Logo dark


زيارة بايدن إلى المنطقة العربية والتهديد بإنشاء تحالف ضد محور المقاومة

( رئيس دائرة المعلومات والنشر بالمركز , wajeehtalib@gmail.com )

تأتي زيارة بايدن إلى المنطقة في ظل أوضاع حتمت عليه هذه الزيارة وفرضت أجندتها رغم إرادته ومخالفة لتصريحاته، تأتي على قمة هذه الأوضاع آثار الحرب الروسية الأوكرانية التي انعكست على الغرب في شكل تضخم وغلاء في أسعار الوقود والمواد الغذائية، إضافة إلى التزام أمريكا الدائم بأمن الكيان الصهيوني بإعلان عن تحالف عسكري يدمج الكيان مع بعض الدول العربية المطبعة ويعزز من حضوره في الخليج العربي، وحاجة واشنطن إلى تقديم طمأنة للكيان، والضغط على دول الخليج لرفع انتاج النفط لمواجهة تأثيراته على الشعب الأمريكي وانتخابات الكونجرس القادمة في ظل انكماش شعبية بايدن إلى مستويات متدنية جداً.

كل تلك الأوضاع حتمت على بادين إعادة ترتيب أولوياته السياسية ليقوم بهذه الزيارة ويتخلى عن تعهده بجعل المملكة السعودية دول منبوذة،

تتزاحم الآراء عن أسباب الزيارة وهل فعلاً سيتم الإعلان عن تحالف عسكري؟

وهل هذا التحالف مؤشر على قوة محور الشر المتمثل في الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول المطبعة أم أنه مؤشر على ضعف وفشل تلك الدول؟

وهل يتعارض تصريح الملك الأردني عن تأييده لأي تحالف عسكري مع نفي الإمارات بأنها لم تنخرط في أي تحالف عسكري موجه ضد إيران؟

وفي حال تم إنشاء هذا التحالف هل سيتمكن من مواجهة إيران ومحور المقاومة؟

في جلسة منتدى مقاربات توزعت الآراء بين اتجاهين الأول أن الكيان الصهيوني وأمريكا ستدفع نحو شن ضربة لإيران أو تستهدف أحد أعضاء محور المقاومة باعتباره الحلقة الأضعف، والاتجاه الثاني يستبعد ذلك نهائياً لعدة أسباب موضوعية.

وهنا نورد الاتجاهين مع الأسباب والمبررات التي دفعت نحو كل منهما:

الاتجاه الأول (التحالف العسكري المرتقب سيخوض معركة مع محور المقاومة):

يرى أصحاب هذا الرأي أن التهديدات الموجهة ضد إيران هي محتملة الوقوع بنسبة كبيرة وأن الولايات المتحدة وإن لم تكن قادرة على الدخول في معركة في الشرق الأوسط إلا أنها تريد الزج بالدول العربية في الحرب وتستفيد من تحقيق عدة أهداف:

  • ضرب إيران وتعطيل حركتها وقيادتها لمحور المقاومة.
  • ضرب برنامجها النووي الذي يؤرق الكيان الصهيوني وأمريكا.
  • التضييق على أو ضرب حركات المقاومة في المنطقة (الحشد وأنصار الله وحزب الله).
  • حماية أمن إسرائيل وتقوية نفوذها في المنطقة المتناحرة.
  • بيع المزيد من الأسلحة للدول الخليجية.
  • تثبيت التحالف العسكري فعلياً بقيادة أمريكية صهيونية.
  • إبعاد الدول الخليجية عن أي تقارب مع روسيا والصين.

ويبرر هذا الرأي أن إشعال هذه الحرب ستخدم الولايات المتحدة في صراعها مع الصين وروسيا.

كذلك أن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني تعمل على تحييد دول وحركات في المحور منها سوريا المنهكة والعراق سيدخل في صراع داخلي واليمن تحت العدوان والحصار وحزب الله تحت الضغوط الاقتصادية، وحماس يمكن أن تتعرض لضغوط من قطر وتركيا للدخول في هدنة مع الكيان لضمان إبعادها عن المحور.

