Logo dark


عصابة 7-7 تاريخ من الثورة المضادة للشعب والخيانة للوطن

( باحث , )

ظهر مفهوم "عصابة 7-7" للدلالة على القوى المنتصرة في حرب صيف 94م، إلا أن هذا المفهوم أوسع من الزمنية التي قُيد بها، فلم تكن هذه "العصابة" مُجرد قوى منتصرة في حرب أهلية ثم سُلطة حاكمة استبدادية على إثر إقصاء شريك الوحدة المهزوم في حرب 94م؛ بل إنها كشكل سياسي ولد في 7-7-1994م مثلت حصيلة للتراكم التاريخي للقوى المضادة لثورتي 26 سبتمبر الجمهورية و 14 أكتوبر التحررية الوطنية، وبالتالي فقد برزت وتكتلت كقوى مضادة للتقدم الاجتماعي والوطني اليمني، يتجاوز عداؤها للحزب الاشتراكي اليمني ولأبناء المحافظات الجنوبية ومؤسسات دولتهم الشعبية سابقاً، ويتجاوز تحالفها المصالح المترتبة عن غزة ذلك العام، وهي وكما كانت من قبل ورغم التغيرات التي طرت في أوساطها ما تزال تحمل تلك السِمات الرجعية وتلعب ذات الدور المعادي لمصالح الوطن والشعب.

 مثلت عاصبة 7-7 ائتلافاً طبقياً حاكماً معادياً لخط التطور التاريخي اليمني، ومتمسكاً بكل شروط ومظاهر التخلف، وخطورة العصابة أنها لم تظهر إلى الواقع السياسي اليمني يوم 7-7 لأول مرة ولم يكن اجتماعها كمعسكر في تلك الحرب مصادفة، فقد عبرت عن "ردة" على الثورة اليمنية، وكتحالف معبر عن مصالح أشد الطبقات والشرائح الاجتماعية طفيلية وظلامية تتضرر مصالحها من الحرية والعدالة والشراكة ومن الانتاج المادي والتطور المعرفي إذا ما تحقق للشعب اليمني.

وقد استوعبت هذه العصابة كل أعداء الحركة الوطنية الديمقراطية اليمنية، أعداء ثورة 26 سبتمبر الذين حكموا اليمن العربية سابقاً من بعد الانقلاب على الرئيس السلال كقوى "جملكية" موالية للسعودية مضادة لأهداف الثورة السبتمبرية ومعادية للجبهة الوطنية الديمقراطية في الشمال، وأيضاً أعداء ثورة 14 أكتوبر، من السلاطين ومن التيارات اليمينية داخل الحزب الاشتراكي المضادة للتحولات الاقتصادية لدولة الرعاية الاجتماعية في الجنوب اليمني آنذاك، التي عُرفت في عام 86 باسم "الزُمرة". هذه القوى الرجعية المعادية لأهداف الثورة اليمنية في الجنوب وفي الشمال، هي التي انتصرت في حرب 94م وكان انتصارها ضربة قاسية للقوى الوطنية اليمنية وللوحدة والديمقراطية ودولة المواطنة والعدالة، وهي الاحتياجات التي يرنو إليها الشعب اليمني اليوم، وثبتها في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، المؤتمر الذي تم الانقلاب عليه من قبل ذات العصابة.

 لم تكن عصابة 7-7 لتنتصر وتتصادم مع خط التطور التاريخي للمجتمع اليمني وعلى احتياجات الشعب والوطن، بدون الدعم الحازم من القوى الأجنبية المعادية لاستقلال وتقدم اليمن. وبفعل الإسناد والمؤازرة التي تلقتها هذه العصابة من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا؛ أمكن لها الهيمنة بتلك الصورة التي شهدها الشعب وثار عليها في 2011م، وضمن لها البقاء حتى اليوم كقوى فاعلة (سلباً) في الواقع اليمني، وبالمقابل فقد مثلت هذه العصابة ركائز محلية للنفوذ والاستعمار الأجنبي، امتداداً لتاريخها المعادي للثورة ووظيفتها التاريخية كمرتزقة للملكة العربية السعودية، فهذا الدور لعبته على مدى تاريخها

