاربة الفساد

• لم تُقدم الحكومة موازنة عامة للدولة، واكتفت بما سمي "برنامج الإيراد والإنفاق" وقدمته لمجلس النواب للتصويت عليه، وأصبحت ملزمة بتنفيذه، وهوما لم يحدث؛ فلم تتمكن الحكومة من ضبط الإيراد والإنفاق وفق جدولة متناسبة مع متطلبات المرحلة التي يمر بها البلد.

• لم تقم الحكومة بأي عمل لإصلاح الكادر الوظيفي وتخليصه من "الازدواج" و"الوهمي". بل وزادت على ذلك بمخالفات في جانب التوظيف والتعيين والترقيات دون معايير قانونية.

التوصيات :

إعادة النظر في شكل الحكومة، إما بتشكيل حكومة كفاءات مصغرة جديدة أو أن يتم تشكيل حكومة "إدارة أزمة" أو حكومة "أمنية واقتصادية مصغرة" من الحكومة الحالية وذلك نظراً للاعتبارات التالية:

 الحكومة تمثل قلب الدولة باعتبارها الجهاز التنفيذي للسياسات العامة، وتباشر الوظائف المتصلة بالمواطنين والميدان والوظائف ذات الطبيعة المهنية والخدمية وفي ظرف كظرف بلادنا الذي يتعرض لعدوان، وحالات الطوارئ تضاعف مهمات الحكومة وتحتاج لمرونة وسرعة استجابة بعيداً عن تعقيدات الشراكة والتوافق .

في ظل الوضع الذي تمر به البلاد ومن أهم وأخطر العثرات لمرحلة ما بعد اللجنة الثورية إحالة تحقيق الشراكة إلى الحكومة وتوسيعها لحد التخمة من أجل الشراكة في حين أن الحكومة هي أكثر المؤسسات يجب أن تبتعد قدر الامكان عن تعقيدات الشراكة والتوافق التي يمكن تحقيقها في المؤسسات ذات الطابع السياسي والاستشاري مثل مجلس الشورى.

أنها تمثل مدخلاً سهلاً للتعطيل وإعاقة مصالح الناس، ويكون لها تبعات آنية وسريعة، نظراً للارتباط الوثيق لأنشطة الحكومة بمصالح الناس.

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المركز

مواضيع متعلقة