الاتجاه الثاني (استبعاد أي ضربة لإيران أو المحور)

الزيارة المرتقبة لبايدن للكيان الصهيوني والسعودية والحديث عن تحالف عسكري (ناتو عربي) ربما كان الهدف منها هو طمأنة الصهاينة بأن الدول العربية تقف إلى جانب الكيان في مواجهة أعدائه اللدودين في المنطقة (محور المقاومة) وهنا نرصد مؤشرات على ذلك:

  • بعد قمة النقب([1]) صرح وزير خارجية مصر أن بلاده لم تشارك في القمة لتشكيل تحالفات ضد أي طرف بل تؤيد العلاقات على أساس الاحترام المتبادل وإن كانت التقارير الإعلامية والتحليلات تؤكد على أن الهدف منها هو إنشاء تحالف ضد إيران.
  • نفي الإمارات أن تكون قد انخرطت في تحالف عسكري تسعى الولايات المتحدة لإنشائه بين دول المنطقة لمواجهة إيران.
  • زيارة الكاظمي للعراق بتوجيه سعودي لإيصال رسائل طمأنة لإيران.
  • عدم قدرة الكيان الصهيوني على الرد على المسيرات الثلاث التي أطلقها حزب الله على المنصة البحرية في حقل كاريش فكيف بالدخول في حرب إقليمية.
  • اهتمام الولايات المتحدة وأوربا بالحرب الروسية الأوكرانية والتي ظهرت فيها الغرب ضعيفاً متخبطاً، وغير مستعد لخوض معركة في المنطقة العربية النفطية.

وغيرها من المؤشرات التي تستبعد أي عمل عسكري ضد إيران فأمريكا التي تمر بمرحلة ضعف ظاهر وخسائر على الجبهات الدولية من فنزويلا وأمريكا اللاتينية -التي تتحول إلى اليسار- إلى أفغانستان وإيران إلى روسيا وأوكرانيا والصين وكوريا الشمالية هذه الظروف لا تسمح لها بخوض معركة في المنطقة، ودول المنطقة تشعر بالخوف الفعلي من قوة إيران الدفاعية التي لم تقف أمام الانتهاكات الأمريكية والبريطانية ولن تتفرج على أي عدوان من جيرانها.

كما أن تلك الدول الخليجية تريد الاستفادة من الأزمة الروسية الأوكرانية التي بدأت تجني ثمارها بعوائد النفط المرتفعة.

من جهته الكيان الصهيوني لا يريد الدخول في حرب مع إيران لأنه يعلم أن المحور سيتحرك ضده في حرب إقليمية تستهدف وجوده توعد بها السيد حسن نصر الله وجاءه التأكيد من اليمن من السيد عبد الملك الحوثي قائد الثورة وباقي المحور، فخوفها ورعبها من رد حزب الله جعلها تبتلع الضربة التي وجهها الحزب إلى المنصة العائمة في حقل كاريش، فالمعهود أن إسرائيل في أوج قوتها كانت تعتدي بداية وعند الرد تقوم برد أقسى في نفس اللحظة ولكن بعد المسيرات الثلاث لم نشهد أي رد بل سافر رئيس وزراء الكيان إلى فرنسا (لها علاقة بلبنان) وإلى اليونان (احتضنت مناورات عسكرية صهيونية) ليبحث عن حلول وضغوط على لبنان وبالتالي فكل ما يقوم به العدو الصهيوني والدول المطبعة بقيادة الولايات المتحدة لا يعدو كونه  طمأنة للكيان الصهيوني.

المعلن عن أهداف زيارة بادين هو أمن إسرائيل بإنشاء تحالف أمني وعسكري، والطلب من دول الخليج رفع الإنتاج لتعويض النقص في أسواق النفط (لكن حسب تقرير أوبك فإن الطلب في النصف الثاني من العام الجاري 2022 ارتفع إلى ثلاثة مليون برميل يومياً ما يعني أن أي زيادة من قبل دول الخليج لن يكون لها تأثير في أسعاره لأنها بالكاد تغطي الزيادة في الطلب)

ومن جانب اقتصادي فالوضع العالمي لا يحتمل الحرب الروسية الأوكرانية فكيف باندلاع حرب في الخليج العربي وانقطاع واردات النفط من المنطقة التي ستتسبب في ارتفاع أسعار النفط بجنون وهو ما لا تحتمل اقتصادات الغرب.