 في ثورة 26 سبتمبر 1962م كانت القوى العميلة -من الملكيين و"الأحرار الدستوريين" التي أخذت في تطورها صيغة عصابة 7-7 اليوم- هم الحكومة الشرعية بالنسبة للسعودية وقاتلت بجانبهم وأدخلت البلد في دولاب دموي حتى عام 70م، وفي ثورة 14 أكتوبر 1963م أيضاً كانت هذه القوى وأسلافها من السلاطين والمشائخ والأمراء و "جبهة التحرير" هم القوى الشرعية بالنسبة للسعودية والشعب والثوار "مخربين شيوعيين"، وفي شمال الوطن في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي كانت هذه العصابة بالنسبة للسعودية هي الحكومة الشرعية و"الجبهة الاسلامية" فيما الثوار هم المخربون "والملاحدة الكفار"، وفي صيف 94 أخذت هذه العصابة اسم الشرعية، والاشتراكي والجنوبيين "كفار" و"مرتدين" و"انفصاليين"، وفي العام 2004م كان أبناء الشعب المعتدى عليهم في صعدة "متمردين" "إماميين" "روافض" وهذه العصابة هي الجمهورية و"حماة السُنة"! وفي 2007م سمي المناضلين سلمياً في الجنوب بالانفصاليين وحكومة سبعة العميلة بالوحدوية، وفي العام 2011م كان الشعب هو المخطئ والسُلطة هي الشرعية الدستورية؛ فعالجت السعودية الرئيس صالح فيما صعد الجناح الآخر للسلطة "الإخوان" من الشارع ليتقاسم الحكومة والامتيازات مع حزب "المؤتمر" أي أنه حدث تسوية بين ذات أطراف العصابة وتم وأد الثورة الشعبية، ووصولاً إلى ثورة 21 سبتمبر 2014م سُمي الشعب والثوار بـ "الانقلابيين" فيما أطراف هذه العصابة هم "الشرعية"، ووصولاً إلى هذه اللحظة تُعرف دول العدوان هذه العصابة بالشرعية والثوار المدافعين عن الوطن بـ "الانقلابيين" و"الروافض"، امتداداً لجدلية الصراع اليمني منذ الستينيات، حيث ما هو عميل للسعودية ونصر للوهابية: "شرعية وإسلام"، وما هو وطني: "غير شرعي وكافر"!

حدثت تطورات في أوساط عصابة 7-7 هذه التطورات لم تؤد إلى تغيير هذه العصابة وطبيعة هذا الائتلاف الطبقي الحاكم (الأقلية المُسيطرة)، بل أدت التطورات إلى تغيير مستوى التناسب بين أطرافها وحصصهم؛ حزب الاصلاح وبيت الأحمر من جهة ومعهم تجارهم ومقاولوهم وكبار موظفيهم، وحزب المؤتمر وبيت عفاش ومعهم تجارهم وكبار مقاوليهم وموظفيهم، هذه الحركة داخل هذا الائتلاف الطبقي خلقت المنافسة بين أطرافها ورغبة كل طرف بالاستحواذ على حصة الآخر، إلا أنها لم تصل إلى درجة الصراع التناحري ورغبة كل طرف في تصفية الآخر تماماً؛ فأي طرف في حالة تصفية الطرف الأخر ينقلب على الأسس الطفيلية الغير مشروعة التي يرتبطون بها، ويؤدي إلى إضعافهم كحلف طبقي يُدافعون عن مصالحهم موحدين حين تتضرر كضرورة اقتصادية في الوقت الذي يكونون فيه على المستوى السياسي بحالة خلاف سياسي، وفي مؤتمر الحوار الوطني الشامل تجلى التناغم بين المؤتمر الشعبي العام، وبين التجمع اليمني للإصلاح ووقفوا موحدين ضد الرؤى الوطنية الديمقراطية التي تدعو الى العدالة والشراكة والتعدد والتنوع وإلى قانون العدالة الانتقالية وقانون استعادة الأموال المنهوبة وعلى توصيات قضيتي صعدة والقضية الجنوبية إلى آخر القضايا الذين هم موحدين فيها وتجمعهم المصالح الطفيلية في الوقف ضد حلها حلاً عادلاً.

وفي مرحلة العدوان الراهنة، يتجلى الترابط بن أطراف عصابة 7-7 برعاية الإمارات والسعودية، يصطفون معاً ضد القوى الوطنية الرافضة للعدوان؛ فوحدة مصالحهم هي في مواصلة الوقوف ضد التقدم الاجتماعي اليمني، والتقدم الاجتماعي مشروط بتغيير أسس الواقع الاقتصادي السياسي العسكري الذين يهيمنون عليه في إبقاء واقع التخلف، إلا أن ثورة 21 سبتمبر 2014م المجيدة بقيادة أنصار الله استطاعت أن تزعزع هذا الواقع وتحرز تقدمات ثورية كبيرة ضد هذه العصابة التي تحاول العودة على بارجات الغزاة وبالقوة الإماراتية والسعودية.

إعادة أطراف عصابة 7-7 إلى امتلاك زمام السُلطة في اليمن هي قبل كل شيء ضرورة أجنبية تقف خلفها السعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا وفرنسا، فمن أجل الاستتباب للاستعمار الداخلي ونفاذ الهيمنة الأجنبية تحتاج دول العدوان هذه إلى تلك الركائز المحلية التي أثبتت تاريخاً عمالتها وعدم انتمائها للوطن اليمني وللجمهورية والوحدة والديمقراطية والعدالة.

وتتفق الرغبة الأجنبية مع مصالح هذه العصابة، وفي عدن والجنوب اليمني تتركز الملكية الاقتصادية الطفيلية التي نهبتها هذه العصابة، وعلى الرغم من الفرصة التاريخية للقوى الوطنية اليمنية والثورية والديمقراطية في التخلص النهائي من الركائز المحلية للاستعمار ومن القوى المضادة للتقدم اليمني، إلا أنه من المؤسف أن نجد النخب السياسية للقوى المُستضعفة مثل الاشتراكي والناصري والانتقالي الجنوبي تقف مع هذه العصابة ومع تحالف الاستعمار، ضد حقوق الشعب وحقوقها ومظلوميتها التاريخية، وتدفع بمن لا زالوا يثقون بها من أنصارها إلى الوقوف مع الحرب الاستعمارية العدوانية الرجعية اللاديمقراطية.

الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر المركز

مواضيع متعلقة