والسؤال الآن ماذا يمكن أن تسفر عنه زيارة بايدن للمنطقة؟

تحدثت مصادر بحثية وإعلامية غربية وصهيونية عن النتائج المرتقبة للزيارة والتي يمكن رصدها في التالي:

  • بايدن يخطط لتشكيل تحالف دفاعي إقليمي في مؤتمر إقليمي، يواصل بايدن سياسة ترامب في "اتفاقيات إبراهيم".
  • الزيارة لتجديد التحالفات التي أقامتها الولايات المتحدة لاحتواء الاتحاد السوفيتي في بداية الحرب الباردة وهي:
  • حلف الناتو في المحيط الأطلسي
  • منظمة معاهدة جنوب شرق آسيا (SEATO) في جنوب شرق آسيا،
  • حلف بغداد في الشرق الأوسط.
  • في سبتمبر 2021، بدأ بايدن وأسس تحالفين دفاعيين هامين ومتصلين بآسيا:
  • تحالف أوكوسAUKUS  يضم استراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة
  • تحالف Quad مع الولايات المتحدة، أستراليا، اليابان، الهند(.([2]
  • هدف هذه التحالفات احتواء الصين والتعاون الوثيق في مجالات عسكرية وأمنية متنوعة.
  • يهدف التحالف الجديد (الناتو العربي) إلى احتواء إيران وسيعتمد في المرحلة الأولى على نظام دفاع جوي ضد الصواريخ الإيرانية وطائرات بدون طيار الهجومية وإجراءات الأمن السيبراني، كما يهدف "تحالف الناتو العربي" إلى منع اختراق الصين لإيران لأن الاتفاق الاستراتيجي الموقع بينهما لمدة خمسة وعشرين عاماً يسمح للصين بنشر حوالي 5000 عنصر أمني في إيران
  • التسريع والارتقاء بما يسمى التطبيع بين الكيان الصهيوني والسعودية وربما دول عربية وإسلامية أسيوية وأفريقية أخرى.
  • سيلتقي بايدن مع القادة الإسرائيليين في إسرائيل لمناقشة الأمن واندماج الأمة في المنطقة).[3])
  • "موضوع إنتاج النفط "بالتأكيد ... سيكون جزءًا من" محادثات بايدن مع المسؤولين السعوديين
  • الحرب في اليمن و "سلوك إيران المزعزع للاستقرار" سيكونان أيضاً من موضوعات المناقشة.
  • مقابل مقايضة حقيقية للغايةيمكن أن يشمل ذلك بيع أسلحة أمريكية للدفاع المضاد للصواريخ من هجمات الحوثيين من اليمن.
  • نقل جزر تيران وصنافير رسمياً من مصر إلى الرياض بموافقة رسمية من إسرائيل ووعد ضمني بإعادة بن سلمان بالكامل إلى المجتمع الدولي.

وهنا نتوقف مع ما نشره موقع صهيوني (إعادة تعيين الحوارات)([4]) يقول عن الزيارة: "ستتم دعوة المملكة العربية السعودية للمساهمة بنشاط في هذه الشبكة الأمنية (الناتو العربي) ليس فقط من وجهة نظر مالية، ولكن أيضًا سياسيًا بشكل متزايد، مع تدخل يهدف إلى استقرار العراق، والسماح للاقتصاد اللبناني بالتنفس، والترحيب باللاجئين الإقليميين والأفغان، والتوسط في صراعات مثل سد النهضة الإثيوبي الكبير بين إثيوبيا والسودان ومصر ، وكذلك زيادة إنتاج النفط من أجل تلبية الطلب العالمي المتزايد بعد مقاطعة النفط والغاز الروسي".

والفصل سيأتي من رد محور المقاومة على هذه الزيارة والتي بدأه السيد حسن نصر الله بإرساء معادلة كاريش وما بعد كاريش وما بعد ما بعد كاريش.

 


[1] استقبل فيها وزير خارجية الكيان نظراءه من مصر والإمارات والمغرب والبحرين بحضور وزير الخارجية الأمريكي.

[2] حسب معهد القدس للاستراتيجيات والأمن.

[3] في تعليقه على قرار نقل الكيان الصهيوني إلى قيادة المنطقة المركزية للقوات الأمريكية في الشرق الأوسط قال مايكل ماكوفسكي، الرئيس والمدير التنفيذي للمعهد اليهودي للأمن القومي الأمريكي: “إنه سيعزز التخطيط الاستراتيجي والتعاون الدفاعي والردع ضد إيران من قبل أمريكا وحلفائها الإقليميين”.

[4] وهو جمعية دولية تأسست في عام 2004 ملتزمة بتعزيز البحوث والمنشورات حول العلاقات بين الثقافات والعلاقات الدولية، والتعددية الثقافية والدينية، والتقدم في حقوق الإنسان. كما يعرّف عن نفسه.

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المركز

مواضيع متعلقة